محمد ناجي أحمد

كانت استراتيجية الشهيد (وديع حداد) في مواجهة العدو الصهيوني (وراء العدو في كل مكان)، ولقد استفاد في ذلك من التجارب الثورية في فيتنام، وتجربة العمل الفدائي في جنوب اليمن، ومن تجارب أمريكا اللاتينية، وظل مؤمناً بنهج المواجهة والتحدي وضرب العدو في العمق، حتى قتله الموساد عن طريق سم قتل به بعد ذلك الشهيد ياسر عرفات.
استفاد (وديع حداد)، وهو من المؤسسين لحركة القوميين العرب، أواخر الأربعينيات وبداية الخمسينيات، في الجامعة الأمريكية في لبنان، وللجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الستينيات، حيث رافق زميله جورج حبش في مسيرة النضال القومي والفلسطيني حتى تهالك جسده فجأة من تأثير السم في 1976م.
كانت تجربة الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن من الاستعمار البريطاني إحدى التجارب الملهمة له وفق شعار (وراء العدو في كل مكان)، خاصة وأنه كان كقيادي مؤسس في حركة القوميين العرب، موجهاً للفعل الثوري في أكثر من قطر عربي، ومنها اليمن..
دون ضربات في العمق السعودي، فإن مقاومة العدوان لن تحقق ما ترجوه من استعادة للقرار والسيادة اليمنية من براثن هذا الكيان الذي نشأ لذات الوظيفة التي نشأ من أجلها الكيان الصهيوني، ومن ذات الاستعمار البريطاني، وانتقلا بالوراثة للعمل وفقاً للمصالح الأمريكية في المنطقة..
دمّر الكيان السعودي البنية التحتية المدنية والعسكرية، ومزق البنية الاجتماعية إلى انتماءات نقيضة للوطنية وعدوة للوطن ومستهدفة للمواطنة والحريات الاجتماعية والفردية..
لن يتوقف هذا العدوان عن نهجه ومطامعه وأهدافه ما لم تنتقل المواجهة إلى عمق المصالح لهذا الكيان، ومن يخدمهم في البر والبحر والجو، وذلك من خلال التخطيط والتنفيذ لعمليات فدائية نوعية تشمل الرياض والشركات النفطية وخطوط سيرها وملاحتها البرية والبحرية، ومؤسساتها العسكرية.. إلخ. دون ذلك، سيظل هذا الكيان يقتل الحرث والنسل، وهو مسترخٍ بأن ردود أفعالنا لن تتجاوز الأراضي التي احتلها عام 1934م، واحتال عليها بالرشاوى في معاهدة جدة...
كانت العمليات الفدائية التي نفذتها الجبهة القومية في عمق تواجد الاستعمار البريطاني بعدن، هي التي أجبرت بريطانيا العظمى على أن تحمل جثامين قتلاها وترحل من جنوبنا اليمني، حتى أصبحت هذه المسيرة الفدائية مدرسة تعلم منها الثوريون في الجبهة الشعبية وغيرها... لهذا من الواجب علينا قراءة تاريخنا الثوري، وتجارب المقاومة الوطنية في العالم، حتى تتسع خياراتنا المفتوحة على مواجهة (الكيان السعودي) وما يمثله من مصالح غربية (في كل مكان).
يطرح الإخواني عبد العزيز جباري، نائب رئيس حكومة هادي، بأن من حق السعودية أن تحمي أمنها وتدافع عن مصالحها من خلال ما سماه (عاصفة الحزم)، وذلك في مقابلة تلفزيونية أجرتها معه قناة اليمن التي تبث من الرياض! بهكذا ارتهان يصطفون مع العدوان ضد وطنهم، ويسوقونه بأنه ضد الطائفية والتمدد الإيراني في اليمن، وهم يعلمون يقيناً أن صانع الطائفية والمذهبية والجهوية هو الكيان السعودي، لأن هذا من وظائفه، وأن التمدد السعودي الوهابي هو الوحيد الذي ينهش أمننا وسيادتنا طيلة ما يقارب المائة عام، وأن الحرب الدائمة مع النظام الوهابي هي حرب من أجل الأرض والإنسان، ورفض لمنهج التكفير ونبش القبور، وتدمير الآثار... إلخ.
ينبغي أن تكون مقاومة العدوان هدفها إسقاط أهدافه ومخططاته، وليس من أجل تحسين الوضع التفاوضي معه. النصر الحقيقي يكون بإسقاط مشروع التقسيم، والتمسك بوحدته أرضاً وإنساناً، ويكون بدحر الوهابية وتحرير مقرراتنا ومناهجنا التعليمية والتربوية منها، ويكون بامتلاكنا زمام الإرادة اليمنية والقرار اليمني وفقاً للمصلحة الوطنية، ويكون بإيماننا بأن بناء الجيش الوطني هو سياج أمننا الوطني، وأن تنمية الثروة والإنسان اليمني هي أساس العدالة الاجتماعية، فبدون تعليم فلسفته العقل والإبداع، وبدون جيش وطني وتنمية وعدالة اجتماعية، نصبح ورقة يابسة في مهب عواصفهم، وبيئة خصبة لتكاثر مرتزقتهم.

أترك تعليقاً

التعليقات