أنس القاضي

أنس القاضي / لا ميديا -
يمثل الاستثمار إحدى القضايا الاقتصادية المحورية في اليمن، وهو موضوع يثير الكثير من الجدل؛ فعلى الرغم من وجود قانون للاستثمار منذ عقود يمنح امتيازات، لم تشهد اليمن تجربة استثمارية ناجحة. وبالعكس استخدمت الامتيازات الممنوحة للمستثمرين في الإثراء غير المشروع للنخب، فيما ظلت الدولة تُلاحق الفئات الصغيرة في الاقتصاد المحلي لأخذ الريع تحت عناوين مختلفة، أعباء تُثقل كاهلهم.. جاء في برنامج «حكومة التغيير والبناء» إشارة إلى موضوع الاستثمار والقطاع الخاص في الباب الثالث، الفقرة 14، وهو مدخلنا لتناول قضية الاستثمار في اليمن طوال العقود السابقة من عمر دولة الوحدة.

أهمية الاستثمار المحلي والأجنبي
لا يمكن إنكار الأهمية الكبيرة للاستثمار المحلي والأجنبي في تعزيز البنية التحتية الإنتاجية في قطاعات حيوية مثل الصناعة والزراعة. يهدف الاستثمار إلى خلق تراكم مالي طويل الأمد، استيعاب الأيدي العاملة، وتوطين التكنولوجيا الحديثة. إلا أن الواقع اليمني يُظهر أن الاستثمار، بدلاً من أن يكون وسيلة لتنمية الاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة، بات منفذاً للحصول على امتيازات مرتبطة بأنشطة اقتصادية غير منتجة، حيث يستبدل القطاع الخاص دور القطاع العام في تقديم خدمات أساسية مثل المياه، الكهرباء، الصحة، والتعليم، وغيرها.
وفقاً لبرنامج الحكومة اليمنية في «الباب الثالث: السياسات الاقتصادية والمالية والتنموية»، وخاصة في الفقرة 14، يشير البرنامج إلى أهمية «تنظيم العلاقة بين القطاعين العام والخاص الوطني، وتهيئة البيئة القانونية الملائمة لتعزيز الشراكة بينهما». وهذا يتضمن الإسراع في إقرار قانون الشراكة بين القطاعين وبناء القدرات المؤسسية للجهات المعنية بالاستثمار، مع تشجيع توسيع مشاركة القطاع الخاص في مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية على مستوى البلاد. هذا التصريح الحكومي يعكس اهتماماً بتنظيم الاستثمار، لكنه يبقى في إطار الخطط والتوجيهات التي تحتاج إلى تنفيذ فعلي وتطوير لبيئة استثمارية مستقرة.

تحليل الاستثمار في اليمن
في هذا التقرير، سنناقش تجربة الاستثمار في اليمن على عدة محاور:
طبيعة الاقتصاد اليمني: وسنركز هنا على ريع الاقتصاد اليمني واعتماده على الموارد الطبيعية بشكل أساسي، وما لذلك من تأثير على التوجهات الاستثمارية.
مفهوم القطاع الخاص: حيث سنلقي الضوء على دور القطاع الخاص في اليمن والتحديات التي تواجهه، بما في ذلك التباينات بين كبار المستثمرين وصغارهم.
قانون الاستثمار والتحديات: سنتطرق إلى قانون الاستثمار اليمني وكيفية تحسينه لجذب المزيد من الاستثمارات، مع التركيز على التحديات الرئيسية التي تعوق النمو الاستثماري في البلاد.
الاستفادة من تجربة الصين: سيتناول التقرير أيضاً التجربة الاستثمارية في الصين، التي نجحت في تحقيق نهضة اقتصادية شاملة من خلال استراتيجيات متعددة، سنستعرض كيف يمكن لليمن الاستفادة من هذه التجربة بما يتناسب مع أوضاع البلد.
المهام الاستراتيجية للاستثمار: كيف يمكن للاستثمار في القطاعات الإنتاجية أن يسهم في حل مشكلات الاقتصاد اليمني المتراكمة.

أهمية الاستثمار في تحقيق التغييرات الجذرية الاقتصادية
الاستثمار مهم في اليمن، الاستثمار الذي تتولى الدولة التخطيط له والإشراف عليه، استثمار القطاع العام والقطاع الخاص اليمنيين، واستثمار رجال الأعمال والشركات الأجنبية.
بعد توقف الحرب العدوانية الخارجية وإزالة الجبهات الداخلية ورفع الحصار وبناء حكومة وحدة وطنية تحقق الاستقرار، سيكون هناك استقرار سياسي وأمني مساعد على الاستثمار، فالاستقرار شرط لوجود الاستثمارات، دون أن يعني ذلك عدم الالتفات إلى الاستثمار في هذه المرحلة من خفض التصعيد.
سيسهم الاستثمار الحكومي والخاص المحلي والأجنبي في دعم الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل، وتحقيق التنمية، وإعادة إعمار البنية التحتية المدمرة، دعم القطاعات الحيوية وتقليل الاعتماد على المساعدات الإنسانية الخارجية التي تتآكل يوما فيوما.

إشكالية الاقتصاد اليمني
الاقتصاد اليمني يعتمد على السياسة النيوليبرالية، ولايزال تقليدياً بشكل كبير في القطاعات الصناعية والزراعية، السمة الأساسية للاقتصاد اليمني هي أنه اقتصاد ريعي يعتمد بشكل أساسي على النفط والغاز. هذا الوضع يُعبر عن اقتصاد متخلف، حيث يؤدي اليمن دور «المنجم» في إطار تقسيم العمل الدولي لتلبية احتياجات الاستهلاك العالمي، وكانا المصدر الأساسي للتصدير والعملة الصعبة، ولكنهما أيضاً من أكثر القطاعات فساداً وسرية. هذه العملية الاقتصادية الريعية لا تسهم في تحقيق التراكم المالي سواء للدولة أو للنخب التجارية والصناعية في اليمن، والتراكم المالي هو المفتاح للنمو الاقتصادي وفقاً لقوانين الاقتصاد الحديث.
الإنتاج السلعي، وهو الأساس المادي لتحقيق التراكم وتحديث الاقتصاد، محدود جداً في اليمن. على العكس، يهيمن الإنتاج الزراعي والنفطي على الاقتصاد، لكن هذه القطاعات تتراجع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي عاماً بعد آخر. يعود السبب الرئيسي إلى الانفتاح على السوق العالمية، مما جعل السلع الأجنبية تنافس المنتجات اليمنية المحلية، سواء الغذائية أو الصناعية.
العامل الثاني الذي أدى إلى تراجع القطاعات الإنتاجية -عما كان عليه الوضع قبل الوحدة في الشطرين- هو الوضع السياسي غير المستقر، والحروب، والاضطرابات الأمنية، وابتزاز المستثمرين. كل هذه العوامل أسهمت في خلق بيئة طاردة للاستثمار.
وفقاً للإحصاءات، تراجعت حصة قطاع الزراعة والصيد في الناتج المحلي الإجمالي من 24.2% في عام 1990 إلى 16.1% في عام 2014، بينما انخفضت مساهمة الصناعة التحويلية من 13.5% إلى 6% في نفس الفترة. على النقيض، نما القطاع النفطي من 10.5% في عام 1990 إلى 14% في عام 2010.
يشير الاقتصادي جلبير الأشقر، إلى أن معدلات الاستثمار العام المرتفعة في شرق آسيا توضح الدور الحيوي الذي تلعبه الدولة في تحقيق النمو الاقتصادي. في الصين، على سبيل المثال، يقود الاستثمار، وليس الصادرات، الاقتصاد. ففي عام 2011، شكّل الإنفاق على المصانع والآلات والبنية التحتية حوالي 48.9% من الناتج المحلي الإجمالي، وكانت الحصة الأكبر من هذا الاستثمار تقوم بها الشركات المملوكة للدولة(1).

استهدفت الحرب العدوانية الحياة الاقتصادية بشكل مباشر، وخاصة البنية التحتية الإنتاجية، التي تُعد من أهم عناصر القوى الإنتاجية. من مارس 2015 إلى مارس 2022، تم تدمير 44,426 منشأة اقتصادية مرتبطة بشكل مباشر بالإنتاج والتجارة.
حجم هذه الخسائر كان مهولاً بالنظر إلى أن البنية التحتية في اليمن كانت متواضعة حتى قبل الحرب. ويلاحظ أن التدمير استهدف بشكل رئيسي القطاع الخاص، حيث تعرضت غالبية المصانع والمنشآت الإنتاجية التجارية للقصف، بينما كان حضور القطاع العام الإنتاجي محدوداً جداً. أما خسائر الدولة، فقد تمثلت في استهداف المنشآت الخدمية الحكومية مثل الموانئ والمطارات والأسواق التي ترتبط بالنشاط الاقتصادي.
أجرت الغرفة التجارية الصناعية في صنعاء مسحاً أولياً للأضرار في عام 2018م. ورغم أن الأرقام لا تشمل جميع سنوات الحرب، فإن التقرير يوضح أن البنية التحتية الصناعية اليمنية تعرضت لضربة خطيرة أعادتها سنوات عديدة إلى الوراء.
تشير النتائج الأولية إلى أن 12 مصنعاً ينتج مواد غذائية واستهلاكية (أي أكثر من 45٪ من حجم القطاع الصناعي في اليمن) قد تعرضت للقصف المباشر من قبل طيران التحالف.
التحديات الاقتصادية التي تواجه اليمن اليوم لا تقتصر فقط على آثار الحرب والحصار المستمرين منذ العام 2015م، بل تشمل أيضاً تحديات متراكمة عبر الزمن. لذلك فالمهمة الآن ليست مجرد إعادة الاقتصاد إلى ما كان عليه قبل الحرب، بل إعادة بنائه بالكامل ومعالجة المشاكل البنيوية، مثل ضعف القطاعات الإنتاجية والاعتماد المفرط على الموارد النفطية، إلى جانب تضخم قطاع الخدمات الذي لا يرتبط بالإنتاج المحلي.

