محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
هل تعلمون أن الهدف الأول للإعلان العالمي لحقوق الإنسان المقر في العام 1948م من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي ينص صراحة على أن جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوون في الحقوق والواجبات... إلخ، هو مقتبس في الأصل أو لنقل منقول حرفيا -إن جاز التعبيرـ من أدبيات الثورة الفرنسية الكبرى في العام 1789، كون هذا الهدف هو ذاته الهدف الأول للثورة الفرنسية الذي صاغه البروفسور الفرنسي الشهير "مونتيسكيو" المعروف في القرن الثامن عشر بكبير مشرعي قوانين الثورة الفرنسية وكبير مشرعي القوانين الأوروبية أيضاً، والذي صاغ معظم أدبيات الثورة الفرنسية بما فيها أهدافها التي تتسم بالسمو الأخلاقي على الصعيد الإنساني.
لكن ما لا يعلمه الكثيرون ربما هو أن هذا الرجل (مونتيسكيو) الذي يعود إليه الفضل في ابتداع وصياغة أرقى الأهداف وأكثرها سموا على الصعيد الحضاري والإنساني، كان معروفا في الوقت ذاته بتعصبه العنصري البغيض ضدنا (ذوي البشرة السوداء) إلى حد أنه قال فينا ما معناه أن "الرجل الأسود لا يمكن أن تسكن فيه روح الخير أبدا".
من وجهة نظري فإن هذا الموقف لا ينقلنا فحسب إلى عالم الطبقات السياسية المغلق بكل إفكه ووضاعته وانحداره الإنساني بقدر ما يمنحنا في الوقت ذاته صورة واضحة ومبسطة عن عمق وفداحة آفة العنصرية المتغلغلة في عمق الذات البشرية إلى حد أنها ظلت ولا تزال تشكل على مر التاريخ مفاهيم ومعتقدات اعتبرت لدى كثير من الناس حقائق، بل ومن مسلمات الحياة اليومية.
فلا فرق في هذا المنحى ما بين البرفسور مونتيسكيو وجموع الملتحين في بلادنا، الذين يحتكرون منذ زمن الحديث باسم الله، مع أن الرب لم يسكن قلوبهم قط.
وليس أدل على ذلك من مقارنة نظرة مونتيسكيو مع أحد المواقف حديثة العهد للمدعو محمد الحزمي، رئيس مجلس شورى حزب الإصلاح والمبشر الديني الإخونجي المعروف بتصوفه العنصري، حيث لا يزال العديد من الأصدقاء والمثقفين ورفاق النضال يتذكرون ما قاله يوما هذا الرجل في شخصي عبر وسائل الإعلام الإلكتروني وتحديدا في أواخر العام 2008، وذلك عقب لقائي آنذاك أنا وزميلي نعمان الحذيفي وآخرين من قادة الاتحاد بالسفير الأمريكي بصنعاء.
ففي سياق رده الفوري على ما طرحته أنا للسفير الأمريكي آنذاك من أن الخطر المحيق بالعملية المدنية والديمقراطية في اليمن يكمن في تنامي قوى الإسلام السياسي، قال الحزمي في اليوم ذاته وعبر صفحته الرسمية في الفيس ما معناه "حتى الأخدام، أرذل وأنجس خلق الله، يتطاولون على الدين والعلماء..." إلى آخر ذلك من نعوت ربما أراد الحزمي من خلالها التأكيد على مقولة أن الإسلام متفرد في اختلافه عن الأديان الأخرى، كون القرآن لا يحتمل أية تأويلات يسارية من النوع الذي نجده في المسيحية كـ"لاهوت التحرير" على سبيل المثال.
إنها آفة العنصرية بالتأكيد وليست آفة الدين الذي لو طبقت نصوصه وتعاليمه بصورة موضوعية وسليمة لكان الحزمي وأمثاله هم من يقدمون لي الحساء مع وجبة العشاء وليس العكس.
خلاصة القول: هل يا ترى وإزاء هذا الواقع لا يزال رفاقنا من قادة فئاتنا المنبوذة واهمين ومقتنعين بأنه سيكون بمقدورنا معشر "المهمشين" شن كفاح سياسي عادل ومثمر إذا ما شرعنا بتأسيس حزبنا الطبقي وسط هذا المجون الفلسفي والعنصري البغيض؟!

الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن ـ رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة في اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات