فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
توشحت اليمن، شمالها وجنوبها، بعطر الصلاة على سيد الخلق وأشرف الكائنات، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. ورغم أن بعض قرى اليمن قد تأثرت بالفكرة التي انطلت على بعض العوام الذين خرجتهم المدارس الليلية السعودية، فإن حب الرسول الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم رضعت لبانه أفئدة اليمنيين، ومثل هذا الحب الصادق الصافي يقاوم كل جهالة وضلالة!
كانت سياسة ماكرة انتهازية حقيرة تلك التي نشأت بالتعاقد بين الشيخ النجدي محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود أواخر القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي في منطقة نجد مطلع قرن الشيطان؛ إذ تقاسم الاثنان أن تكون الدنيا لمحمد بن سعود والآخرة لابن عبدالوهاب. وباسم الإسلام الصحيح -كما يزعم ابن عبدالوهاب- استغل ابن سعود هذه القسمة الفاسدة لصالحه، فزحف على حدود البلدان المجاورة، حتى وصلت جنوده إلى كربلاء بالعراق، وسار على نهجه حفيده عبدالعزيز بن عبدالرحمن، والد العاهات والحيات فيصل وفهد وسلطان، فسرقوا أراضي الجوار في كل من الكويت والعراق واليمن وعمان والبحرين... الخ، واخترع الحاكم الوهابي مصطلح «الإخوان»، الذي أعجب حسن البنا.
ونعرف -باسم الإسلام- ماذا صنع هؤلاء الإخوان في نجد، من تدمير آثار الإسلام في كل المنطقة، وخاصة آثار سيدنا محمد عليه صلوات الله وسلامه. وإذا كانت السيرة النبوية قد حددت بخرائط طبوغرافية أماكن الغزوات تحديداً دقيقاً متواترة الأخبار زماناً ومكاناً فإن جرافات الوهابية قد محتها محواً، وعلى سبيل المثال أن جبل «أحد» لم يعد جبلاً وإنما أصبح موقف سيارات مفتوحا يتنزه فيه ساكنو المدينة المنورة، ولم يعد ما يسمى «جبل الرماة». وكذلك مكان ولادة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي عُرف باسم «مكتبة عارف حكمت». وكذلك قامت الجرافات بمحو مقبرة البقيع. والذي أغاظهم في ذلك أسماء الصحابة الأجلاء وكثير من أسماء آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأبيها وابنيها الحسن والحسين.
وأراني أستاذ في جامعة المدينة المنورة آثار الخندق الذي صد «الأحزاب» الذين نزلت فيهم سورة «الأحزاب»، وقد دمرت. بالإضافة إلى كل ذلك آثار كثيرة كطريق «بدر» بين مكة والمدينة، وأبدلوها بطريق آخر «غير شركي». وعلمت أن بلدته مكة كانت تخطط لتدمير بيت النبي الكريم محل ولادته؛ إلا أن ملك الأردن ورئيسي مصر واليمن اتصلوا بالملك فهد برجاء ألا يهدم هذا المعلم المبارك، فلبى الرجاء.
إن هذه المعالم الكريمة في «هدي» قرن الشيطان تعد أماكن «شركية». كما أن هذا القرن المكسور قد لجأ إلى مكر أشد ضلالاً، وهو أن تسارع الوهابية إلى استغلال ظروف اليمنيين الذين ذهبوا للضرب في الأرض يبتغون من فضل الله والذين لم تسمح لهم ظروف العمل بالدوام نهاراً، ففتحت لهم مدارس ليلية حالكة الظلام ليدرسوا مناهج وضعها العلماء غير الأجلاء كابن باز حفيد محمد بن عبدالوهاب، وابن عثيمين وصالح الفوزان، فلما عاد كثير من خريجي هذه المدارس الظلامية إلى اليمن ارتقوا مراقي صعبة في المدن والقرى، يذكروا إخوانهم اليمنيين ويدعونهم إلى «الإسلام الحق»، وشجعهم على ذلك علماء غير أجلاء لينسقوا مع مقررات اللجنة الخاصة، وارتأوا أن خير دليل وأمضاه على الولاء للوهابية هو تأسيس المعاهد العلمية، لتكون المحصلة جيلاً طليعياً مجاهداً وفق شيوخ البيعة، يكتب على وثيقة مخرجة «الشيخ والشيخة» من شيوخ جامعة الإيمان ليكفروا إخوانهم اليمنيين.

أترك تعليقاً

التعليقات