ملاحظات حول قانون الاستثمار في اليمن
صدر في العام 2002م «قانون الاستثمار». يهدف هذا القانون إلى تشجيع وتنظيم استثمار رؤوس الأموال اليمنية والعربية والأجنبية الخاضعة لأحكام هذا القانون في إطار السياسة العامة للدولة.. بحسب المادة رقم (1)، وهناك مُلاحظات مُعينة حول هذه القانون.
يتناول الباب الثالث من القانون، الإعفاءات الجمركية والضريبية للمشروعات وتشجيع الإنتاج المحلي وتنمية الصادرات.
يهدف القانون إلى تشجيع الاستثمار وتوفير حوافز للمشاريع من خلال إعفاءات جمركية وضريبية للموجودات الثابتة والمستلزمات الإنتاجية، التي ترد في المادة 18.
العديد من الدول تقدم إعفاءات مشابهة بهدف جذب الاستثمارات، لذا يعد هذا النوع من الحوافز أمراً شائعاً، لذلك، قد يكون من المفيد تطوير القانون ليشمل المزيد من المرونة أو زيادة مدة الإعفاءات، خصوصاً في المجالات الحيوية.
النص القانوني يبدو متوازناً، حيث يشترط تقديم قوائم احتياجات المشاريع من قبل الهيئة المختصة، ويحدد ضوابط للتأكد من استغلال الإعفاءات بشكل صحيح.
ولكن من المهم التنبه إلى حقيقة أن الإعفاءات الواسعة قد تؤدي إلى خسارة الإيرادات الضريبية للدولة إذا لم تُدر بشكل جيد، وفي هذا السياق، تبرز أهمية الرقابة والتفتيش على المشاريع لضمان الالتزام، وتعزيز الشفافية لضمان عدم إساءة استخدام الإعفاءات.
من المهم إضافة حوافز للمشاريع التي تعزز الابتكار أو تستثمر في البحث والتطوير والتكنولوجيا قد تكون خطوة ضرورية لتحديث هذا القانون وجعله أكثر توافقاً مع احتياجات العصر.
مادة (24) النص الوارد في الفصل الثاني من قانون الاستثمار يتناول تشجيع الإنتاج المحلي وتنمية الصادرات، ويهدف إلى تقديم حوافز لصناعات محلية وتصدير المنتجات.
المحاذير هي احتمالية زيادة الأسعار للمستهلك؛ قد تؤدي هذه السياسة إلى ارتفاع الأسعار على المستهلكين المحليين إذا تم فرض رسوم جمركية عالية، خاصة إذا كانت السلع المستوردة تقدم بسعر أقل. وكذلك الاحتكار؛ فمن الممكن أن يؤدي حماية المنتجات المحلية بشكل مفرط إلى خلق احتكار أو سيطرة على السوق من قبل بعض المنتجين، وهو ما يحذر النص منه في البند (2).
المادة (25) تنص على ضرورة أن يكون إجمالي الرسوم على السلع النهائية المستوردة لا يقل عن إجمالي الرسوم على مدخلات الإنتاج المحلية، مما يحقق تكافؤ الفرص بين الإنتاج المحلي والمستورد. هذه المادة تضمن أن المنتجات المستوردة لا تتمتع بتكاليف إنتاج أقل مقارنة بالمنتجات المحلية، مما يعزز المنافسة.
المحاذير هي التنفيذ المعقد؛ فقد تكون آلية منح تخفيضات وإصدار شهادات تخفيض بموجب الشروط والإجراءات المعتمدة في اللائحة التنفيذية معقدة، مما يؤدي إلى بيروقراطية زائدة.

تنمية الصادرات
(مادة 26) النص يقدم حوافز قوية للمشاريع التي تصدر منتجاتها للخارج، مثل الإعفاءات الضريبية والجمركية، واسترجاع الرسوم المدفوعة على المستلزمات المستوردة الداخلة في الإنتاج المصدر.
الاختلال هو أن المنتج المحلي عليه رسوم وجبايات مختلفة، فما الامتياز للوسيط التجاري الذي يصدر هذه السلع؟ وهناك محاذير من التركيز على التصدير دون تطوير السوق المحلي، إذا وجدت الشركات أن التصدير أكثر ربحية من بيع المنتجات محلياً. فمن المهم تعزيز الرقابة على الأسعار والجودة، ضمان حماية المستهلك من ارتفاع الأسعار أو تدهور جودة المنتجات المحلية.
قد يكون من المفيد إضافة حوافز للشركات التي تستثمر في البحث والتطوير لتحسين جودة المنتجات المحلية وزيادة القدرة التنافسية في الأسواق الخارجية.

