الوجع التهامي
 

عبد الحافظ معجب

عانت محافظة الحديدة وريف تهامة من الظلم طيلة العقود الثلاثة الماضية التي كان (خيل) المؤتمر يصول ويجول في كافة مديرياتها ودوائرها الانتخابية التي أغلقت لصالح الحزب الحاكم. أخلص وضحى أهالي تهامة وسكانها للحاكم وحزبه، ولم ينالوا غير الفقر والمجاعة، حتى جاءت ثورة فبراير في العام 2011، وانخرط فيها التهاميون مطالبين بحقوقهم ورفع الظلم عنهم، مستبشرين بأن تصل لهم خيرات فبراير، ولا يحدث معهم كما حدث في ثورة الـ26 من سبتمبر التي لم تصل الى الكثير من مناطق ريف تهامة التي تعيش في عهد ما قبل الثورة السبتمبرية.
مجازاً سقط النظام الذي كان مظلة للفساد والفاسدين، بحسب اعتراف علي عبد الله صالح، و(تسيد) على الرعية في تهامة (جلادون) جدد و(متفيدون) جدد، إنهم جناح (الإخوان) في النظام الذي أعاد إنتاج نفسه بالمحاصصة وتقاسم السلطة عبر المبادرة الخليجية.
ما حدث في تهامة عقب ثورة فبراير بشكل أوضح، غادر فاسد مؤتمري وأقبل فاسد إصلاحي (ديمة خلفنا بابها)، باستثناء الحرامي الكبير علي محسن الأحمر وعصابته الذين استمروا على (شغلهم) بعد الثورة، واستمر مسلسل النهب للأراضي وإذلال الناس وإحراق بيوتهم المبنية من (القش والصفيح)، وحرمانهم من الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء، وظلت أقسام الشرطة على نفس عاداتها السابقة في ابتزاز الناس وتحميلهم أعباء مالية تحت مسميات كثيرة وجبايات مختلفة.
جاءت ثورة الـ21 من أيلول في العام 2014 (كمخلص) حقيقي للمواطن التهامي (الغلبان) بسقوط كافة مراكز القوى والنفوذ والهيمنة، و(هرب) الكثير من (جلادي) تهامة (المؤتمريين والإصلاحيين) الى الرياض، ليتنفس الناس الصعداء، وينعموا للمرة الأولى بخيرات الثورة المباركة التي لا يوجد فيها علي محسن ولا صخر الوجيه ولا حميد الأحمر ولا الزنداني ولا غيرهم من الأسماء التي تستفز التهامي، وتذكره بعقود من الوجع والقهر.
استقبلت (صعدة) قوافل بشرية كبيرة قادمة من الحديدة والريف التهامي وسكان الساحل الغربي، ليعاهدوا قائد الثورة بالسير على نهج الأحرار في مواصلة الثورة حتى تحقيق كافة أهدافها، وعندما بدأ العدوان على اليمن توجه رجال تهامة وشبابها الى مختلف الجبهات للدفاع عن الوطن، وقدموا ولا زالوا يقدمون الكثير من الشهداء والتضحيات خوفاً من العودة الى عهود مضت من الظلم والحرية المسلوبة والكرامة المنتقصة.
وبمرارة وغصة (أشتي) أقلكم ولقائد الثورة إنه ومنذ الاتفاق السياسي الذي وقعه أنصار الله مع المؤتمر الشعبي العام، وهو ضرورة ملحة لا نقلل من قيمتها وأهميتها، إلا أن هذا الاتفاق، وعقب تشكيل الحكومة بالمناصفة مع المؤتمر، أعاد الفاسدين من جديد الى تهامة، وكأن الاتفاق أعاد الروح للظالمين والناهبين من جديد.
فمثلاً مؤسسات الدولة عاد إليها الحرس القديم، والسلطة المحلية رجعت الى ما قبل ثورتي فبراير وأيلول، والمشائخ الذين كانوا يسومون الناس سوء العذاب عادوا من جديد، ولكن هذه المرة بشعار المرحلة (الاتفاق السياسي) والشراكة السياسية.
جبهة مواجهة العدوان مخترقة من قبل الإماراتيين بشكل كبير، فالذين يعملون لصالح أبوظبي بالحديدة أكثر من الذين يعملون معها في عدن أو تعز أو مأرب، ولكم أن تتساءلوا لماذا لم يعد التيار الكهربائي للحديدة حتى اليوم؟ ولماذا عاد مدير شركة النفط بالمحافظة الى عمله بعد أيام قليلة من اعتقاله والتحقيق معه مداناً بالفساد ونهب المال العام؟ لماذا تمتنع شركة النفط عن صرف الكميات المطلوبة من الديزل لمستشفيات الحديدة، وعلى رأسها مركز الغسيل الكلوي؟ لماذا يصر اللصوص على الادعاء بأنهم (أنصار الله)، والجميع يعرف انتماءاتهم الحقيقية، ويفرضون على الناس إتاوات ومبالغ مالية باسم المجهود الحربي، ولا تصل الى أية جبهة من الجبهات؟ لماذا يعمل وزير النفط على تدمير المنشأة النفطية بالحديدة؟ ولصالح من يعمل؟ ومن هم الذين يقدمون المبادرات تلو المبادرات لتسليم ميناء الحديدة للإمارات؟
صدقوني ما كنت (حابب) أقول كل ما قلته، ولكن الماء زاد على الطحين، وتهامة لن تسكت ولن تتهاون، ومخزونها من الصبر استنفد خلال العقود الماضية.

أترك تعليقاً

التعليقات