القلق الصهيوني من اليمن
 

أنس القاضي

أنس القاضي / لا ميديا -
مجدداً يُظهر الكيان الصهيوني وحدة موقفه مع دول تحالف العدوان، ومخاوفه من التطورات العسكرية اليمنية، إذ أخذ الرد اليمني على الإمارات مساحة هامة من تغطية وسائل الإعلام الصهيونية، وكذلك مراكز أبحاثها الاستراتيجية، ويعود القلق الصهيوني إلى العام 2014م عندما انتصرت الثورة الشعبية.

مضمون الخطاب الإعلامي والبحثي الصهيوني عقب عملية "إعصار اليمن" في مرحلتيها الأولى والثانية، وحول عملية ضبط اليمن لسفينة الشحن العسكرية الإماراتية "روابي"، هذا الخطاب دقيق في استخلاص النتائج وفي تقييم الخطر وتداعياته، إلا أنه يُظهر الفعل والخطر إيرانياً التزاماً بمبدأ استراتيجي صهيوني في تصوير كل نشاط مقاوم في المنطقة "مؤامرة إيرانية".
يأخذ التحليل الصهيوني لما يجري في اليمن طابعاً تطبيقياً وعملياً، فالكيان الصهيوني يُحلل من موقع الطرف المشارك في هذا العدوان، والقلق على مصيره، ولا ينطلق في عملية التحليل من موقع المحايد أو صاحب الاهتمامات العلمية المجردة.
يرى الصهاينة أن الحرب التي تدور في اليمن تستدعي اهتماماً استراتيجياً لأنه سيكون لها تداعيات إقليمية أبعد من اليمن، حيث يستشعر الصهاينة خطر مسألة صعود اليمن من جنوب الجزيرة العربية كقوة عسكرية، خصوصاً وأن الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة قادرة على الوصول إلى إيلات جنوب الأراضي المحتلة، كما يؤكد الكتاب الصهاينة.
يأخذ الكيان الصهيوني التهديدات اليمنية على محمل، الجد، فمن جانب الصهاينة جزء من تحالف العدوان ويتوقعون أن يتم الرد عليهم في أي وقت إذا ما تورطوا في أعمال عدوانية مباشرة تجاه اليمن، ومن جهة ثانية فالصهاينة يأخذون على محمل الجد وعد قائد الثورة الشعبية اليمنية السيد عبدالملك الحوثي بأن اليمن سيكون ضمن المعادلة التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وهي معادلة: "القدس مقابل حرب إقليمية"، ويؤكد مصداقية هذا التوجه اليمني المقاوم المبادرة التي قدمها قائد الثورة في إطلاق سراح كبار الأسرى السعوديين مقابل إفراج المملكة عن المعتقلين من حركة المقاومة الإسلامية حماس.
إن أكثر ما يخيف الصهاينة من هذه العملية مسألة الدقة في التخطيط والتنفيذ وإصابة أكثر من هدف في عمق الإمارات والسعودية في وقت واحد، وكذلك مسألة موقف التزام أمريكا بدعم حلفائها التي أصبحت موضع التساؤل بعد العملي، كما يؤكد محللون صهاينة.

الإمارات مقابل شبوة
كان الباحث الصهيوني يوئيل جزاسكي، من "معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني"، واضحاً في التعليق على عملية إعصار اليمن، الأولى، منطلقاً في تحليله من الواقع اليمني، فهو يعتبر العملية نوعاً من الضغط قامت به قوات الجيش واللجان الشعبية ضد تصعيد الإمارات والسعودية في مأرب وشبوة.
الكاتب يثمن أهمية سيطرة "قوات التحالف" على مأرب وشبوة وما سوف تمثله من نقاط في التفاوض، لصالح دول العدوان والحكومة العميلة، ففي هذه المقالة يُبدي الكاتب الصهيوني اهتماماً شديداً بمصير الحكومة العميلة ومستقبلها السياسي، كما يقر بالدور الإماراتي الحاسم في هذه المعركة.

قلق إسرائيلي
بين الهيمنة الإيرانية والكسل الإيراني، بهذا العنوان بدأ المحلل السياسي الصهيوني دان شويفتان من صحيفة "إسرائيل هيوم" مقالته التحليلية التي تُعد أنضج خطاب صهيوني في قراءة أبعاد التحولات الجارية في اليمن، إذ يرى الكاتب أن الحرب الشرسة التي تدور في اليمن تستدعي اهتماماً استراتيجياً لأنه سيكون لها تداعيات إقليمية أبعد من اليمن، وهو ما يعني من وجهة النظر الصهيونية المزيد من دعم المرتزقة والحكومة العميلة ودويلات الخليج ضد اليمن من أجل تلافي تحقق هذه التحولات في صالح شعبنا.
في تقييمه للوضع التاريخي الراهن في المنطقة ومدى الاستجابة الأمريكية له، يرى الكاتب أن إيران توفر دعماً نشطاً "لوكلائها في اليمن"، حد زعمه، فيما أمريكا تمارس سياسة حمقاء في الشرق الأوسط، ويقصد بها سياسة التراجع من المنطقة، وهي السياسة التي يفرضها الواقع على الولايات المتحدة التي لم تعد قادرة على مواصلة الاحتلال العسكري في العراق وأفغانستان وسوريا وبعد فشل أدواتها الداعشية. ويخرج الكاتب بنتيجة هامة وهي أن هذا الأمر يجب أن يقلق إسرائيل.

