تأثير عودة ترامب على الوضع في المنطقة
- أنس القاضي الأثنين , 11 نـوفـمـبـر , 2024 الساعة 12:22:23 AM
- 0 تعليقات
أنس القاضي / لا ميديا -
عودة ترامب إلى السُلطة في الولايات المتحدة في هذه اللحظة الفارقة ستكون مؤثرةً، ولازال هنالك شهر متبق من ولاية بايدن، إذا لم يتم التنسيق بينهما على مستقبل ملفات المنطقة، وعدم وجود سلاسة في انتقال هذه الملفات الملتهبة من إدارة بيادن إلى إدارة ترامب، سيكون هناك نوع من الفوضى والارتباك.
إذا تبنت إدارة ترامب نهجاً أكثر تشدداً وداعماً للكيان، خصوصاً في استهداف المنشآت النفطية الإيرانية وربما النووية، فقد تواجه المنطقة تصعيداً خطيراً هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد يختار ترامب محاولة إنهاء الصراعات ليظهر كصانع سلام، وسيستفيد من التصعيد الصهيوني الراهن لفرض اتفاقيات تهدئة تخدم مصالح واشنطن و»إسرائيل» بشكل رئيس.
السيناريوهات والتوقعات تعتمد بشكل كبير على مدى استعداد إيران والكيان للتصعيد أو التهدئة، وما إذا كانت الولايات المتحدة ستتبنى سياسة حاسمة أو مزيجاً من الضغط والدبلوماسية، وهل ستخلى السعودية عن الاتفاق مع إيران وتعزيز العلاقة مع روسيا والصين أم لا، وهذه الأمور لا يمكن القطع بها.
بحسب التحليلات الواردة في المواقع الإلكترونية وتعليقات السياسيين ومراكز البحوث، وبالنظر أيضاً إلى البرنامج الانتخابي لترامب، نستنتج التالي:
- سيكون ترامب شريكاً مفضلاً لدول الخليج، حيث يركز على المصالح الاقتصادية والأمنية بعيداً عن قضايا حقوق الإنسان.
- وسيكون الضغط على اليمن جزءا من هذه السياسة الداعمة للسعودية والإمارات، وجزءا من الضغط على إيران.
- من المرجح عودة سياسة الضغط الأقصى على إيران، ما يرفع التوترات الإقليمية.
- سيحاول ترامب توسيع اتفاقات إبراهام التطبيعية لتشمل السعودية، مع استمراره في تجاهل المطالب الفلسطينية التقليدية مثل حل الدولتين.
- قد يطلب ترامب من دول الخليج خفض التعاون مع الصين، ما قد يؤثر على العلاقات الاقتصادية الخليجية -الصينية.
- التهدئة مع إيران وتهدئة الأوضاع في فلسطين ولبنان، هو الآخر خيار مطروح ليس مرجحاً لكن محتمل، وهذا في حالة التعامل مع قضايا المنطقة كملف واحد.
- جدير بالذكر أن عدم تحمس ترامب للمعركة في أوكرانيا، يعطي أمريكا موارد أكبر لتشديد التركيز على المنطقة.
وبالتالي، من المتوقع أن تركز سياسة ترامب الخارجية على تعزيز التحالفات التقليدية وبعث السياسة القديمة، مع الدفع نحو تحقيق مكاسب اقتصادية وأمنية، دون إعطاء أولوية لقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية، وبالطبع مع مراعاة التغيرات في المنطقة.
مع الملاحظة أن تأثير الفرد في الإدارة الأمريكية كبير في حالة ترامب، وهو شخصية عُنصرية تجاه العرب والمسلمين وهذا البُعد النفسي الشخصي سوف يلعب دوراً في التأثير على قرارات ترامب تجاه قضايا المنطقة.. وفي ما يلي التقرير كاملاً عن تأثير فوز ترامب على المنطقة والسيناريوهات المتوقعة لسياسته الخارجية تجاه دول وقوى المنطقة.
السعودية
فوز ترامب يمكن أن يعزز العلاقة الوثيقة بين واشنطن والرياض وخصوصاً محمد بن سلمان، نظراً لما تميزت به فترة حكمه الأولى من دعم غير مشروط للمملكة. قد يدعم ترامب مجدداً سياسات السعودية ضد إيران واليمن، ويُتوقع أن يعود لسياسة «الضغط الأقصى» على طهران، وإعادة أنصار الله إلى لائحة الإرهاب.
ومع ذلك، قد يواجه ترامب تحديات تتعلق بتوازن السعودية بين واشنطن وبكين، حيث توسعت العلاقات التجارية والتكنولوجية بين الرياض وبكين في السنوات الأخيرة، إبان فترة بايدن، والسعودية ترى في توسيع هذه العلاقات مكاسب قد تحققت، فهذه المسألة سوف تكون حساسة للطرفين.
مشروع إبراهام للتطبيع مع السعودية
من المحتمل أن يدفع ترامب بقوة نحو تطبيع العلاقات بين السعودية و«إسرائيل» كجزء من اتفاقات إبراهام، مستخدماً وعوداً اقتصادية وأمنية لضمان تعاون السعودية. لكن، من غير المتوقع أن توافق السعودية دون تقدم في القضية الفلسطينية، وهو ما قد يتطلب تعديلات على صيغة «صفقة القرن» التي رفضتها القيادة الفلسطينية مسبقاً. وكذلك تشترط المملكة ضمانات أمنية وتعاونا عسكريا، ومقارنة ببايدن فترامب أكثر استعداداً للتعاون العسكري مع المملكة بدون الالتفات إلى قضايا حقوق الإنسان.
الإمارات
العلاقة بين الإمارات وترامب كانت قوية خلال فترته الأولى، وقد تستمر في النمو. ستسعى الإمارات لتعزيز شراكتها الاستراتيجية مع واشنطن، خصوصاً في مجالات التكنولوجيا والأمن. قد تواجه الإمارات ضغوطاً أميركية لتقليص تعاونها مع الصين، لاسيما في المجالات الحساسة كالبنية التحتية والذكاء الاصطناعي.
اليمن
الحكومة العميلة ذاتها لا يوجد سياسة لها بذاتها، فالموقف منها مرتبط بالسياسة الأمريكية تجاه كل من السعودية وإيران، وفي حالة التصعيد مع إيران والدعم غير المشروط للسعودية، فمن المحتمل في هذه الحالة أن تعود إدارة ترامب لتقديم دعم قوي للحكومة العميلة في مواجهة صنعاء.
ومع ذلك، قد تكون هناك ضغوط على الحكومة العميلة لقبول حلول سياسية وفقاً للأولويات الأميركية في المنطقة، بما في ذلك استقرار اليمن إذا مالت الولايات المتحدة للتهدئة في البحر الأحمر كجزء من التهدئة في لبنان وغزة.
عودة ترامب قد تعني تصعيداً جديداً ضد صنعاء من خلال دعم التحالف الذي تقوده السعودية. سيعزز ترامب الضغوط العسكرية والاقتصادية على صنعاء، وهذا الأمر مرتبط بعودة سياسة الضغط الأقصى على إيران. وإذا استمرت المعركة في البحر الأحمر، فسيكون ترامب داعماً لعملية عسكرية عدوانية من قبل المرتزقة تجاه سواحل اليمن.
استئناف سياسة «الضغط الأقصى» على إيران
من المرجح أن يعيد ترامب فرض عقوبات صارمة على إيران، تتضمن عقوبات اقتصادية إضافية على صادرات النفط والقطاعات المالية، بهدف زيادة العزلة الاقتصادية والسياسية لطهران. أي يُعيد التجربة السابقة وذلك بهدف إضعاف القدرات الإيرانية النووية والصاروخية، والحد من نفوذها الإقليمي من خلال الحد من قدرتها على دعم الحلفاء في المنطقة.
تصعيد الدعم لـ«إسرائيل»
تعزيز التعاون العسكري والاستخباراتي بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، بما في ذلك تقديم دعم سياسي وعملياتي لضرب المواقع النووية الإيرانية -في حال تم الاتفاق على هذه الخطوة التي ستكون ذروة التصعيد- وذلك بهدف تقليل التهديد الإيراني للكيان ومواصلة المضي في مشاريع التطبيع العربية والإسلامية مع الكيان الصهيوني.
التعامل مع القضية الفلسطينية
من المحتمل أن تتبنى إدارة ترامب نهجاً مشابهاً لخطته السابقة (صفقة القرن)، التي تركز على دعم الموقف «الإسرائيلي» بشكل كامل، مع تقليل الدعم للسلطة الفلسطينية، وهو ما يعني استمرار التصعيد في غزة والضفة الغربية، مع تقليل فرص التوصل إلى تسوية سياسية شاملة.
دعم العمليات العسكرية «الإسرائيلية» في غزة ولبنان
من المتوقع توفير الولايات المتحدة دعم سياسي وعسكري مكثف لـ»إسرائيل» في المواجهة مع حزب الله والمقاومة الفلسطينية في غزة، بهدف إضعاف هذه القوى التحررية في المنطقة وتقليل التهديدات الأمنية على دولة الاحتلال.
ومن غير المتوقع أن تضغط إدارة ترامب على الحكومة الصهيونية في التراجع عن قرارين حاسمين لحل الدولتين: الأول قرار حظر إقامة دولة فلسطينية، والثاني حظر عمل الأونروا، وهي القرارات التي استنكرتها إدارة بايدن.
تصعيد الضربات المتبادلة بين إيران والكيان
مع استمرار تبادل الضربات بين إيران و«إسرائيل»، قد تشهد المنطقة تصعيداً إضافياً، خاصة إذا اتخذت دولة الاحتلال خطوات هجومية حاسمة مثل ضرب المنشآت النووية الإيرانية.
إيران قد ترد بضربات جديدة على «إسرائيل» أو حلفائها في المنطقة، مما قد يؤدي إلى انخراط أوسع للولايات المتحدة في الصراع.
مفاوضات مشروطة مع إيران
رغم التصعيد المتوقع، قد يعرض ترامب مفاوضات مع إيران بشروط صارمة تتعلق ببرنامجها النووي والصاروخي ودورها الإقليمي، فقد لمح في ذلك في أحد المهرجانات الانتخابية، يعتمد نجاح هذا السيناريو على مدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات، واحتمالية وجود قنوات خلفية للتفاوض، وهو أمر متوقع من الإدارة الإصلاحية الراهنة في طهران التي صرحت أن ما يهم في الانتخابات الأمريكية ليس من فاز بل تقييم أداء الإدارة الأمريكية ذاتها، وهذا التصريح يفتح مجالاً للأخذ والرد.
المصدر أنس القاضي
زيارة جميع مقالات: أنس القاضي