قفازات الغرب .. الوهابية والإخوان
 

محمد ناجي أحمد

في حواره مع قناة (روسيا اليوم)، أشار الرئيس السابق علي عبد الله صالح، إلى أن جماعة الإخوان المسلمين خرجت من معطف السعودية، وهو توصيف لم يجافِ الحقيقة، فحسن البنا حين أنشأ الجماعة كان فكرياً متأثراً بصاحب (المنار) محمد رشيد رضا، والمعروف أن رشيد رضا كان الرافعة الوهابية في مصر، وقد أراد البنا مبايعته مرشداً لجماعة الإخوان، إلا أن رشيد رضا اعتذر عن ذلك، لكنه عمل على تقديم البنا للملك عبد العزيز آل سعود، وكان اتصال البنا في النصف الثاني من الأربعينيات، بالملك، الذي أبدى استعداده لدعم جماعة الإخوان، شرط عدم نشاطها داخل المملكة، وألاّ يكون فيها فرع للجماعة، وهو التزام استمر الإخوان على نهجه حتى يومنا! وبما أن الاستعمار البريطاني كان الراعي والحاضن للوهابية، فقد كان موقفه من الجماعة في مصر عند التأسيس، هو الدعم المالي تحت غطاء شركة قناة السويس، ولهذا فإن أغلب المؤسسين الستة العاملين في قناة السويس، ظلوا غير معروفين بأسمائهم! وقد عملت بريطانيا على تشجيع الإخوان في عدن بفكر وهابي في خمسينيات القرن الـ20، من خلال محمد سالم البيحاني ومعهده الإسلامي، بمقرراته الوهابية وتمويله السعودي!
لم تحدث قطيعة بين الكيان السعودي وحركة الإخوان، إلا في الفترة التي قررت بريطانيا والملك فاروق التخلص من حسن البنا، لعدة أسباب، أهمها مغامرة الإخوان في حركة 1948م في اليمن، حينها تنبه الملك عبد العزيز لخطر طموح الإخوان بخلافة إسلامية تحت قبضتهم، فعمل مع الإنجليز والملك فاروق، على تحجيمهم بالقدر الذي يتيح استخدامهم ضمن المشروع الغربي في المنطقة!
ولعلّ فوزهم في الانتخابات الرئاسية بمصر بعد ما سمي (الربيع العربي)، ثم القضاء على مشروعهم بالحكم خلال عام من وصولهم إلى رئاسة مصر، يذكرنا بدورهم في حركة 48م في اليمن، ثم اغتيال حسن البنا، واعتقال قياداتهم، ثم الإفراج عنهم بعد ثورة 23 يوليو 1952م، وبعد صراعهم مع مصر عبد الناصر وتوجهها القومي الوحدوي التحرري الاشتراكي، كان الكيان السعودي متواجداً بماله ومعتقده الوهابي، للتغلغل أكثر داخل حركة الإخوان المسلمين، فكانت ثقافتهم في السبعينيات ـ بحسب القيادي الإخواني (عبد المنعم أبو الفتوح) ـ (خلطة إخوانية وهابية قطبية). ومن هذه الخلطة تناسلت الجماعات الإرهابية التي استندت على مرجعية (التوحيد، ومعالم على الطريق، ورسائل حسن البنا)، بما يعني العودة إلى اجتهادات ابن تيمية، مع إسقاط الظروف الموضوعية التاريخية التي أنتجت فكر ابن تيمية!
ومع أن علاقة الإخوان مع الكيان السعودي أصابها الوهن عند مقتل حسن البنا، ثم عند إسقاط الرئيس السابق لمصر محمد مرسي، إلاّ أن لغة المصالح بينهما سرعان ما تعيد تجسير العلاقة، وإعادة تطويع الدين ضمن المصالح السياسية...!
لقد استثمر الغرب الدين لخدمة مصالحه في المنطقة، في مواجهة المد الاشتراكي والقومي والوطني، ولم تكتفِ السعودية باستخدام المؤتمر الإسلامي والجامعات، وطباعة ملايين الكتب ذات النهج الإرهابي، وتبني مفكري الإخوان ومؤلفاتهم من الراشد، وفتحي يكن، في مرحلة (الإسلام الحركي)، وسعيد حوى في كل مؤلفاته، والزنداني بإعجازاته المستلِبة للعقل، بل عملت أيضاً على إقصاء قيادات إخوانية كانت عصية على التطويع، كعمر طرموم في اليمن، لتكون القيادات الوهابية كالزنداني وعمر أحمد سيف وعبد الوهاب الديلمي، هم بوصلة الإخوان ورأسها الذي يقود زمام الجماعة في اليمن!

أترك تعليقاً

التعليقات