أنس القاضي

أنس القاضي / لا ميديا -

قدم السيد قائد الثورة خطابات اقتصادية هامة -منذ بداية شهر رمضان المبارك-  تدخل ضمن الاقتصاد السياسي في محتواها الاقتصادي، يتطرق لها قائد الثورة من تفسيره للآيات القرآنية التي تتحدث عن "الرزق" و"النِّعم" كمفاهيم إيمانية، ليُحدث ربطاً فريداً بين الاعتقادي الغيبي الإيماني وبين التحليل الواقعي المادي الملموس، هذه الخطابات في تحليلها المادي الملموس للواقع الاقتصادي وحل مسائل الفقر والتنمية تعد توجيهاتها بمثابة برنامجاً سياسياً يُقدم فيه أنصار الله رؤيتهم للقضية الاقتصادية الاجتماعية، وحلها على أساس الإنتاج الصناعي والزراعي، وعلى أساس تنظيم العمل الفردي نحو أشكال تعاونية، وعلى أساس من الإيمان بأن الإنسان هو آمن رأسمال في الوجود. 
ولا يُستغرب من قائد الثورة الذي يحل هذه المسائل في خطابه بهذا الشكل التقدمي، انطلاقاً من الفهم الديني والقرآني، إذ سبقَ في خطاباته الماضية أن حل المسألة الاجتماعية والوطنية حلاً علمياً منطلقاً من الفهم القرآني والخلفية الفكرية الزيدية (الثورية) المُعتزلية (العقلانية)، ومستنداً إلى التجارب التاريخية البشرية.
ولا يقف خطاب قائد الثورة عند جدلية الصراع بين الخير والشر في عالم الأفكار والمُثُل العليا فحسب، بل يتعمق كذلك في الوجود الاجتماعي الملموس، ويعتمد تحديداً طبقياً واضحاً في الحديث عن ثنائية الصراع بين "المستضعفين" و"المُستكبرين". وفي هذا الصراع الاجتماعي، تبرز مهمة تحرير الإنسان من استعباد واستغلال أخيه الإنسان كمهمة إيمانية. وهذا الواجب الإيماني هو في محتواه الاجتماعي السياسي قضية ديمقراطية يتحرك القائمون عليها في مواجهة الاستبداد والفساد والاستغلال، وتمتد هذه المسؤولية إلى مهام التحرير الوطني وصون السيادة التي هي شرط رئيسي لسعادة الشعب وحرية المجتمع.  
يتحدد المستضعفون والكادحون في خطاب قائد الثورة، باعتبارهم أساس القوى الوطنية المقاومة للعدوان الاستعماري التوسعي الراهن، والذين هم - أي الكادحون - أصحاب المصلحة في التغيير الثوري والاستقلال. ويلعب الواقع الاجتماعي الريفي الفلاحي الذي نشأ فيه أنصار الله، وتنتمي إليه الشريحة الأوسع من جماهيرهم، دوراً هاماً في إنضاج الحس الطبقي الثوري والوطني في خطاب أنصار الله. ويضاف إلى ذلك الواقع الاجتماعي، التجربة التاريخية التي عاشها أنصار الله كمظلومين ظلوا يقاومون طوال الحروب الـ6، وتلك الحروب كان لها بُعدان أحدهما اجتماعي داخلي يتمثل في حرب السلطة الاستبدادية ضد شعبها، أما البُعد الآخر في تلك الحروب فيتمثل في التدخل السعودي الذي كان التصدي له بمثابة نضالٍ وطني خاضه أنصار الله. فلم يكن مستغرَباً إذن أن يتقدم أنصار الله طليعة المواجهين لعدوان السعودية الراهن، والرافضين كذلك لوصايتها؛ فهم أكثر من ذاق ويلاتها، كما أنهم على تماس مباشر معها.
في المستوى الثاني للجدلية بين الصراع الاجتماعي والوطني، يشير قائد الثورة إلى التناقضات الداخلية التي قام عليها العدوان من حيث اعتبارها ذرائع، وكونها قضايا تاريخية عالقة تسببت بها قوى النفوذ المسيطرة منذ عقود (قوى حرب 94م). وأبعد من ذلك، يذهب قائد الثورة إلى الاعتراف الشجاع بأنه كان هناك تقصير من القوى الوطنية المناهضة للعدوان في أنها لم تتحرك بالشكل المطلوب لعقد مصالحات داخلية وخطوات تطمينية لقوى وشخصيات سياسية واجتماعية وعسكرية، بحيث "تبعدهم عن الارتماء في أحضان الرياض"، مع أنه - في المقابل - لا يوافق على أن تكون تلك القضايا والإشكالات الداخلية مبرراً لأحد أن يخون شعبه وبلده ويتآمر مع الخارج ويؤيد ما يرتكبه المعتدون من جرائم. 

أترك تعليقاً

التعليقات