اليمن الذي نريد
- محمد ناجي أحمد الخميس , 8 ديـسـمـبـر , 2016 الساعة 11:56:49 AM
- 0 تعليقات
مثَّل صلح دعان عام 1911م، هزيمة فعلية للاحتلال العثماني في اليمن، ونقطة تحول باتجاه الشروع نحو بناء الوطنية اليمنية، ثم جاءت هزيمة الامبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، لتساعد اليمن على إعادة اللحمة اليمنية، والسير في تكوين اليمن الحديث، ابتداء من 1918م، رغم محاولات العثمانيين من خلال قائدهم العسكري سعيد باشا، الذي استدعى قائمقامات لواء تعز ليوزع لهم المدافع والأسلحة بدلاً من تسليمها للإمام يحيى، بغرض الدفع بلواء تعز إلى أن يكون مستقلاً عن شمال اليمن، أو جعل الحكم الذاتي أمراً واقعاً! لكن مشروع بناء الدولة انتصر على مشروع بناء المشيخات وأمراء الحروب (القائم مقامات)، وكان اختلافهم وتنافسهم على الاستئثار بالسلطة والثروة سبباً في فشل مؤتمرهم في (العماقي)، فما كان منهم إلاّ أن تسللوا فرادى للاعتراف بالدولة الجامعة، والتواصل مع الإمام يحيى، والتسليم للمملكة الناهضة، شرط عدم المساس بما تحت أيديهم من ثروة وسلطة في الأقضية والنواحي التي يحكمونها، وهو ما أعطي لهم مؤقتاً، ثم نزع عنهم حين قويت شوكة الدولة عام 1921م، وهو ما دفعهم للتآمر عام 1922م، والتواصل مع الاحتلال البريطاني في عدن لإحياء مشروع الدويلة المستقلة، وهُزم مشروع الدويلة، وانتصرت الدولة الجامعة...
بعد قيام الثورة اليمنية (26 سبتمبر و14 أكتوبر)، تأسس نظامان جمهوريان في شطري الوطن اليمني، وكانت الضفتان تعلنان أن الحرية والوحدة والعدالة هو هدف هذه الثورة، لهذا حين تحققت الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م، كان الإعلان عنها بتوازٍ مع إطلاق التعددية السياسية والحزبية، ومع توسيع الاستثمارات والاستكشافات النفطية والسمكية.. لكن الوحدة طوِّقت بالمحاصصات والتوافقات، مما جعل الحرب الباردة بين شركاء الوحدة، فكانت النتيجة سيطرة المتحاصصين في الجمهورية العربية اليمنية، وهزيمة الطرف الثاني، مع الإبقاء على جوهر المحاصصات وما يسمى الديمقراطية التوافقية، وهي صيغة تلفيقية تتناقض مع حقيقة الديمقراطية كحكم للأغلبية الجماهيرية، لهذا كانت الدورات الانتخابية من 1993م إلى 2006م، دورات توافقات تحاصصية أو عنف سياسي، وليس وسيلة لانتقال السلطة! كانت الانتخابات تجرى بعد الاتفاق على تقسيم مسبق للدوائر والأسماء بين الوجاهات المشيخية والدينية والتجارية والعسكرية، وكانت الأحزاب السياسية مجرد قفازات لهذه القوى، مما يجعل المواطنين مغيبين، والجماهير تحشد خلف خارطة انتخابية تم التوافق عليها مسبقاً! وكان التعامل مع الثروة النفطية والسمكية وشركات الاتصالات والمناقصات والوظيفة الإدارية.. إلخ، يخضع للتقاسم بين مكونات السلطة، مع وجود استثناء ضئيل يعطى لليساريين والقوميين، بما يشبه الرشوة والتدجين!
كي نستعيد مسار الحرية والوحدة والعدالة، علينا أن ننطلق من غايات ومقاصد الـ22 من مايو 1990م، أي التوافق الاجتماعي بما يحقق مصلحة الغالبية، ولا يلغي الأقلية على أساس تكوين يمن يعزز فيه اليمنيون من مدنية عاصمتهم صنعاء، والتمسك بها كقاعدة جامعة للمصالح والمشاعر.. يمن فيه الإرادة الوطنية حرة ومستقلة ممارسة وفكراً، وتكون فيه الحرية والعدالة والوحدة جوهر القضية اليمنية، يمن بأمن وجيش وطني، وذلك لن يتحقق إلا إذا حافظنا على كياننا وأراضينا، ومارسنا سيادتنا الوطنية على كامل التراب اليمني، وسحقنا كل مصادر التهديد والإرهاب أكانت داخلية أو خارجية. يمن بعمقه الوحدوي العربي، بما يعني أن مواجهة أعداء الأمة أمر حتمي، وصراع وجودي...
يتحدث الرئيس جمال عبد الناصر عن الحرية في 23-2-1953م، قائلاً: (إن الحرية حق، وإن استحقاقنا للحرية لا يتقرر بما أخذناه منها، بل بحرصنا على ما لم ننله بعد. إن الشعوب التي تساوم المستعمر على حريتها تُوقِّع في نفس الوقت وثيقة عبوديتها، يجب أن يحمل الاحتلال عصاه على كاهله ويرحل..).
المصدر محمد ناجي أحمد
زيارة جميع مقالات: محمد ناجي أحمد