الهيئة العامة للاستثمار
المادة (28، الفقرة (د): «يكون للهيئة الصلاحية في شراء أو استئجار الأراضي بقصد إقامة المناطق والمجمعات الصناعية أو المناطق الاستثمارية التي تنشأ وفقاً لأحكام هذا القانون، كما يجوز لها بعد موافقة مجلس الوزراء بناءً على عرض رئيس الهيئة حجز واستملاك الأراضي التي تراها ضرورية لتحقيق هذه الغاية طبقاً لقانون الاستملاك للمنفعة العامة ولقاء تعويض أصحابها تعويضاً عادلاً على أساس سعر الزمان والمكان، وللهيئة إعادة تمليك أو تأجير تلك الأراضي للمشروعات والمستثمرين الراغبين وذلك وفق الأسس والشروط التي يعتمدها مجلس الإدارة مع مراعاة أن تكون الأسعار والإيجارات ومدد التمليك أو التأجير مشجعة».
النص الوارد يتناول صلاحيات هيئة الاستثمار في ما يتعلق بتخصيص الأراضي وتسهيل إنشاء المناطق الصناعية أو الاستثمارية.

الإيجابيات:
القانون يعزز قدرة الدولة على توفير الأراضي اللازمة لإنشاء المشاريع الاستثمارية بسرعة ومرونة. هذه القدرة يمكن أن تشجع المستثمرين، حيث تقلل من العقبات المتعلقة بالبحث عن الأراضي الملائمة، كما توفر لهم مناطق مخصصة وجاهزة للاستثمار.

التحديات والمحاذير
استملاك الأراضي وحساسيتها: على الرغم من النص على التعويض العادل، قد يثير استملاك الأراضي بعض المعارضة من قبل أصحاب الأراضي المتضررين، خاصة إذا لم يتم تطبيق معايير التعويض بشكل شفاف وفعّال. كما أن النص لم يتحدث عن أراضي الدولة، فإذا كان المواطن التي تؤخذ أرضه يَتم تعويضه تعويضاً عادلاً فماذا عن أراضي الدولة؟ وكيف نعلم أنه لا توجد شبهة فساد وأنه لا يُوجد ظلم للشعب باعتبار الملكية العامة ملكية الشعب؟ وما هي معايير إعطاء الأراضي الحكومية؟ لذا، من الضروري أن تكون هناك آليات شفافة وواضحة لتقييم الأرض وتقديم التعويض، وحماية المُلكية العامة.
التنفيذ العادل: التأكد من أن عملية تمليك أو تأجير الأراضي للمستثمرين (الأراضي العامة والخاصة) تتم بشفافية ووفق معايير موضوعية تضمن عدم استغلال السلطة من قبل بعض الجهات أو الأفراد.
مدى تشجيع الأسعار: النص يشير إلى أن الأسعار ومدد الإيجار يجب أن تكون مشجعة، ولكن قد يكون هناك غموض حول مدى «تشجيع» هذه الأسعار، ما قد يؤدي إلى اختلافات في التفسير والتنفيذ. لتحقيق هذا الهدف بشكل صحيح، يجب على الهيئة مراعاة الظروف الاقتصادية للمستثمرين المحليين والدوليين.
استمرارية الفوائد: على الرغم من أن النص يهدف إلى تشجيع الاستثمار في البداية، فإن من المهم التأكد من أن المستثمرين والمشاريع سيستفيدون على المدى الطويل، وأن أسعار الأراضي والإيجارات ستظل مشجعة مع مرور الوقت وليس فقط في المراحل الأولى.
قوانين الاستثمار في العديد من الدول تقدم حوافز مشابهة، مثل توفير الأراضي بأسعار منخفضة أو مجاناً لفترات زمنية طويلة لجذب المستثمرين. ويكمن التحدي في كيفية تنفيذ هذه السياسات، وفي التأكد من أن الاستملاك يتم بطرق عادلة وشفافة، دون الإضرار بمصالح الأفراد والمصلحة العامة، مع تقديم تسهيلات حقيقية للمستثمرين تساعد في جذب الاستثمارات وتعزيز النمو الاقتصادي.

