قمة ترامب ويوم القدس
 

عبد الحافظ معجب

عبد الحافظ معجب / لا ميديا -

منذ بدأ العرب اجتماعاتهم تحت عناوين "القمم العربية والاسلامية" كان حديثهم المكرر واسطوانتهم المترددة في كل قمة عن التضامن مع فلسطين وبحث خيارات مواجهة العدو الاسرائيلي، وبالرغم من معرفة الشعوب العربية بعدم الجدوى من هذه القمم الفارغة إلا أن الشعوب كانت تستأنس بالتضامن العربي حتى ولو كذباً.
التضامن مع فلسطين ومناقشة القضايا والهموم العربية المشتركة انطلقت بدايته منذ العام ستة واربعين في قمة "انشاص" التي عقدت في مصر بدعوة من الملك فاروق، بحضور الدول السبع المؤسسة للجامعة العربية، وهي مصر، واليمن والسعودية وشرق الأردن، والعراق، ولبنان، وسوريا، وخرجت بعدة قرارات، ابرزها مساعدة الشعوب العربية المستعمرة على نيل استقلالها، والتأكيد على أن القضية الفلسطينية هي قلب القضايا القومية، والدعوة إلى وقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، مع اعتبار أي سياسة عدوانية ضد فلسطين من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا هي سياسة عدوانية تجاه كافة الدول العربية والعمل على إستنهاض الشعوب العربية ورفع مستواها الثقافي والمادي لمواجهة أي اعتداء صهيوني، واستمر هذا التضامن حتى العام الفين وثلاثة عشر، ومن هناك بدأ المسار بالانحراف وتغير العدو الحقيقي للعرب، بعد ان كان عدوهم دول الاستعمار والكيان الصهيوني اصبحت "ايران" العدو البديل وفق ما اختارته وقررته "الصهيوسعودية".
ومنذ قمة الدوحة المنعقدة في العام الفين وثلاثة عشر، التي اعترفت بما سمي بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ممثلا شرعيا للشعب السوري، ومنحته مقعد سوريا كجزء من الحرب السعوصهيونية ضد العرب والمسلمين، لم تعد قضية فلسطين هي المركزية وتشتت اهتمامات زعماء العرب وفق ما خططت له الدول الاستعمارية، حتى تحولت "اسرائيل" الى صديق و"إيران" المدافعة عن فلسطين عدو، لم ينتهي الأمر عند هذا الحد، فالأحداث تسارعت من قمة الدوحة حتى قمة شرم الشيخ التي انعقدت بعد يومين من انطلاق العدوان على اليمن وكُرست لدعم وتأييد عمليات قتل الاطفال والنساء في اليمن وتدمير البنى التحتية الاساسية والانسانية من قبل طيران تحالف الرياض وواشنطن، واستمرت مواقف "القمم" المتخاذلة حتى جاء اجتماع "البحر الميت" الذي ابدى فيه القادة العرب استعدادهم لتحقيق "مصالحة تاريخية" مع الكيان الصهيوني مقابل ما وصفوه بانسحاب اسرائيل من الأراضي التي احتلتها في حرب عام سبعة وستين وطالبوا على استحياء دول العالم عدم نقل سفاراتها إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل دون أي مواقف صارمة ضد من يقدم على هذه الخطوة.
وفي اخر نسخة من هذه القمم "المشوهة" وقبل ساعات قليلة من المسيرات المليونية التي أحيت مناسبة يوم القدس العالمي شن، الملك سلمان من قمة مكة، هجوما لاذعا على إيران، واتهمها برعاية "الإرهاب" في المنطقة وتهديد الأمن الدولي، ليتضح للعالم وشعوب المنطقة وكل الأحرار أن الارهاب "الايراني" هو التمسك بالقضية الفلسطينية والدفاع عنها.
خرجت قمة ترامب من مكة ببيان ختامي هزيل لم يمثل حتى من اجتمعوا فيها من الزعماء والرؤساء والامراء والملوك، فيما خرجت الشعوب في اليمن وفلسطين والبحرين وسوريا والعراق ولبنان وباكستان وإيران ونحو ثلاثين دولة في قارات العالم لتُسمع "المحتل الصهيوني

أترك تعليقاً

التعليقات