ثورة أيلول ونهاية المملكة
 

عبد الحافظ معجب

عبد الحافظ معجب / لا ميديا -

عندما قامت الثورة اليمنية في 26 سبتمبر عام 1962 كان يفترض أن يبدأ العد التنازلي لانهيار المملكة السعودية وسقوطها، لعدم قدرتها على البقاء وفي جوارها دولة جمهورية ديمقراطية قوية. ولكن التزام بني سعود بوصية جدهم المؤسس «عبد العزيز» الذي قال لهم: «عزّكم في ذل اليمن وذلّكم في عز اليمن» جعلهم يقفون في وجه الثورة، ودعم الملكيين، ودخلت المملكة في عدوان مباشر على اليمن استمر 8 سنوات عقب ثورة سبتمبر الأولى.
ولإفراغ الثورة من مضامينها عملت السعودية على شراء رؤساء ما بعد الثورة وصنعت رجلها الأول في اليمن الشيخ عبد الله الأحمر. وعندما اصطدمت مشاريعها بالرئيس إبراهيم الحمدي اغتالته وتخلصت منه لتواصل شراء الولاءات والمشائخ وبعض القبائل والعسكر حتى تمكنت فعلاً من أن تجعل «الجمهورية» حبيسة قرارات وتوجيهات المملكة.
رزحت اليمن تحت وطأة الوصاية السعودية حتى لاحت في الأفق تباشير الربيع العربي الذي تآمرت عليه السعودية أيضاً في تونس ومصر وليبيا وسوريا والبحرين والقطيف. وفي اليمن كان الهاجس الأكبر للمملكة هو قيام دولة مدنية حديثة وديمقراطية، فسارعت لإخراج السيناريو المرسوم ودفعت بمرتزقتها من الإصلاح والزنداني وعلي محسن وحميد الأحمر وغيرهم وكلفتهم بمهمة إفراغ الثورة من مضامينها وتطويقها لتطويعها كما تريد، وهذا ما حدث بالفعل حتى جاءت المبادرة الخليجية التي أزاحت الرئيس وعينت نائبه بديلاً عنه، لتُبقي على جهاز الدولة الضعيف والمتهالك خدمة لأجندتها ومشاريعها من خلال مراكز القوى والنفوذ الذين ركبوا موجة الثورة وسرقوا طموحات الثوار وأحلامهم وتضحياتهم.
انتهت ثورة فبراير بالطريقة التي أرادتها السعودية، وجرى تمكين الإخوان من الحكم تحت إدارة «الدنبوع» الذي كان مطية بأيديهم حتى جاءت ثورة أيلول الثانية في الـ21 من أيلول عام 2014، وهنا كانت الضربة القاضية للمملكة، فهذه الثورة لا يمكن شراؤها بالمال ولا يمكن اللعب معها، ومضت الثورة في تفكيك مراكز القوى والنفوذ وأسقطت عملاء الرياض ومرتزقة اللجنة الخاصة وجعلتهم يفرون هاربين إلى «مملكتهم» باحثين عن الأمان، ومن هناك بدأ التخطيط لإجهاض الثورة وإفشالها، ولكن وجود السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي على رأس هذه الثورة المتوجة بالإرادة الشعبية أفشل كل المحاولات السعودية، ومضت الثورة في طريقها إلى الأمام، حتى جاء العدوان على اليمن.
خمسة أعوام من المحاولات السعودية اليائسة للقضاء على ثورة أيلول 2014 وجماهيرها، تكاد تنتهي بانتكاسة كبيرة على المملكة التي أصبحت اليوم تقضي على نفسها وتكتب نهايتها، فالسعودية التي تعتمد على النفط في حكمها وشرائها للولاءات والتأييد، اليوم تخسر «النفط» بضربات يمانية لم تكن تتوقعها أبداً. فهل ستستمر الرياض بهذه المغامرة التي بدون أدنى شك ستكون وبالاً ودماراً عليها، أم ستختار التهدئة والحل السلمي والتعايش مع محيطها وجوارها، أم أن وصية مؤسسها ستقودها إلى الزوال الذي ينتظره كل العرب والمسلمين؟!

أترك تعليقاً

التعليقات