مشكلة الفوضى في الإنتاج الزراعي في اليمن وسبل معالجتها
- أنس القاضي الأحد , 17 نـوفـمـبـر , 2024 الساعة 6:24:09 PM
- 0 تعليقات
أنس القاضي / لا ميديا -
في كل موسم حصاد لفاكهة معينة، نشهد انخفاضاً في أسعارها مما يسبب ضرراً
للمزارعين، مثلما حدث مع المانجو سابقاً، والرمان حالياً، وقبل ذلك تراجعت المصانع عن تعهداتها في استيعاب محاصيل الطماطم والقطن. وفي ما يتعلق بالقمح، وللسنة الثانية على التوالي، لم تكن هناك حصادات كافية لتغطية المساحات الواسعة في الجوف.
يمكن تلخيص هذه الإشكالية في غياب التخطيط الاقتصادي المتكامل من الدولة، وعدم التنسيق الفعّال مع القطاع الخاص، سواء من الأسر أو الشركات أو المنظمات التنموية.
التخطيط الجيد يعني أن الدولة تكون على دراية تامة بكمية الإنتاج المتوقعة من المحاصيل المختلفة، وكيف سيتم تسويقها وتوزيعها. هذا يشمل تحديد الكميات المصدرة، وتلك التي ستطرح في السوق المحلي، وتلك التي ستخزن، وما سيذهب إلى المصانع الوطنية. بناءً على هذه المعلومات، تضع الدولة السياسات الاقتصادية المناسبة.
الفوضى في الإنتاج الزراعي
يترتب سنوياً على مشكلة فوضى الإنتاج الزراعي مشاكل خطيرة، تستمر من عام لآخر دون معالجتها، وهي تعقد مسألة الإنتاج الزراعي، وتؤثر على التوجه العام نحو الاكتفاء الذاتي، ومن نماذج هذه المشكلة ما يلي:
- انخفاض أسعار المحاصيل في موسم الحصاد: هناك مشكلة تكرارية بانخفاض أسعار الفواكه والمنتجات الزراعية في مواسم الحصاد، مما يتسبب في خسائر للمزارعين. مثلاً، تكرر هذا الأمر مع المانجو، والرمان حالياً، فيما العنب مستقر لأنه يتحول إلى زبيب ولا يفسد.
- المصانع لا تستوعب المحاصيل: تكررت مشكلات تراجع المصانع الحكومية عن تعهداتها على استيعاب المحاصيل الزراعية مثل الطماطم والقطن، مما يؤدي إلى ضياع المحاصيل أو انخفاض قيمتها.
- نقص المعدات الزراعية (الحصادات): هناك نقص في الحصادات المتاحة لتغطية المساحات الزراعية الكبيرة، مثلما حدث مع القمح في الجوف للسنة الثانية على التوالي.
التداعيات:
- الخسائر الاقتصادية للمزارعين: تراجع أسعار المحاصيل يؤدي إلى خسائر مالية للمزارعين، حيث لا يغطي السعر المتدني تكاليف الإنتاج، مما قد يدفعهم للانتقال إلى أنشطة أخرى أقل إنتاجية أو أكثر استهلاكا للموارد.
- ضياع فرص إنتاج محلي مستدام: عدم استيعاب المحاصيل في المصانع يؤدي إلى ضياع كميات كبيرة من الإنتاج الوطني، مما يضر بالاقتصاد المحلي ويزيد الاعتماد على الاستيراد.
- تدهور الأمن الغذائي: في حال استمرار الخسائر الزراعية، قد يتوقف المزارعون عن زراعة بعض المحاصيل الهامة، مما يهدد بتراجع الأمن الغذائي.
أهمية التخطيط في الإنتاج الزراعي في تطوير الاقتصاد
في الدول النامية، يعد التخطيط في الإنتاج الزراعي أداة أساسية للتغلب على التحديات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في ظل وجود قيادة ملتزمة برفع مستوى معيشة الشعب. إن التخطيط السليم يسهم في تعزيز الاستقلال السياسي والاقتصادي، وتحقيق تطور مستدام في القطاع الزراعي، مما يساعد على رفع المستوى المادي والثقافي للمجتمع.