أصناف القطاع الخاص في اليمن واختلال الدعم الحكومي
القطاع الخاص في اليمن يتميز بتنوعه الاقتصادي والاجتماعي، ويشمل مجموعة من الفئات الاقتصادية، لكن مفهوم الخاص المتداول، وخصوصاً عند الحديث عن دعم القطاع الخاص، يُفهم منه دعم كبار رجال الأعمال الذين لهم واقعياً نفوذ اقتصادي على الدولة، فيما يُحرم صغار المنتجين من مزارعين وصيادين وأصحاب ورش صغيرة وغيرهم من الامتيازات الحكومة ويَتم إخراجهم من دائرة القطاع الخاص الذي يحتاج إلى الدعم، وخصوصاً حرمانهم من الامتيازات التي يُقرها قانون الاستثمار السالف ذكره.

صغار المنتجين والملاك
الفلاحون والصيادون: يعتمدون على الزراعة والصيد كمصدر رئيسي للدخل ويشكلون جزءاً كبيراً من الاقتصاد المحلي في الريف والمناطق الساحلية.
أصحاب المعامل الصغيرة والورش: تشمل الحرفيين وأصحاب الأعمال اليدوية والمصانع المنزلية الصغيرة، الذين يسهمون في الاقتصاد المحلي ولكن يواجهون تحديات كبيرة في التنافس مع كبار رجال الأعمال.
التجار الصغار وأصحاب المتاجر: يعملون في قطاع التجزئة والمحال الصغيرة ويمثلون العمود الفقري للاقتصاد في العديد من المناطق.

كبار رجال الأعمال والصناعيون
التجار والصناعيون الكبار: يسيطرون على قطاعات واسعة من الاقتصاد، مثل التجارة التحويلية والصناعات الكبرى، ويستفيدون بشكل كبير من قوانين الاستثمار والإعفاءات الضريبية والجمركية.
الصيارفة: يسيطرون على قطاعات محددة مثل التمويل والصرافة، ويستفيدون من تكتلهم في جمعية خاصة والعلاقات مع الدولة، مما يمنحهم ميزة تنافسية غير عادلة.
دعم الدولة لمختلف أصناف القطاع الخاص
كبار رجال الأعمال: غالباً ما يحصلون على امتيازات كبيرة، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية، وتسهيلات الاستثمار، وتسهيل الوصول إلى الأراضي والعقود الحكومية. يستفيدون من قانون الاستثمار، الذي يعزز قدراتهم التنافسية ويزيد من نفوذهم الاقتصادي.
صغار المنتجين والملاك: يعانون من نقص الدعم الحكومي، سواء من حيث التمويل أو التدريب أو الحماية من المنافسة غير العادلة. هؤلاء المنتجون يمثلون غالبية القطاع الخاص من حيث العدد، ولكنهم يفتقرون إلى البنية التحتية والموارد التي تمكنهم من تطوير أعمالهم.
يحتاج صغار المنتجين إلى دعم مباشر من الدولة لتحسين كفاءتهم الإنتاجية، من خلال تمويل مشروعاتهم، وتقديم التدريب المهني، ومساعدتهم في تسويق المحاصيل والثمار حتى لا يثرى على حسابهم الوسيط التجاري، ويطالبون بحماية أكبر من هيمنة كبار رجال الأعمال الذين يسيطرون على الأسواق ويهددون وجودهم الاقتصادي.

ضرورة تحقيق التوازن في دعم القطاع الخاص
ينبغي على الدولة أن تسعى إلى تحقيق توازن بين دعم كبار رجال الأعمال الذين يسهمون في النمو الاقتصادي، ودعم صغار المنتجين الذين يشكلون غالبية القوى العاملة. يجب تعديل قوانين الاستثمار بحيث تشمل جميع أصناف القطاع الخاص، خاصة صغار المنتجين الذين يحتاجون إلى حماية أكبر من المنافسة غير العادلة وتعزيز فرصهم في الوصول إلى الموارد.

