فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

بدهي أن تصدر الثورات عن نوعين للوسائل والأهداف كليهما، وإذ ندرس عصور الأدب في المعاهد والجامعات كالعصر الجاهلي وبعده صدر الإسلام ثم العصر الأموي ثم العباسي حتى نصل إلى عصر الانحطاط الذي كان عصراً تجزأت فيه الدول العربية والإسلامية، فإن هذا التتابع الزمني الذي يثبت ارتباط السياسة بالفكر بشكل عام على نحو ما لم يقفنا كثير من المؤرخين على أسباب الازدهار والانحطاط إلا بشذرات لا تكاد تسمن ولا تغني من جوع، ويتتابع الزمن فيصلنا ـ حالياً ـ بما مضى من عصور ولا نكاد نقف على حقائق الأشياء وبخاصة السياسية، لأننا نعيش مشكلاً خطيراً يدل على انفصام في الذات العربية الإسلامية، هذا الانفصام الذي يجعل من الفكر هلامية وضبابية، ذلك أننا نعيش من خلال هذا الانفصام الشخصي اضطراباً في المصطلح، وإذا ما أردنا أن نعلل هذا الاضطراب والانفصام فليس أمامنا إلا "نسق" المعاناة الصادرة عن مصطلحات السلطة التي تتوزعها تسميات مشبوهة غير واضحة المعالم كـ"الخلافة" و"الملكية" و"الجمهورية".
لقد شاع في العصر الحديث مصطلح "الديمقراطية"، وهو المصطلح المضلل، إذ يفهمه كل على مستوى طبقته وفئته، بل على موقعه من الحكم أو انتمائه للشعب بعبارة ثانية أن عداوة متصلة لا يعلم إلا الله مدى اتساقها مع مفهومات واضحة نتمنى أن نعيشها في عصرنا الراهن، فالحاكم والقائد يفهمها كما يريد، والشعب المقود يفهمها كما يريد، ومعنى ذلك أن هذا المصطلح أو ذاك لا نكاد نجد له مفهوماً دقيقاً، فالشعوب التي تثور الآن ضد حكامها تحتل الميادين العامة والشوارع، لم تصدر عن مفهوم دقيق للمصطلحات التي تنادي بها قدر ما تصدر عن إحساس ذاتي بالشعور بالظلم والاضطهاد وعدم المساواة والأنين وعذابات أخرى جم كثيرة، وهو إحساس فطري خالص، وليس إحساساً مفهومياً.
والأمثلة كثيرة تلك التي تصور انفصام شخصية العربي المسلم في العصر الحديث، فمواطن قد يدعي أنه ينتمي إلى حزب ما، ولكن الحزب ذاته الذي تنتمي يافطته الإعلامية إلى الديمقراطية، لا يعلم ما يدور داخله.
ولا صلة ـ أكاد أجزم ـ بينه وبين قيادة حزبه ككثير من "الإصلاحيين" الذين لا يجيبون على سؤال بدهي: ماذا تفعل قيادته في الرياض؟ بل ولا يكاد يعلم ما هو الدافع وراء سلوك بعض أفراد هذا الحزب حينما يضعون إحداثيات لقصف المدنيين في بلادهم.
إن تفريخ الحزب لعدة أحزاب كما هو الحال في بلادنا، ليس إلا ناتجاً عن فكرتين رئيستين: الأولى خيانة بعض الفئات بدافع الولاء لمصالح خاصة، أما الفكرة الثانية والأخيرة فهي صادرة عن فكر مشوه للمصطلح.
بعبارة ثانية أن "المسيرة القرآنية" مصطلح هداية واضحة لمن أراد سواء السبيل، وفي هذا المصطلح الواضح ما يجعلنا أسوياء الشخصية والسلوك، وواجب جهاز الإعلام والأجهزة الموازية كالمسجد والتربية والتعليم، أن يفهموا هذا المصطلح على حقيقته فهماً دقيقاً، لنتمكن من السير بهدوء وسلام وأمان.

أترك تعليقاً

التعليقات