يبرز التخطيط في الإنتاج الزراعي كضرورة ملحة لضمان استمرارية هذا القطاع الحيوي، خاصة وأنه يشكل مصدر الدخل الرئيسي لغالبية الشعب، سواء في الريف أو المدن.
إعادة الاعتبار للاقتصاد المخطط في الزراعة يساعد على تحقيق الأهداف الوطنية بأقل تكلفة ووقت وجهد، ويخدم بشكل مباشر مصالح المنتجين والمزارعين، ويمنعهم من التحول إلى أنشطة غير منتجة.
التخطيط كأداة لتجنب العشوائية في الإنتاج الزراعي
التخطيط الزراعي يضمن التنسيق الفعّال بين المزارعين والدولة والقطاع الخاص، ويحول دون العشوائية التي قد تؤدي إلى فائض في الإنتاج وانخفاض في الأسعار، كما يحدث في مواسم معينة مثل محاصيل المانجو والرمان. في حال كان هناك تخطيط مسبق، يمكن للدولة أن تضمن توزيع المحاصيل بين السوق المحلي والمصانع والتصدير، مما يمنع إغراق السوق المحلي ويحقق عوائد اقتصادية أفضل للمزارعين.
أهمية التخطيط الزراعي في مواجهة التحديات الاقتصادية
التخطيط يتيح للدولة تنظيم الإنتاج الزراعي بما يتناسب مع احتياجات السوق المحلي والإقليمي، ويعزز الاستفادة المثلى من الموارد المتاحة، سواء كانت موارد مالية أو بشرية أو تقنيات حديثة. التخطيط الزراعي ليس فقط وسيلة لتحقيق الإنتاج المستدام، بل هو أيضاً وسيلة لضمان استخدام الموارد بشكل فعال وتحقيق نتائج قصوى من المحاصيل.
التجربة الصينية في التخطيط الزراعي
تعتبر الصين مثالاً رائداً في التخطيط الزراعي، حيث استطاعت من خلال سياسات التخطيط المسبق أن تتجنب المشاكل الاقتصادية المرتبطة بالفائض في الإنتاج أو نقص الموارد. الصين تعتمد على تحليل دقيق للأسواق المحلية والدولية، وتضع خططاً لتوزيع المحاصيل بما يضمن التوازن بين العرض والطلب، ويعزز من قدرة المزارعين على تحقيق أرباح مجزية.
ملامح التجربة:
- التخطيط المسبق للإنتاج الزراعي: تعتمد الصين على تحليل دقيق للسوق والطلب المحلي والدولي لتحديد كمية الإنتاج المناسبة لكل محصول.
- بنية تحتية قوية: قامت الصين بتطوير بنية تحتية زراعية وصناعية متكاملة، مما يضمن استيعاب المحاصيل في المصانع وتوفير المعدات اللازمة مثل الحصادات.
- دعم مباشر للمزارعين: تقدم الحكومة الصينية دعماً كبيراً للمزارعين من خلال تسهيلات في التمويل والدعم التقني لضمان استمرارية الإنتاج.
- تشجيع الصادرات: الصين تعتمد على استراتيجيات تصدير ذكية لتعزيز دخل المزارعين من خلال الوصول إلى الأسواق الدولية.
التوصيات:
- تحسين التنسيق بين الدولة والقطاع الخاص: يجب تعزيز التنسيق بين الدولة والشركات والمزارعين لضمان استيعاب المحاصيل الزراعية في السوق المحلي والمصانع، وتحديد آليات توزيع فعالة.
- تشجيع الاستثمار في القطاع الزراعي: على الدولة دعم المزارعين والمستثمرين وتوفير الحصادات اللازمة وتعزيز التصنيع الزراعي لاستيعاب المحاصيل.
- تحفيز الصادرات الزراعية: يجب وضع خطط للتصدير المبكر لتجنب انخفاض الأسعار المحلي وتحقيق أفضل عوائد للمزارعين.
- تطوير سياسات لتخزين المحاصيل: وضع خطط استراتيجية لتخزين المحاصيل الزراعية بشكل جيد لتجنب تكدس المحاصيل وتلفها.
المصدر أنس القاضي
زيارة جميع مقالات: أنس القاضي