التحديات التي وقفت وراء فشل تجربة الاستثمار في اليمن
برغم وجود قانون لتنظيم الاستثمار في اليمن (قانون العام 2002)، ووجود امتيازات مهولة، فإن تجربة الاستثمار في اليمن فاشلة، ولم يأت المستثمرون الأجانب ولا المغتربون اليمنيون ولا رجال الأعمال في الداخل اليمني، لم يحدث أي حراك استثماري في العموم، وتم الاستفادة من امتيازات قانون الاستثمار من قبل رجال الأعمال في أنشطة اقتصادية بسيطة وفي قطاعات غير إنتاجية وهي أنشطة لا يصح وصفها بالاستثمارية، فلم ينتج عنها تراكم مالي وتطور في البُنية التحتية الاقتصادية.
تعد البيئة الاستثمارية في اليمن غير مستقرة وتواجه العديد من التحديات نتيجة الفساد المنظم والهيمنة الطفيلية على القطاعات الاقتصادية طوال الفترة الماضية من عمر اليمن الموحدة، وبالإجمال فإن التحديات التي أعاقت الاستثمار في اليمن قديما والتي لاتزال سائدة في اليمن عموما سواء في مناطق جغرافيا السيادة الوطنية أو المناطق التي يهيمن عليها تحالف العدوان، مع تغيرات بسيطة، أبرز هذه التحديات يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
عدم الاستقرار السياسي وسيادة المحسوبيات: هيمنة الفئات الطفيلية، بما في ذلك الجيش والشخصيات المتنفذة، على قطاعات الاقتصاد الرئيسية تخلق بيئة استثمارية غير آمنة للمستثمرين، خاصةً الأجانب. نتيجة لذلك، يتجنب المستثمرون الكبار الاستثمار طويل الأمد الذي قد يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي، ويتجهون بدلاً من ذلك نحو الأنشطة الاقتصادية التي تحقق أرباحاً سريعة، مثل المضاربات التجارية والعقارية.
غياب الشفافية في الأنظمة الاستثمارية: الأنظمة والقوانين المتعلقة بالاستثمار في اليمن تتسم بعدم الشفافية والتجانس، مما يصعّب على المستثمرين التنبؤ بالتغيرات المستقبلية وضمان حقوقهم القانونية. هذا الأمر يؤدي إلى عزوف المستثمرين عن السوق اليمنية، خوفاً من المخاطر العالية وانعدام الضمانات القانونية.
الفساد في القطاع العسكري وتأثيره على الاستثمار: شراكة النخب العسكرية مع السلطة الحاكمة -طوال الفترة السابقة- أسهمت في إفساد المناخ الاستثماري، حيث تمارس القيادات العسكرية الابتزاز على المستثمرين بحجة «الحماية». هذا النوع من الابتزاز أدى إلى تقليص حجم الاستثمار الأجنبي والمحلي في قطاعات الإنتاج الحيوية.
التهريب والتلاعب في الموارد: التهريب، خاصة في قطاع النفط -الذي كان سائداً سابقاً وقد يعود مع استئناف إنتاج النفط- يضعف من قدرة الدولة على توجيه الموارد نحو مشاريع تنموية. كما أن تهريب رؤوس الأموال إلى الخارج بدلاً من استثمارها في الداخل يشكل عائقاً أمام التراكم الإنتاجي. هذه الأنشطة تقود إلى تفاقم التفاوت الاجتماعي وإفقار المجتمع.
الفساد وهروب رؤوس الأموال: يعوق الفساد برامج الإصلاحات الاقتصادية الضرورية لتحفيز النمو الاقتصادي. المستثمرون اليمنيون المغتربون والأجانب يترددون في جلب رؤوس أموالهم إلى اليمن بسبب عدم الاستقرار والفساد المنتشر، بل يهربون رؤوس أموالهم من البلد للاستثمار في الخارج، ما يحد من فرص تحسين المناخ الاستثماري المحلي.
احتكار النخب الاقتصادية للفرص الاستثمارية: النخب المرتبطة بالسلطة تحتكر الاستثمارات الرئيسية، مثل الخصخصة والمناقصات الحكومية، مما يحول دون خلق بيئة تنافسية صحية، هذا الاحتكار يقيد فرص الدخول للاعبين جدد في السوق، ويؤدي إلى ضعف التنافسية والإبداع في الاقتصاد اليمني.
مجمل هذه العوامل تسهم في تقليص فرص الاستثمار الإنتاجي في اليمن، وتحول دون تحقيق التنمية المستدامة التي يحتاجها البلد للنهوض اقتصادياً.

ملامح التجربة الاستثمارية في الصين
تعد تجربة الصين في الاستثمار من أبرز التجارب التنموية الناجحة في العالم، حيث قامت على مجموعة من الاستراتيجيات الفعّالة التي أسهمت في تحويلها من دولة نامية إلى واحد من أكبر الاقتصادات العالمية.
السياسة الاقتصادية الصينية، عدلت وطورت أكثر من مرة ومرت بمتغيرات دولية كبيرة، لكنها لاتزال مستمرة وهي تمثل نموذجاً ناجحاً لدولة شرقية كانت يوماً مُستعمرة بريطانية ومحتلة من قبل اليابان وشهدت مجاعات وهي اليوم مصنع للعالم، ونشير هنا إلى العناوين العامة للتجربة الاستثمارية في الصين التي هي جزئية من تجربة اقتصادية أوسع.

