حكام اليمن المثقفون 2-2
 

محمد ناجي أحمد

الغرابة تكمن في ضياع مؤلفات القرامطة في اليمن، التي عكست المنظور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والفلسفي الذي سارت عليه دولة علي بن الفضل، وكذلك مؤلفات الدولة الصليحية، رغم ما عرف عن الحركات الاسماعيلية في الشام والعراق والمغرب ومصر والبحرين من عناية بالفكر والفلسفة والفلك والزراعة والطب... إلخ.
وتسمية "القرامطة" للحركة الاسماعيلية في اليمن والشام وسواد العراق، بحسب الدكتور مصطفى غالب في كتابه "القرامطة" الصادر عن دار الاندلس، ط2، 1983م، هي تسمية أطلقها الخصوم من باب ازدراء الحركة الاسماعيلية، وتشويه صورتها. وهو يرى أن علي بن الفضل تمرد على قيادة الحركة الاسماعيلية ومركزها في سلمية بالشام، وأن منصور اليمن ابن حوشب هو من مثل الولاء لمركز الحركة في الشام.
لقد أنتجت حركة ابن حوشب دعاة الدولة الصليحية في اليمن، لكن الأثر الفكري لهذه الحركة، التي كان حكامها دعاة مفكرين، تم محوها!
وهي حركة تميزت بالمساواة الثقافية بين دعاتها
 من النساء والرجال، حتى جعلت الإمام عبد الله بن حمزة بن سليمان بن حمزة المتوفى سنة 614هـ يؤلف كتابا بعنوان (إلى النساء وقد ظهر فيهن مذهب الباطنية).
لعل السبب يعود إلى تكالب جميع الخصوم في اليمن، واتفاقهم على محو كل أثر فكري يدل على (قرامطة اليمن) والدولة الصليحية في اليمن، التي كان من كبار دعاتها من النساء السيدة أسماء والحرة السيدة أروى الصليحي. إلى جانب هذه الإزاحة والمحو قاموا بتقديم تصور مختلف عنهم مبني على شيطنتهم، ونعتهم بالفسوق والمجون والانحلال وتفكيك الروابط الأسرية، مع أن الاسماعيلية تميزوا باحترام وتقديس الأسرة.
واحتفظ التاريخ بعناوين مؤلفات أبي الدّر جوهر بن عبد الله المعظمي الزريعي، ومنها: (تذكرة الأخبار وذخيرة السرار)، وكتاب (اللؤلؤيات)، وكتاب (المناجاة والدعوات). 
ومن الأئمة المجتهدين الإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدين، ومن مؤلفاته السياسية ذات الأهمية كتابه الذي دعا فيه إلى المصالحة مع بني رسول، وبين فيه أسباب ميله إليهم، (وهو وثيقة سياسية مهمة حول العلاقات بين الأئمة وسلاطين بني رسول، فرغ منه سنة 668هـ) (الحبشي، مرجع سابق، ص 109).
ومن حكام اليمن المؤلفين الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي الرسولي، حكم في سنة 627هـ -694هـ، ولديه العديد من المؤلفات، منها في الحديث والفلك والطب وصناعة الكتاب وفي الفكاهة. وكان ابنه الملك الأشرف عمر بن يوسف الرسولي الذي حكم من 694هـ إلى 696هـ له العديد من المؤلفات في علم الأدوية والعقاقير والأسطرلاب وعلم النجوم والتاريخ والأنساب وعلم الفلاحة وعلم البيطرة، وكذلك كان أخوه الملك المؤيد داود بن يوسف بن عمر الرسولي، فقد كان له شعر ومؤلفات هي ملخصات وشروح، ومن شعره: 
خذ ما تراه ودع عنك الذي غابا واقطع زمانك أفراحا وأطرابا
قالوا أتاك نذير بالمشيب فتب أما قضيت من العصيان آرابا 
فقلت كيف يبالي بالمشيب فتى لم يدر من طول سكر أنه شابا
وكان حكمه من سنة 696هـ إلى 721هـ. 
وللإمام يحيى بن حمزة بن علي عشرات المؤلفات، منها كتابه (تصفية القلوب)، الذي سار في تأليفه على نهج (إحياء علوم الدين) لأبي حامد الغزالي. وله كتاب (عقد اللآلي في الرد على أبي حامد الغزالي) الذي يرد فيه على الغزالي في مسألة السماع.
وللملك المجاهد علي بن داود بن يوسف الرسولي الذي حكم اليمن من 721هـ إلى 764هـ مؤلف عن الخيل والبغال وصفاتها وأنواعها وبيطرتها. وهو الملك الذي أراد انتزاع الحجاز من سلطة مصر، فأحاط به أمير الحج المصري في مخيمه بمكة حين ذهب للحج، واقتادوه إلى مصر، ليسجن فيها 14 شهرا، وذلك عام 751هـ، ثم عاد إلى تعز، وكانت وفاته في عدن، ونقل إلى تعز ليدفن فيها. 
ومن ملوك بني رسول الذين تركوا العديد من المؤلفات المنسوبة لهم: الملك الأفضل عباس بن علي بن داود، المتوفى سنة 778هـ. يقول عنه المؤرخ تقي الدين الفاسي بعد عرضه لمؤلفاته: (وبلغني أن هذه التواليف ألفها على لسانه قاضي تعز رضي الدين أبو بكر بن محمد بن يوسف النزاري الصبري) (عبد الله محمد الحبشي، مرجع سابق، ص 158).

أترك تعليقاً

التعليقات