فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

أتيح لي زيارة بعض البلدان الأجنبية، أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا.. ولقد كنت أشتاق لبلدي أول ليلة اغتراب، فأبحث عنها في التلفاز، في نشرة الأخبار مثلاً، فيسقط في يدي فلا أجد بلدي الغائبة ولا أجد بلد الغربة التي تلابسني الآن، اللهم إلا في ما يسمى الإشهار (الإعلان).. فإشهار البيبسي كولا يتصدر نشرة الأخبار، وأخبار صغيرة مدفوعة الأجر لافتتاح مسبح يتيح للكلاب استحماماً بالشامبو مع وجبة سمك طازجة، أو اتفاق بين فنان مشهور وصديقته على الطلاق بعد أن ضبطته زوجته متلبساً بحالة "حب" مع صديقته الجديدة.
وفي استطلاع أجرته صحيفة "نيويوركر" اتضح أن غالبية الشعب الأمريكي لا يعرفون اسم رئيسهم، عدا رؤساء استقالوا أو أقيلوا وارتبطت أسماؤهم بفضائح أخلاقية مثل بيل كلينتون، الذي وعلناً حوكم إثر فضيحة جنسية مع الفتاة اليهودية مونيكا، ومثل ريتشارد نيكسون، بفضيحة "ووتر جيت". ومعنى هذا أن إعلامنا العربي مجيّر للحكام، فنشرات الأخبار تخصص لأصحاب الفخامة والجلالة، إضافة للقب أمير المؤمنين أيده الله في بعض البلدان. أما أخبار الشعب فهي مثل الشعوب العربية الغالبة. وقال صديقي الذي يجيد اللغة العبرية إن الإعلام "الإسرائيلي" مسخر للتنمية من خلال ندوات الخبراء ومناظرات الوزراء، وهناك قنوات خاصة تربوية تكرس العنصرية العرقية القائمة على أن اليهود أبناء الله وأحباؤه. وعجب أن خصص اليهود قناة للأخبار وحوارات تنتقد أداء الحكومة بكثير من الصراحة كالقناة العاشرة.. أما إعلامنا العربي فكهنوتي كذاب في معظمه، مثال ذلك قنوات العربية التي لازالت جيوش المقاومة تحاصر -زوراً- مطار صنعاء منذ 4 سنوات.
من حيث الإمكانات فإن العرب يملكون إمبراطوريات إعلامية، ورفض حمد بن جاسم آل ثاني، قبل سنوات، عرضاً لبيع "الجزيرة" بمبلغ 20 مليار دولار أمريكي، ومجمل القول: ليس من مصلحة الحكام العرب وجود إعلام تنموي لأسباب يعلمها غالبية الناس.

أترك تعليقاً

التعليقات