سكتنا له دخل بحماره
 

عبد الحافظ معجب

عبدالحافظ معجب / لا ميديا

يحكى أن أعيان القرية كانوا يجتمعون لمناقشة أمور حياتهم في مجلس يقع على الطريق، وكان عندما يمر أحد من أهالي القرية احتراماً لهم ينزل من على دابته ويلقي السلام ثم يمر. وفي إحدى المرات مر بهم رجل فقير يركب حماره فقالوا له: لا داعي لأن تنزل من على حمارك، فألقِ السلام وأكمل طريقك! تكرر الأمر عدة مرات حتى مر الرجل في أحد الأيام من أمام مجلسهم ودخل المجلس بحماره، فتعجب الأعيان وقاموا بإخراجه من المجلس، وقال أحدهم معلقاً: "سكتنا له دخل بحماره"، ومنذ  ذلك الوقت انتشر هذا المثل  تعبيراً عن استغلال بعض الأشخاص للموقف والتمادي فى ما يفعله بسبب تساهل الآخرين معه.
هذا تماماً ما حدث ويحدث مع الأمم المتحدة التي احترمها اليمنيون ووافقوا على أن ترسل الجنرال الهولندي "باتريك كاميرت" رئيساً لفريق لجنة التهدئة وإعادة الانتشار بمدينة الحديدة. وافقت صنعاء على استقباله رئيساً للجنة مشكلة من ستة أشخاص، ثلاثة يمثلون دول العدوان وثلاثة يمثلون الشعب اليمني، ولكن الرجل اعتقد أنه جاء حاكماً عسكرياً للبلاد.
الجنرال باتريك الذي عمل لسنوات طويلة في القوات البحرية الملكية الهولندية ضمن عمليات لحفظ السلام، ومستشاراً عسكرياً في قسم حفظ السلام في الأمم المتحدة، ومسؤولاً عن تطبيق توصيات تقرير الأخضر الإبراهيمي لحماية منشآت وعاملي الأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم، ورئيساً للتحقيقات في أحداث جوبا وأداء قوات حفظ السلام في جنوب السودان
عمل أيضاً مستشاراً أمنياً لحكام الإمارات، وسمساراً لبيع صفقات الأسلحة في عدد من الدول الأفريقية.
دشن الجنرال عمله في اليمن بلقاء عبر شاشة تلفزيونية من مقر وجوده في نيويورك، مع أعضاء اللجنة التي يرأسها، قبل أن يصل إلى صنعاء ومنها توجه إلى الحديدة ليباشر عمله على الأرض، وهناك شاهد الحقيقة التي لطالما زورها الإعلام المعادي، وهي أن في الحديدة شعباً وسلطة وجيشاً وأمناً يقفون إلى جانب الدولة اليمنية ضد الغزو الإماراتي الأميركي، الأمر الذي مثل صدمة كبيرة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي الذين اعتمدوا على تقارير التضليل التي كانت تقدمها دول العدوان وتفيد بوجود سلطة محلية ومناطق وأحياء موالية للعدوان.
وعندما بدأت اللجنة المشتركة أعمالها وسط تجاوب كبير من فريق صنعاء والسلطات الحكومية والمحلية فوجئ الجميع أن الجنرال السمسار تحول إلى وكيل للإمارات في عمله وبدأ بالتشكيك بالسلطة ويفسر مخرجات السويد على هوى أبو ظبي ويريد تسليم الحديدة ومينائها لمرتزقة الإمارات غير الموجودين في الحديدة أصلاً، الأمر الذي رفضه وفدنا الوطني وأبلغ به المبعوث الأممي غريفث خلال زيارته الأخيرة للعاصمة صنعاء.
الأمر لم يقتصر على مواقف "باتريك كاميرت" غير السوية والتي تهدف إلى إفشال اتفاق السويد، بل الإشكال في موقف الأمم المتحدة برمته و"رمامته"، فالأمين العام للأمم المتحدة، "أنطونيو غوتيريش"، طلب من مجلس الأمن في جلسته الأخيرة الموافقة على نشر ما يصل إلى 75 مراقباً في مدينة وميناء الحديدة لمدة ستة أشهر، لمراقبة تطبيق اتفاق السويد.

أترك تعليقاً

التعليقات