المديح النبوي في الشعر اليمني
- أنس القاضي الجمعة , 30 أكـتـوبـر , 2020 الساعة 7:12:24 PM
- 0 تعليقات
أنس القاضي / لا ميديا -
رحلة الشعر اليمني مع رسول الله لا تنتهي. كان الأنصار اليمنيون هم أول من استقبل رسول الله بأنشودة «طلع البدر علينا»، ومن اليمانيين حسان بن ثابت الأنصاري، شاعر المصطفى. ولا يأتي عصر إلا وظهر فيه شاعر يمني مُجيد يتغنى بحب سيدنا محمد. وبطبيعة الحال فإن المشارف الثقافية الإسلامية لليمنيين بمختلف مذاهبهم، شافعية وزيدية وإسماعيلية وجعفرية، يُجمعون على إجلال مقام المُصطفى وحب آل البيت.
أمير شُعراء اليمن الحسن بن علي بن جابر الهبل
ولد الهَبل في صنعاء في القرن السابع عشر، ونشأ فيها محباً لرسول الله وآل بيته، في بيئة أدب وعلم زيدية. كتب الهبل معظم أشعاره في محبة آل البيت. ويُعد الهبل من أبرز الشخصيات الزيدية التي خلدت إرثاً أدبياً مميزاً في التراث الإسلامي والإنساني. وللهبل قصائد كثيرة في المصطفى وآل بيته. ومما قاله:
قالوا امتدحْ سيِّد الكونين. قلت لهم
يجلّ عن كَلِمي قدراً وأَشعاري
ماذا عساه يقول المادحون وقـد
أثنى عليه بما أثنى به البَاري
وقال الهبل في آل بيت رسول الله:
مَدْحِي لكم يا آلَ «طهَ» مَذْهبي
وبهِ أفُوزُ لَدى الإِلهِ، وأُفلحُ
وأودُّ -من حُبّي لكُمْ- لو أن لِي
في كلِّ جارحةٍ لسَاناَ يَمْدَحُ
وقال أيضاً:
أولئك أبناء النبي محمد
فقل ما تشا فيهم فإنك لا تغلو
فروع تسامت، أصلها سيد الورى
وحيدرة يا حبذا الفرع والأصل
الشيخ العارف بالله أحمد بن علوان العلوي اليماني
صفي الدين أحمد بن علوان شاعر وفقيه شافعي. عاش في القرن السادس الهجري في تعز. كان قطباً صوفياً استقل بطريقة خاصة عرفت بالعلوانية وصلت زواياها في زمنه إلى المدينة المنورة. له ديون شعري مليء بالأنوار ومديح محمد وآل محمد اسمه «الفتوح»، وكتب أخرى في العرفان.
ومن قصيدة لابن علوان يصف الشوق لزيارة مقام المصطفى في المدينة المنورة وحبه لآل بيت رسول الله:
ذكر المقام لدى المقام وزمزما
فارتاح بلبله الفصيح ورنما
صبٌّ أطار الشوق واصف سره
فبحيث خيمت الأحبة خيما
إقليمه إقليم آل محمد
في الأرض كان مقامهم أو في السما
تسري سرائرهم إلى أسراره
فلذاك أفصح سره وتكلما
يهدي النسيم إليه من نفحاتهم
سراً تحيط به العقول ومعجما
أرواحهم مزجت بروح فؤاده
فإليهم اتخذ العزائم سلما
عبدالرحيم البرعي التهامي
شاعر ومتصوف يمني من العصر الرسولي، من أبناء منطقة برع. في تهامة اليمنية. له ديوان منشور، أغلب قصائده تصب في الثناء على الله وإظهار نعمه والدعاء والتضرع. إلا أن لب ديوانه المنشورة في مدح المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. ومما جاء في قصيدة البرعي في مدح المصطفى:
كأني بزوار الحبيب وقد رأوا
بيثرب نوراً في السماء تصعدا
وهبَّت رياح المسك من نحو روضةٍ
أقام بها الداعي إلى سُبلِ الهدى
محمدٌ الحاوي المحامد لم يزل
لمن في السماء السبع والأرض سيدا
ثمالي ومأمولي ومالي وموئلي
وغاية قصدي حيث لم ألق مقصدا
شددت به أزري وجددتُ أنعُمي
وأعددتهُ لي في الحوادث مُنجدا
الحبيب عبد الله بن علوي الحداد الحسيني الحضرمي
عاش في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين في حضرموت. لقب بشيخ الإسلام، وهو من أبرز الشخصيات الإسلامية في المناطق الجنوبية والشرقية من بلادنا. له مؤلفات عديدة في التربية والسلوك والمواعظ والحكم، وديوان منشور. ومما جاء في إحدى قصائده في مناجاة المصطفى:
أنت باب الله نال المرتجى
والأماني من عليه وقفا
أنت حبل الله من أمسكه
فاز بالخير وبالعهد وفا
يا رسول الله يا شمس الهدى
كل ضرٍّ بكم قد كُشفا
يا رسول الله يا بحر الندى
كل جودٍ منكم قد عرفا
وتشفع يا رسول الله في
كشف هذا الكرب حتى يكشفا
الشاعر والملحن جابر رزق
جابر رزق شاعر وملحن ومنشد يمني، من أبرز الشخصيات الأدبية اليمنية نهاية القرن التاسع عشر. كان يعزف ويغني قصائده قبل أن ينتقل إلى الإنشاد. ولد عام 1842 في قرية القابل في ضواحي صنعاء. درس في صنعاء وعمل في الحديدة في السلك الحكومي آنذاك. برز كشاعر حميني رقيق ومنشد. له ديوان مطبوع باسم «زهرة البستان في مخترع الغريب من الألحان».
ومن قصائده في المصطفى محمد:
من رُوي أن الحصى في كفه السامي نطق
يا من به قد طاب زمزم والحرم
أزكى الصلاة تغشاك من رب الفلق
والآل والأصحاب قومٌ لا ترى إلا الحدق
إذ أقبلوا فالفرد فيهم كالأشم
يوم افتتاح البيت من أسند صدق
صلى عليه الله تعداد الخلائق والفِرق
والآل والأصحاب ما البرق ابتسم
والعفو يا منان عن عبد أبق
عبد الله البردوني
أديب اليمن الكبير في العصر الحديث. له قصائد في المديح النبوي من عيون الشعر العربي الحديث، منها قصيدة بعنوان «فجر النبوة». تناولت القصيدة موضوعات عديدة. ومما جاء فيها تصوير لمشهد جهاد المصطفى وآل بيته وصحابته الكرام، صور يجسدها اليمانيون اليوم في مواجهة البغي والعدوان الاستعماري:
وهفا إلى شرف الجهادِ وحولهُ
قومُ تفور صبابةَ استشهادِ
قومٌ إذا صرخ العراك توثبوا
نحو الوغى في أهبةِ استعدادِ
وتماسكوا جنباً لجنب وارتموا
كالموج في الإرغاء والإزبادِ
وتدافعوا مثلَ السيول تصبها
قممُ الجبال إلى بطون الوادي
وإذا تساجلت السيوف رأيتهم
خُرساً وألسنة السيوف تنادي
هم في السلام ملائكٌ، ولدى الوغى
جنّ تطيرُ على ظهور جيادِ
وهمُ الألى الشم الذين تفتحتْ
لجيوشهم أبواب كل بلادِ
الناشرون النور والتوحيد في
دنيا الظلال وعالم الإلحادِ
الطائرون على السيوف إلى العلا
والهابطون على القنا الميادِ
المصدر أنس القاضي
زيارة جميع مقالات: أنس القاضي