محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
ما من شك في أن الشيطان يوم القيامة سيظهر على هيئة ملتحي إخوانجي كما تبين ذلك أحداث الحرب الأهلية الراهنة والتي كان أسوأ ما فيها هي أنها أفسحت المجال لنشوء طبقة انتهازية ولصوصية واسعة تعتاش وتكدس ثروات هائلة من عرق البسطاء والمكدودين.. أمثال “البعداني” صاحب مشروع الكهرباء التجاري في منطقتي التربة والمركز- شمايتين- حجرية، والذي نجح على ما يبدو في عقد تحالفات انتهازية ولصوصية مريعة مع مسؤولي أوائل السلطات المحلية والأمنية في المديرية، وعلى رأسهم رئيس مجلسها المحلي عبد العزيز ردمان، ذو السحنة والعقيدة الحركية والفكرية الإخوانجية الصرفة، بطريقة أتاحت للأول - “البعداني”- إرهاق المجتمعات المحلية بأسعار الطاقة الخيالية وغير المعقولة أصلاً، والتي تعدت تدريجيا وبشكلها الرسمي سقف الألف الريال للكيلوواط الواحد بدرجة أجبرت أغلب مستهلكي الطاقة في المناطق المذكورة، من أصحاب البيوتات الاجتماعية والمحال التجارية والورش والمعامل الإنتاجية إلى التقنين من حجم استهلاكهم اليومي للطاقة إلى أدنى حدود المنفعة الحياتية بمستوياتها الدنيا، رغم أنه حتى تلك الإجراءات التقشفية المفرطة من قبل المستهلكين لم تحد في الواقع من ارتفاع أسعار الطاقة المطرد في فواتير البعداني والتي لم تعد مقرونة بحجم الاستهلاك الفعلي أو بعدد الكيلوهات المفترضة، بقدر ما باتت تتسم بالنهج اللصوصي العلني والثابت والمسنود من دوائر صنع القرار المحلي في المديرية متخطية بذلك سقف الأسعار المقرة بنمطها الاستغلالي، ما يجعل من فاتورة الجباية الأسبوعية لـ”البعداني” هي ذاتها في كل مرة.. سواء استهلكت كيلو واحد أو عشرة.. لا فرق، وبصورة لا تحتاج إلى تأويل، بالنظر إلى تعدد حصص الغنائم المكتسبة من وراءها، والموزعة هنا وهناك على إيقاع “يا فرح يا سلى”.
فـ”البعداني” شخص لم يكن قبل الحرب المشؤمة معروفا لا في نطاق مديريتنا التي تحولت بقدرة قادر إلى بقرة حلوب لأمثاله من الطفيليات الدخيلة على حياتنا.. ولا حتى في نطاق منطقته (بعدان) التابعة إداريا لمحافظة إب، والتي كان يعمل فيه وإلى وقت قريب جداً كعامل لحام أنابيب معدنية، قبل أن يحط رحاله في الشمايتين مدفوعا بأحلام الثراء الإمبراطوري غير المشروع.. مستفيداً في المقام الأول من هويته الحركية الإخوانجية التي منحته تأشيرة مرور آمنة تكفل له حق بناء إمبراطوريته من عرق البسطاء والمكدودين والمتعبين والمعذبين، ومحفزا من الناحية الأخرى بعقيدة الهيمنة والتفيد الإخوانجي المحموم والمستعر باستعار لهيب الحرب للسطو على كل مظاهر الحياة الإنسانية من حولنا، خصوصاً وأن السؤال الذي ينشأ بإلحاح في هذه الحالة يتمحور ربما وبشكل أساسي حول سر اختيار هذا “البعداني” لمنطقة الشمايتين - التربة وتوابعها تحديدا، عوضا عن منطقته مسقط رأسه (بعدان) أو غيرها من مناطق البلاد الغارقة في مجملها في نفق معتم من الفوضى والتعثر والعدمية.
لتأتي الإجابة واضحة بصورة لا لبس فيها، وهي أن الشمايتين تحولت ومنذ بداية الحرب الراهنة وعلى ضوء نتائجها الكارثية، مثلها مثل مدينة مأرب، إلى قلعة إخوانجية منيعة بامتياز، وإلى نقطة استقطاب رئيسية لأتباع ومريدي حزب الإصلاح الديني ومبشريه الأيديولوجيين والحركيين الذين تقاطروا ومن ضمنهم هذا “البعداني” المشؤم، من شتى مناطق اليمن للنهش في بدن هذه المديرية والمديريات المجاورة لها، كالمواسط والمعافر وغيرها، والتي تضاعفت نكبات أبنائها وقاطنيها بصورة مزدوجة، نجمت في شقها الأول عن ظروف الحرب والفوضى الراهنة.. وفي شقها الآخر، عن توقف عجلة التاريخ المدني والإنساني في حياتهم وفي محيطهم، لتحل محلها صرخات أصحاب الفتوحات المشوبة بغلظة وجوه أصحاب العمائم والسكسوكات واللحي المسربلة من سماسرة الرذيلة، ما يجعل من إمكانية خلاصهم - كمجتمعات محلية - في المدى المنظور أمرا بعيد المنال حتى في حال تحقق السلام في بلادنا في قادم الأيام.

 الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن ـ رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة في اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات