حرب المشتقات النفطية
 

أنس القاضي

أنس القاضي / لا ميديا -

كم يبدو بائسا بيان وزارة خارجية الحكومة العميلة بشأن السماح بدخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة. البيان يفترض أنهم سمحوا بدخول سفن النفط التي منعت حكومة صنعاء من دخولها؛ وكأننا نحن نحاصر أنفسنا! هذا التناقض مع الواقع التاريخي الملموس إنما يكشف الضعف الذي يعتري تحالف العدوان والانتكاسات التي تجعله متناقضا مع الواقع الذي يُفترض أنهم يسيطرون عليه، فهم حين فقدوا السيطرة على واقع الحرب العسكرية وواقع الصراع السياسي، لجؤوا إلى الكذب لتحقيق وجود وانتصار في هذا الواقع المتداعي منهم، والذي يتعاظم فيه حضور السلطة الوطنية والقوى المقاومة للعدوان. 
وماذا بعد؟ يفترض البيان بأن الحكومة العميلة ألزمت حكومة صنعاء بمضمون المبادرة التي قدمها أصلاً قائد الثورة بشأن توريد إيرادات النفط إلى فرع البنك في الحديدة، وهي المبادرة المعروفة بل المبادرة التي بُنيت عليها اتفاقية السويد في شِقها الاقتصادي، فهي المبادرة الأكثر واقعية للتحقق والأكثر موضوعية، ولأن لها هذه القوة الموضوعية التي يَصعب تجاوزها لجأت الحكومة العميلة إلى الادعاء بأنها هي من طرحتها، فيما هذه الحكومة كانت حتى الأمس بتوجيهات من السفير السعودي آل جابر، تتعنت في ضرورة توريد إيرادات ضرائب المشتقات النفطية التي ستدخل الحديدة إلى البنك الأهلي السعودي كما هو عليه الامر في بقية الموانئ المحتلة، وهناك حوافظ توريد تابعة للجنة الاقتصادية التابعة للحكومة العميلة تثبت ذلك، فلجنة هادي هي المتسببة في زيادة معاناة المواطنين اليمنيين، والحكومة العميلة مجرد عملاء يستخدمهم التحالف كأدوات ويحدد أدوارهم مسبقاً.

اللجنة الاقتصادية عمالة وفساد 
إلى جانب أن مرتزقة تحالف العدوان عملاء يتبعون الأوامر السعودية، فهم في ذاتهم فاسدون ولهم مصالحهم الخاصة من تفاقم الأزمات في أوساط الشعب، فحقيقة البيع المباشر للمشتقات النفطية من قبل شركة مصافي عدن دون الرجوع إلى شركة النفط بعدن وغيرها من الاختلالات تثبت ذلك، كما أن اليمن بلد مصدر للنفط. والنفط الخام والصادرات النفطية والمصافي تخضع لحكومة العميل هادي. فلذا أين تذهب إيرادات النفط الذي يتم تصديره إلى الخارج؟! وأين الهبات والتبرعات النفطية التي تعلنها دول تحالف العدوان؟ وما هو مصيرها؟! فإذا كانت تصل إلى عدن فيفترض توزيعها مجانا على المواطنين أو إلحاقها بالمواد المستوردة وتحديد متوسط التكلفة، وبهذا ستصل تلك المعونات والهبات إلى المواطنين من خلال السعر المخفض، الأمر الذي لم يلمسه المواطن اليمني في جنوب الوطن، مما يؤكد زيف ما تتغنى به اللجنة الاقتصادية هناك، حيث يقتصر دور اللجنة في الواقع على خنق الشعب وافتعال الأزمات ومساندة هوامير الفساد وأبرزهم «العيسي».

هكذا تم تدمير اقتصاد الوطن وسرقة خبز الشعب 
أما الهزلي فهو قولهم بأنهم أحسوا بمعاناة المواطنين في مناطق حكم السلطة الوطنية وقد امتد هذا الشعور المتعاطف - الزائف- إلى حد المطالبة من صنعاء بتسديد رواتب موظفي الدولة من ضرائب 10 سفن نفطية يملك رأس مالها وأرباحها التجار المستوردون لا الحكومة. وهذا القول منهم إنما جاء للتغطية على حقيقة أن الحكومة العميلة تبيع النفط والغاز وتنهب رأس المال الصافي من البيع، أي ربح 100٪.، وتسيطر بذلك على 70٪ من أموال الموازنة التي كانت تغطي رواتب موظفي الدولة وهي أموال القطاع العام ولم تكتفِ الحكومة العميلة بالسيطرة على هذه الإيرادات بل مثلت غطاءً لتحالف العدوان لتدمير الاقتصاد الوطني اليمني في القطاع الخاص والمشترك، ويمكن إيراد الآثار والتداعيات الاقتصادية الناجمة من 4 سنوات من العدوان والحصار من مارس 2015 حي ديسمبر 2018 كالتالي: 
تظهر التقديرات الأولية للناتج المحلي والإجمالي بالأسعار الثابتة العام 2014 مدى الانخفاض الكبير في الطاقات الإنتاجية للاقتصاد القومي، حيث انخفض من 7140 مليار ريال عام 2014 ليصل إلى 3852 مليار ريال عام 2018 بنسبة انخفاض تصل إلى 46٪ مقارنة بتوقعات تحقيق معدل نمو سنوي متوسط خلال هذه الفترة يصل في المتوسط إلى 5,1٪ ما يجعل الخسارة الحقيقية الناجمة عن العدوان خلال السنوات الأربع تصل إلى 20550 مليار ريال ما يوازي 71,4 دولار مليار أمريكي من ناحية ويهبط بمستوى الناتج المحلي الإجمالي عام 2018 إلى ما يقارب 46٪ مما كان مستهدفاً لنفس العام من ناحية ثانية. وخسارة الاقتصاد القومي من عائدات طاقاته الاقتصادية لهذه الفترة ما يقارب 50٪ مما كان متوقعاً تحقيقه خلال هذه الفترة. ومع استمرار العدوان والحصار خلال عام 2019، يتوقع ارتفاع حجم الخسائر إلى 95,6 مليار دولار. 
فدول العدوان منذ بداية عدوانها ركزت وبدرجة أساسية على تدمير كافة مصادر الإنتاج الرئيسية للاقتصاد القومي وفي مقدمتها المنشآت الإنتاجية كالمصانع والوحدات الإنتاجية المتوسطة والصغيرة، حيث قدر عدد المصانع الكبيرة المدمرة بنحو 347 مصنعاً، و546 حقلاً زراعياً و445 قارب صيد و382 مزرعة دجاج ومواش و486 شبكة ومحطة اتصالات، وذلك بهدف حرمان المجتمع من الحصول على الحد الأدنى من السلع الأساسية اللازمة للبقاء على قيد الحياة. وبهدف زيادة معاناة المواطن هدفت دول العدوان إلى تدمير منشآت الخدمات الإنتاجية كالأسواق والتي بلغ المُدمَّر منها نحو 650 سوقاً، والمنشآت التجارية نحو 9724 وشاحنات الغذاء نحو 690، ومخازن أغذية نحو 800، وناقلات وقود 285، ووسائل نقل 5617، وطرق وجسور نحو 3216، ومنشآت سياحية 327، ومواقع أثرية 237، و15 مطاراً 16 ميناء وذلك بهدف منع المنتجين المحليين من تصريف منتجاتهم ونقلها إلى الأسواق وحفظها... الخ.

الحكومة العميلة غطاء لانتكاسات العدوان 
بيان الحكومة العميلة هذا مؤشر هام على مدى الضعف التي تعاني منه الحكومة العميلة، وكيف إنها دمية فعلية تحركها خيوط الرغبة الخليجية، فباسمها ترتكب الجرائم وباسمها تتم التراجعات وتغطى نكسات التحالف الإجرامي.
فهذا البيان الأخير أفاد أيضاً بأنه حين سمح بدخول سفن المشتقات لنفطية، استجاب لدعوات المنظمات الدولية المفاجئة لتحسين الأوضاع الإنسانية، وهذه الإنسانية المُدّعاة، إنما هي للتغطية على حقيقة بأن تهديدات وتحذيرات رئيس الجمهورية في صنعاء هي ما دفعت التحالف العدواني للرضوخ والسماح للسفن بالمرور. ولأن تحالف العدوان لا يريد أن يظهر كخاضع وذليل خاصة من بعد ضربة «بقيق» و«خريص»، فقد أوعز لمرتزقته أن يخرجوا بهذا البيان ليحسنوا صورة هزيمتهم.
ويوما ما حين سيرضخ تحالف العدوان للسلام، وسيفاجئ عملاءه بالتخلّي عنهم، حينها سيقرون بأنه لا شرعية لهم ولا لحكومتهم وسيصدرون بيانا يتخلون فيه من أوهامهم ويقولون بأن ذلك إنما هو تلمس لمعاناة المواطنين ونزولا عند رغبة الشعب في السلام، فيما هم من كانوا يبررون جرائم تحالف العدوان ويغسلون أيدي المجرمين!

أترك تعليقاً

التعليقات