فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

من أوائل الستينيات حتى منتصف سبعينيات القرن المنصرم كانت بوابات العالم مواربة أمام تدفق الزائرين الخليجيين خاصة السعوديين، وكانت الزيارات إما للاستشفاء أو السياحة، ونشط السعوديون من منتصف السبعينيات وهي منطقة الطفرة البترولية حتى الثمانينيات، فتحت أبواب أوروبا وأمريكا على مصاريعها أمام الخليجيين وخاصة السعوديين للدراسة والسياحة، ولم تكن محاولات الدولة السعودية للحد من هذه الظاهرة التي ستعلن عصراً جديداً يساعد في تغيير البنية الاجتماعية بما في ذلك فتوى ابن باز، غير حرث في الهواء، ومفاد هذه الفتوى عدم السماح بالسفر سياحة أو دراسة إلا بشهادة حضور ندوات توجيهية لمدة بضعة أشهر، كيلا يسقط الشباب في بئر المغامرات السلوكية التي تظهر الشباب السعودي كأنه في سباق مع لذاته وشهواته..
ولما لم تفد هذه الفتوى "البازية" ترك الحبل على الغارب وبدون قيود، غير ذلك القيد والمعمد بأحاديث نبوية تمنع المرأة السعودية من السفر إلا مع ذي محرم، وهو ما أباحه حديثاً النظام السعودي بضغط من جهاز "الترفيه" البديل لجهاز "المطاوعة"، والذي تولى كبره "مقبح" بن "هلكان" كمضمون "عهد الولاء والبراء" للنظام الأمريكي، وبموجبه رفع شرط "المحرم" لتصبح المرأة السعودية حرة في السفر إلى الخارج، مع حقها في السفور والعمل كبائعة في المتجر وقيادة السيارة والاختلاط مع الرجال في المناسبات الجماهيرية كمناسبة مباريات كرة القدم..
ولأن النظام السعودي مغلق، فإن أحداً بإمكانه افتراض مناوئين للنظام الحاكم، بعد أن تعرف الشباب والشيوخ معاً على نظام الحياة في أمريكا وأوروبا وعلى سلوك المجتمع الجديد خارج المملكة، وهو سلوك مخالف ـ قطعياً ـ لنظام الوراثة السعودي في الحكم وفي السلوك الشخصي والعام.
والسؤال الذي يفرض نفسه: ألا يوحد من يقف أمام هذا النظام لردعه والانقلاب عليه؟ ألا يوجد داخل هذه المؤسسة أو المؤسسات من يرى أن هذا النظام لم يعد صالحاً ويجب القضاء عليه..؟ أين الشباب المثقف المستنير؟ أين الضباط الأحرار؟ نعلم جميعاً أن النظام السعودي يطبق في حق من تسول له نفسه ليس الخروج على النظام بالحراك النضالي، بل من ينتقد هذا النظام، العقوبة بالإعدام، يستوي في الإعدام منابر المساجد أو كتاب الصحف، فلماذا أعدم خاشقجي. ولماذا حكم على علمائهم بالإعدام كسلمان العودة والشيخ النمر وغيرهم؟ وخارج هذا الافتراض أن ثورات بدأت تشتعل في الوسط السعودي، غير أن لا أحد يراقب هذا الاشتعال في ضوء القبضة الحديدية للنظام.

أترك تعليقاً

التعليقات