مصير ميناء إيلات وعلاقة أمريكا بحلفائها
بعد أبوظبي هل ميناء إيلات هو الهدف التالي؟ تحت هذا العنوان كتب المحلل الصهيوني يوسي ميلمان من صحيفة "هآرتس" الصهيونية، وللعلم فإن ما يعرف بميناء إيلات هو ميناء أم الرشراش الأردني احتله الصهاينة في 1949م ليمنحهم منفذاً على البحر الأحمر جنوب الأراضي المحتلة، وترتبط به سياسة "الأمن القومي" الصهيونية في بعدها البحري، وهي سياسة عدوانية على ضوئها يعطي الصهاينة لأنفسهم الحق ليس فقط في المرور ووسط البحر الأحمر بل في ممارسة الأعمال العسكرية.
تناول الكاتب مسألة الرد على الإمارات من البُعد الخارجي، وفي إطار العلاقة ما بين اليمن ودول محور المقاومة، وإن كان الكاتب يُظهر اليمنيين كأدوات إيرانية وجزء من الدعاية الإيرانية العامة تجاه دول وفصائل محور المقاومة، فيما العلاقة بين اليمن ودول وفصائل محور المقاومة هي علاقة تكاملية بين شعوب أصيلة حضارية في المنطقة لها مصير مشترك، فيما علاقة التبعية هي العلاقة التي تنسجها بعض الحكومات العربية مع الكيان الصهيوني ومع الولايات المتحدة، وهي كيانات طارئة على المنطقة وليس لها حق التواجد فيها لا الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية ولا الهيمنة الأمريكية بقواعدها العسكرية.
يرى الكاتب أن عملية ضرب الإمارات "تشهد على شجاعة إيران"، وأنها رسالة مشتركة للولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات والسعودية، مشيراً إلى أن المسافة التي قطعتها الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة قادرة على الوصول على إيلات جنوب "إسرائيل"، كما يؤكد أن "المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية" تأخذ هذه التهديدات على محمل الجد.
إن أكثر ما ركز عليه الكاتب، وهو مبعث القلق الصهيوني من ضرب الإمارات، هي مسألة الدقة في التخطيط والتنفيذ وضرب أكثر من هدف في الوقت ذاته، كما يستنتج الكاتب من هذه العملية أنها تؤكد أن "إيران عبر وكلائها في المنطقة ليست في وارد التراجع عن طموحات الهيمنة الإقليمية" حد زعمه.
ويصل الكاتب إلى نتيجة سياسية هامة مقلقة للكيان الصهيوني والإمارات والسعودية وبقية الأنظمة الموالية لأمريكا في المنطقة وخارجها، وهي أن الضربة اليمنية جعلت من "مسألة التزام أمريكا بدعم حلفائها أصبحت موضع التساؤل".

رسالة إيرانية
الكاتب الصهيوني عاموس هيرل من صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، هو الآخر ينطلق من البُعد الخارجي للرد اليمني على الإمارات، وهو يتناول هذه الضربة "كرسالة إيرانية بعثت بها للغرب عبر اليمن".
ويفترض الكاتب أن تصعيد الجيش واللجان الشعبية ضد الإمارات (ضبط السفينة، قصف الإمارات في عمليتي إعصار اليمن الأولى والثانية) رسالة إيرانية إلى دول الغرب ضمن المفاوضات النووية، كما يفترض أيضاً أن إيران استغلت الانشغال الغربي في أوكرانيا لتنفذ الهجمات وتضغط على الدول الغربية، ويُقر الكاتب أنه من الصعب على "إسرائيل" مواصلة الضغط في المفاوضات النووية الإيرانية.

استخدام منظومة "ثاد"
في الإمارات
ينطلق الكاتب الصهيوني سيث فرتزمان من صحيفة "جيروزاليم بوست" الصهيونية، من البُعد الداخلي في الإمارات للتعليق على عملية إعصار اليمن، في البداية نقل الكاتب ما جاء على لسان الأمريكيين من تشغيل منظومة ثاد واعتراض المسيرات والصواريخ اليمنية.
وعلق الكاتب على الخبر الذي نقله معتبراً أن ذلك يُعتبر أول استخدام عملي في حرب واقعية لمنظومة ثاد الأمريكية. ويقر الكاتب أنها لم تنجح في اعتراض كل التهديد، ويؤكد أن "دعم إيران للحوثيين في اليمن لا يمثل خطراً فحسب على الإمارات والسعودية بل إسرائيل أيضاً"، حسب زعمه.

أترك تعليقاً

التعليقات