فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
ارتبطت اليمن مع دول الخليج بعلاقات ممتازة قامت على الأخوة الصادقـــة والاحتــــرام المتبادل، وتميزت هذه العلاقة بحسن الأخوة ورباط متين للتعاون، ولا ينسى اليمن بشطريه ما قدمته له دولة الكويت من مشروعات تنموية رائدة، كعشرات المدارس وعشرات الملايين دعماً للاقتصاد الوطني ورفد الميزانية في الظروف البائسة التي عاشها اليمن خاصة بعد قيام الثورة اليمنية.
وبرز التعاون بشكل واضح ماثلاً في جامعة صنعاء واعتماد ميزانية لهيئة التدريس بجامعة صنعاء، إذ كانت الكويت تقدم لجامعة صنعاء نخبة من أساتذة جامعة الكويت؛ وتقدم مرتبات أساتذة الجامعة الموفدين من مصر العربية، كما تقدم نسخة من مصادر ومراجع الكتب للمكتبة المركزية بجامعة صنعاء...
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفنُ؛ فللأسف أن تدخُّل بعض دول الخليج (السعودية أنموذجاً) ومن خلال طمعها التوسعي «الاستقطابي» حاولت جاهدة أن تعكر العلاقة الجميلة بين دولة الكويت واليمن، فالسعودية حاولت استقطاب اليمن بشكل فج وإبعاده عن المسار الكويتي الذي كان يهدف -ومن منطلق قومي- لدعم اليمن بدون أي مصلحة ذاتية؛ إلا أن السعودية كانت تضغط وبشكل مستمر على الكويت لتغيير المسار، وكانت مشكلة الحدود بين المملكة واليمن على رأس هذه الضغوط، فعلى اليمن أن يرضخ في مسألة الحدود للرغبة السعودية، وعلى الكويت أن تساهم في إجبار اليمن على الاستجابة للإرادة السعودية، بينما كان الكويت يرفض هذا الضغط. وبينما كان الضغط إلى درجة الحنق السعودي من السياسة الكويتية، إذا بالكويت تتخطى هذه الإرادة، ففي أوائل السبعينيات زاد هذا الضغط إلى درجة أن حاول السعوديون النيل من السيادة اليمنية عن طريق وقف مساعدات هزيلة كانت تقدمها المملكة لليمن، مما جعل الكويت تثير غيرة السعودية بإنشاء هيئة الجنوب والخليج العربي، لتدعم الشطر الجنوبي، الذي كان السعوديون يعتبرونه ماركسياً يهدف إلى قلب نظام الحكم في الرياض، فازداد الدعم الكويتي للشطر الجنوبي، وكان السيد أحمد السقاف، الذي عمل مندوباً للهيئة العامة للجنوب والخليج العربي في وزارة الخارجية الكويتية، هو صلة الوصل بين الكويت واليمن بشطريه، وكان بدبلوماسية بارعة يلوم سياسة السعودية إزاء اليمن... باختصار: السعودية تواصل أذاها لعلاقات الأشقاء، وتحاول السيطرة على دول الخليج، ليس من حيث نهبها للبترول - كما هو الحال في (الخفجي)، أو كما هو الحال في استقطاع أراضٍ من العراق وسلطنة عمان والبحرين، بل السعودية تسلك سياسة الابتزاز، ويستمر أمراء السعودية في إنجاز سياسة الملك عبدالعزيز بن سعود لتوحيد الجزيرة تحت سلطة متهورة لتحقيق «مملكة نجد» المترامية الأطراف، من خلال تلفيق شعار «المملكة الإسلامية» ورفع «علم التوحيد» وخلاص المنطقة من «الشرك البواح» الذي يدين به الضالون غرماء الشيخ النجدي محمد بن عبدالوهاب وأمراء بني سعود.
نود أن تتخلى السعودية عن الوهم الإمبريالي الإمبراطوري، حفاظاً على الأخوة الإسلامية والقيم العربية، فإنما المؤمنون إخوة، ورحم الله شيوخ الكويت، الذين لا ينسى أهل اليمن كرمهم ولا مواقفهم.

أترك تعليقاً

التعليقات