القفز قبل الغرق
 

عبد الحافظ معجب

(بعدما ضرطت فزت) هذه هي الولايات المتحدة الأمريكية التي (قررت) بعد مرور 3 سنوات من شراكتها في القتل والتدمير والحصار المفروض على اليمن، أن تحرك فريقاً من أعضاء الكونغرس لطرح قرار يقضي بضرورة وقف المشاركة في العدوان السعودي والتوقف عن دعمها له.
أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوري أكدوا أنهم سيحاولون استغلال بند في قانون قوى الحرب لعام 1973، الذي يسمح لأي عضو في المجلس بطرح قرارات سحب القوات الأمريكية من نزاع لم تحصل المشاركة فيه على تفويض من الكونغرس، متذكرين اليوم وبعد 3 سنوات من الدعم العسكري والتخطيط اللوجستي، أن الحرب على اليمن غير دستورية، وغير مصرح بخوضها، نظراً لأن الكونغرس لم يعلن الحرب أو يفوض باستخدام القوة العسكرية.
هذا التحرك في الكونغرس، هو أحدث إجراء في معركة مستمرة بين الكونغرس والبيت الأبيض على التحكم بشؤون الصراعات العسكرية، فبموجب الدستور الأمريكي فإن الكونغرس، وليس رئيس البلاد، هو المخول بإعلان الحرب، لكن الانقسامات حول مدى السيطرة على وزارة الحرب عرقلت مساعي إصدار تفويضات جديدة بالحرب.
أعضاء ديمقراطيون وجمهوريون أعلنوا أن التفويض الصادر عام 2001 بقتال تنظيم القاعدة والجماعات التابعة له، يبرر حرب أفغانستان والمعركة ضد داعش في سوريا، لكن هذا التفويض لا ينطبق على اليمن.
بعد 3 سنوات من العدوان ودخول وانتشار قوات أمريكية على أرض اليمن، وتزويد طائرات العدوان بالوقود وتقديم الدعم الاستخباراتي للسعودية، لا نرى في هذا التحرك سوى المزيد من الابتزاز الأمريكي للسعودية، وتوفير كميات جديدة من (حليب البقرة السعودية) (للثور الأمريكي).
وربما أن هذا التحرك هو مهمة إنقاذ جديدة للرياض تقوم بها واشنطن التي أغرقتها في هذا المستنقع، والكل يتذكر أن العدوان انطلق من واشنطن، وباعتراف سفير الرياض حينها عادل الجبير أن الحرب كانت باتفاق مع الأمريكان، الذين لعبوا دوراً كبيراً في دعم التحالف بقيادة السعودية في الحرب على اليمن، حيث ساعدت واشنطن القاذفات السعودية في استهداف المدن والأحياء السكنية، والطيران الأمريكي كان يزود طيران التحالف بالوقود في الجو.
كما واستخدمت السعودية الطائرات الأمريكية الصنع والقنابل الموجهة بالليزر والقنابل العنقودية المحظورة دولياً لاستهداف وتدمير المدارس والأسواق ومحطات توليد الكهرباء والمستشفيات، مما أدى إلى استشهاد الآلاف من المدنيين.
مع هذه التحركات المتصاعدة في الكونغرس يبدو أن الولايات المتحدة أدركت جدية الموقف، وعليه، يدير الأمريكيون اتصالات ومفاوضات يزعم أن هدفها الأول إلغاء الحصار الإنساني للشعب اليمني، وصولاً لانتشال واشنطن من عدوان أيقنت أن نتيجته خالفت التوقعات إذ لم تتمكن دول عظمى من كسر صمود وإرادة الشعب اليمني.
هذا التحرك تزامن مع تصريحات (المهفوف) محمد بن سلمان، خلال لقاء جمعه بصحفيين مصريين أخبرهم أن الحرب على اليمن اقتربت من نهايتها، وأنها حققت أهدافها باستعادة الشرعية. ليس بالضرورة الخوض في مسألة عودة الشرعية (فالجواب يبان من عنوانه)، لكن مهم جداً أن نقرأ ما بين سطور حديث بن سلمان الذي يشير بوضوح الى رغبة كبيرة في إنهاء الحرب بعد 3 أعوام من الفشل.
الأمريكي يريد القفز من فوق السفينة قبل أن تغرق، والإماراتي ترك السفينة وذهب يفتش عن الجزر والموانئ، فيما يواجه السعودي الغرق وحيداً.

أترك تعليقاً

التعليقات