دور الدولة القوي في توجيه الاستثمار
الاستثمار العام: الصين اعتمدت بشكل كبير على الاستثمارات الحكومية في البنية التحتية والمشاريع الصناعية الكبرى؛ فالدولة لم تترك كل شيء للسوق الحر الذي انفتحت عليه، بل قامت بدور توجيهي واستثماري ضخم، وبهذه الطريقة حافظت على مهمة الدولة الاشتراكية في بناء وإدارة الاقتصاد، مع الانفتاح على السوق العالمية وتدفق الرأسمال العالمي إليها.
الشركات المملوكة للدولة: استمرت الدولة في السيطرة على الشركات الكبرى في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة والاتصالات، ما وفر قاعدة صناعية قوية وتوجيها استراتيجيا.

فتح الأبواب للاستثمار الأجنبي مع الحفاظ على السيادة الاقتصادية
اتبعت الصين سياسة «الباب المفتوح» تجاه الاستثمار الأجنبي، لكن مع شروط، بحيث يستفيد الاقتصاد الوطني من هذه الاستثمارات عبر نقل التكنولوجيا وتوفير فرص العمل. بالإضافة إلى ذلك، حرصت على ألا يتجاوز الاستثمار الأجنبي سيطرتها على القطاعات الاستراتيجية.

التخطيط طويل الأمد
وضعت الصين خططاً اقتصادية طويلة الأمد مثل الخطة الخمسية، والتي تستهدف مجالات محددة للتنمية (كالطاقة المتجددة، والتكنولوجيا المتقدمة)، مما خلق وضوحاً وثقة لدى المستثمرين.

تعزيز التصدير ودعم الصناعات المحلية
أحد محاور النمو الصيني وأبعاد التجربة الاستثمارية كان الاعتماد على التصنيع من أجل التصدير، استثمرت الحكومة في تحسين جودة المنتجات المحلية، ووفرت الدعم اللوجستي للشركات المصدرة، ما ساعدها في المنافسة عالمياً، مع استمرار تركيزها على الاستثمار الحكومي في البناء الداخلي وتوسيع قاعدة الإنتاج الصناعي وتطوير التكنولوجيا.

البنية التحتية القوية
قامت الصين بتطوير بنية تحتية متقدمة، مثل الموانئ والطرق السريعة وشبكات السكك الحديدية، مما سهل العمليات الاقتصادية وأعطى المستثمرين حوافز للاستثمار، وهذه البُنية التحتية جزء منها كانت قد بدأت به في مرحلة ماو التي سبقت الانفتاح الاقتصادي الذي قاده دينج شياو بينج.

التركيز على التعليم والتدريب
استثمرت الصين في تطوير رأس المال البشري، من خلال تحسين التعليم والتدريب المهني، مما أدى إلى رفع كفاءة القوى العاملة وجذب الصناعات التكنولوجية المتقدمة.

الدروس المستفادة
دور الدولة في الاستثمار: يمكن لليمن أن يستفيد من نموذج الصين في تعزيز دور الدولة في توجيه الاستثمارات، خصوصاً في البنية التحتية والمشاريع الكبرى. يجب أن يكون للدولة دور قيادي في توجيه الاستثمارات الاستراتيجية في مجالات مثل الطاقة، الموانئ، والطرق، دستور الوحدة اليمني كان يؤكد على هذا الدور الرئيس للدولة في الاقتصاد، قبل أن يتم تعديل الدستور وتحويل النهج الاقتصادي بعد حرب 94 والهرولة نحو النيوليبرالية.
تحفيز الاستثمار الأجنبي مع الضمانات المحلية: من الممكن أن تتبنى اليمن سياسة لجذب الاستثمار الأجنبي، مع التأكيد على وضع شروط لحماية المصالح الوطنية، مثل الشروط التي تضمن نقل التكنولوجيا الحديثة والأحدث وتوظيف العمالة المحلية، ويمكن أن يستفيد من الشركات العالمية في مجالات مثل التعدين، الطاقة المتجددة، والصناعات التحويلية.
التخطيط طويل الأمد: كما فعلت الصين، على اليمن وضع خطط اقتصادية طويلة الأجل، تشمل مجالات محددة للتنمية وتحديد الأهداف بوضوح، وفتح باب الاستثمار فيها بدلاً من تركه حسب رغبة المستثمر ذاته، هذا الخطيط المرن يمكن أن يعطي المستثمرين المحليين والدوليين الثقة للاستثمار في الاقتصاد اليمني، ويوجه الاستثمار نحو احتياجات التطور الملحة.
تنمية القطاعات الإنتاجية: اليمن بحاجة لتعزيز القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعات التحويلية، والتقليل من الاعتماد على الريع النفطي والغازي. والتركيز على الصناعات الثقيلة، والصناعات التصديرية يمكن أن يساعد في تنويع مصادر الدخل وتوفير عملة صعبة.
تطوير البنية التحتية: يجب أن يكون هناك استثمار مكثف في تطوير البنية التحتية الأساسية مثل الطرق، الموانئ، وشبكات الاتصالات، مما سيجعل البيئة الاستثمارية أكثر جاذبية ويخفف من كلفة العمليات الاقتصادية. ويمكن لليمن الاستفادة من عائدات النفط مستقبلاً في دعم البُنية التحتية، والإنتاج وإعادة الإنتاج، وليس تغطية نفقات الموازنة العامة كما كان عليه الأمر سابقاً.

