عن صنعاء الوحدة اليمنية
- محمد ناجي أحمد الأحد , 1 يـنـاير , 2017 الساعة 12:25:24 PM
- 0 تعليقات
في أي مشروع وحدوي تأتي القاعدة التي ينطلق منها هذا المشروع كأساس وشرط له، لذلك فالوحدة اليمنية كهدف للثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر)، حددت قاعدة هذه الوحدة بصنعاء عاصمة للجمهورية اليمنية، وكان إجماع كل الأطراف، لما تمثله صنعاء جغرافياً وسياسياً وتاريخياً، من عمق للدولة الوحدوية اليمنية، ولم تكن يوماً محل خلاف واختلاف. لم يكن اختيار صنعاء عاصمة للوحدة اليمنية لأسباب جمالية، أو لأنه يقطن فيها كل اليمنيين، ولم يكن اختيارها لأنها ملجأ للنازحين، كان اختيارها لأنها الأصلح والأنسب جغرافياً وتاريخياً وسياسياً للدولة اليمنية الوحدوية.
الحديث عن صنعاء التي صمدت في حصار السبعين يوماً، وقد كان حينها مرتزقة الكيان السعودي على مشارف نقم وجبل الطويل وبني حشيش، ونقيل يسلح وسنحان، ومع ذلك كانت صنعاء بما تكتنزه من طاقة وإيمان الشباب المؤمن بالجمهورية والثورة، قادرة على التصدي للعدوان ودحره، وإجباره على الاعتراف بالجمهورية والثورة، والجلوس إلى طاولة التسوية على أرضية أهداف الثورة اليمنية. لهذا فكل حديث عن صنعاء خارج سياقها الوحدوي ورمزيتها الجامعة التي تصهر التعدد اليمني تاريخياً وجغرافياً في نسيج وحدوي، هو حديث ينتقص منها ومن الجمهورية اليمنية... إفراغ صنعاء من دلالتها الوحدوية كقاعدة للوطن اليمني؛ منها يستمر الأمل بإمكانية أن يتعافى اليمن من تشظياته وهوياته الطاردة، ليس سوى تسويق للجغرافيات كي تحل محل الصراع السياسي والاجتماعي، وسلب صنعاء ذات الهوية الوحدوية بتحويلها إلى منطقة مماثلة للجهويات والمناطقيات والأيديولوجيات، ولو بمنطق المفاضلة والمن!
صنعاء هوية جامعة اسمها اليمن، وليست أيديولوجية مماثلة للهويات الطاردة!
كل مشروع وحدوي كان يضع نصب عينيه تحديد القاعدة الوحدوية التي يبني على أساسها هذا المشروع، فلو أخذنا على سبيل المثال مشروع الوحدة العربية، فسنجد أن مصر هي قاعدته، إضافة إلى القومية العربية كأيديولوجية جامعة، والقيادة الكارزمية القادرة على حشد الناس مع هذا المشروع وتحقيق آمالهم ومصالحهم. وحين تم استهداف القومية العربية والوحدة العربية، كان تركيزهم على ضرب مصر وهزيمتها وإخراجها من الصف والأمن القوي العربي واهتماماتها الوحدوية، فكانت النتيجة أن نجح الكيانان السعودي والصهيوني في إفشال وإعاقة مشروع الوحدة العربية، الذي تم بين مصر وسوريا، كخطوة مرحلية في طريق الوحدة العربية الشاملة، لكن المال السعودي والمؤامرات الصهيونية والغربية حققت هدفها في إسقاطها، فتلك الوحدة كانت محل خوف واستهداف الغرب، وعدم رضا الاتحاد السوفيتي عنها أيضاً.
لقد كان جمال عبد الناصر يسعى إلى وحدة عربية شبيهة بالاتحاد السوفيتي، أي اتحاد الدول العربية، وذلك بعد فشل الوحدة بين مصر وسوريا، لكنه كان يشترط (من الدول العربية أن تحرر نفسها من الرجعية، ثم شوطاً في النهج القومي حتى نستطيع أن نتفاهم بلغة واحدة، وأكاد أتصور اتحاداً للجمهوريات العربية في ظرف 10 سنوات، على غرار اتحاد الجمهوريات السوفيتية، يكون لكل دولة منها تمثيلها السياسي كما هو الحال مع روسيا البيضاء وأوكرانيا). يقول ثروت عكاشة الذي كان حديث عبد الناصر موجهاً له (أي حلم وردي زاهٍ في ذهن عبد الناصر وقتئذ في مرحلة كانت الساحات العربية كلها جياشة بالحلم الوحدوي العربي، وأي تفكك انتهت إليه الأمة العربية بعد رحيل عبد الناصر).
ولعل التعجب والحيرة تزداد حين نشاهد الانحطاط الذي وصلنا إليه من اعتراف بخصوصية الأنظمة الرجعية في الوطن العربي، وانحراف الخط القومي باتجاه مشيخات الخليج وأحضانها.
أي انحطاط وصل إليه خطاب الوحدوي الناصري وهو يؤكد على لسان أمينه العام عبد الله نعمان، في كلمته التي ألقاها بمناسبة مرور أكثر من 50 سنة على تأسيس تنظيم الطليعة العربية وفرعها في اليمن... في كلمته يؤكد على أمن الخليج واحترام خصوصية أنظمته السياسية، وكان جمال عبد الناصر يرى (أن أول ما نتطلبه من الدول العربية أن تحرر نفسها من الرجعية، ثم شوطاً في النهج القومي حتى نستطيع أن نتفاهم بلغة واحدة، وأكاد أتصور اتحاداً للجمهوريات العربية في ظرف 10 سنوات، على غرار اتحاد الجمهوريات السوفيتية، يكون لكل دولة منها تمثيلها السياسي كما هو الحال مع روسيا البيضاء وأوكرانيا). كان هذا حديث ناصر لثروت عكاشة بعد ثورة سبتمبر في اليمن، وشتان بين حديث ناصر وحديث نعمان
المصدر محمد ناجي أحمد
زيارة جميع مقالات: محمد ناجي أحمد