تحسين التعليم والتدريب المهني: رفع كفاءة القوى العاملة من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب المهني سيكون حافزاً كبيراً لجذب استثمارات تكنولوجية وصناعية والاعتماد على القوى العاملة اليمنية، يمكن الاستفادة من نموذج الصين في التركيز على تطوير القدرات البشرية كركيزة للتنمية الاقتصادية.

المهمة الاستراتيجية للاستثمار.. تحقيق التراكم وإعادة الإنتاج
إن تحقيق الاستقلال الاقتصادي والتغلب على التخلف يشكلان تحدياً كبيراً أمام اليمن، ويتطلبان التركيز على تحقيق التراكم الاقتصادي كجزء أساسي من السياسة الاقتصادية والاجتماعية. هذا التراكم هو حجر الزاوية في جهودنا نحو التحرر الوطني وبناء اقتصاد قوي ومستقل.
يتطلب تسريع النمو الاقتصادي وتأسيس اقتصاد مستقل توسيع نطاق التراكم المالي والاستثماري. هذه العملية ليست فقط مهمة لتحقيق النمو، ولكنها ضرورية أيضاً لتطوير التكنولوجيا، وتحسين القدرات الإنتاجية (العاملين، وسائل الإنتاج، والتكنولوجيا)، وتنفيذ المشاريع الاستثمارية.
ومع ذلك، هناك تحدٍّ كبير يتمثل في التوازن بين الحاجة إلى زيادة التراكم الاقتصادي ومحدودية الموارد المالية والمادية المتاحة في اليمن. يمكن التغلب على هذا التحدي عبر الاستفادة الجيدة من مواردنا الطبيعية، مثل النفط والغاز، اللذين تم استخدامهما سابقاً بشكل كبير لتغطية النفقات الجارية بدلاً من الاستثمار في مشاريع طويلة الأمد.
لتحقيق التجديد الاقتصادي والإنتاج المستدام، يجب أن تتم دورة رأس المال بدون أي عوائق، حيث يتحول المال إلى سلع، ثم تعود هذه السلع لتتحول إلى مال مرة أخرى. ولكن في اليمن، تواجه العديد من الأنشطة الاقتصادية صعوبة في إكمال هذه الدورة بسبب العوائق الاقتصادية والهيكلية.
بغض النظر عن النظام الاقتصادي المعمول به، يعتمد التطور الاقتصادي على زيادة الاستثمار في إنتاج وسائل الإنتاج (المصانع، الآلات، التكنولوجيا) مقارنة بالاستثمار في إنتاج السلع الاستهلاكية. بمعنى آخر، يجب أن يكون لدينا إنتاج قوي لوسائل الإنتاج إلى جانب إنتاج السلع الاستهلاكية (أي نركز على إنتاج الآلات الصناعية والتكنلوجية لتوسيع البُنية التحتية الصناعية إلى جانب تركيزنا على إنتاج السلع لتلبية الحاجة إلى الاستهلاك).
لتحقيق النهوض الصناعي وتحسين معيشة الناس، يجب أن يكون الإنفاق الاستثماري على المشاريع الإنتاجية في الموازنة العامة أكبر من الإنفاق الجاري على الخدمات. كما يجب أن يركز الإنفاق على بناء المصانع والمنشآت التي تنتج وسائل الإنتاج أكثر من الإنفاق على تحسين الخدمات والبنية التحتية.
كما يجب توجيه استثمارات القطاع الخاص نحو الاستثمار في القطاعات الإنتاجية في إنتاج الآلات وتطوير التكنلوجيا وإنتاج السلع، ولا يذهب النشاط الاستثماري المحلي أو الخارجي، إلى بناء المشافي والمدارس ومحطات المياه والكهرباء والعقارات والحدائق والمنتزهات وغيرها من القطاعات الخدمية، التي يُفترض أن تحدد لها نسبة بسيطة في النشاط الاستثماري.
بعبارة أخرى، يجب أن نعمل على تطوير الصناعات الثقيلة التي تنتج معدات ومصانع جديدة، ثم تطوير الصناعات التي تنتج السلع الاستهلاكية، وأخيراً نركز على إنتاج هذه السلع نفسها. بناء هذه البنية الصناعية القوية هو المفتاح الوحيد لتحقيق التنمية والاستقلال الاقتصادي.

(1) جليبر الأشقر، «الشعب يُريد: قراءة جذرية في جذور الانتفاضة العربية»، (بيروت: دار الساقي، 2013م).

أترك تعليقاً

التعليقات