عاد المراحل طوال
 

عبد الحافظ معجب

عندما يتحول "الغريم" إلى "مفارع"، ويوهم العالم أنه يفعل الخير بتقديم المساعدات ويبذل الوساطات لمساعدة المتخاصمين أن يصطلحوا، حينها ندرك أن "عاد المراحل طوال، وعاد وجه الليل عابس"، وهذا الأمر لن تشاهد له مثيلاً إلا عندما تكون السعودية هي الخصم والحكم، يعني بالبلدي "تقتل القتيل وتمشي في جنازته".
في مؤتمر المانحين لدعم اليمن الذي عقد مؤخراً في جنيف، دعا أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى تقديم مساعدات بقيمة 4 مليارات دولار لإغاثة اليمنيين جراء ما وصلوا إليه من وضع مأساوي بسبب العدوان والحصار السعودي الإماراتي، فسارعت الرياض وأبوظبي للإعلان عن تلبية النداء والتبرع بمليار دولار مناصفة بين الدولتين، ليتبادر إلى ذهن المتابع كأن مجاعة ومأساة اليمن بسبب حرب اليابان على اليمنيين أو حصار الصين على الشعب اليمني، أو أن ما أصاب اليمن هو زلزال أو فيضان أو كارثة بيئية!
في الوقت الذي تدّعي فيه السعودية والإمارات أنهما تفضلتا على اليمنيين بمليار دولار لا أحد يعلم أين ستذهب، تجاوزت الخسائر الأولية للحرب والحصار 200 مليار دولار. للمتابع أن يتخيل فقط أن السعودية وشركاءها في العدوان استهدفوا القطاع الصناعي بشكل متعمد من خلال غارات طيران "التحالف"، ما أدى إلى تدمير ما يقارب 300 مصنع إنتاجي وتوقف المئات من المصانع الأخرى عن العمل، نتيجة ارتفاع مدخلات الإنتاج أو تعرضها للتهديد بالقصف، هذا طبعاً غير خسائر القطاع الزراعي والقطاع السياحي وقطاعات الكهرباء والنفط والنقل، التي كانت هدفاً رئيسياً للقصف والتدمير على مدى الأعوام الأربعة من العدوان وخسائرها مليارات الدولارات.
ومن الاقتصاد إلى السياسة، كلما تحدث العالم عن السلام والحل السياسي في اليمن، "تنبع" السعودية "تفارع" وتعلن أنها مستعدة لدعم أطراف النزاع للجلوس على طاولة المفاوضات لإحلال السلام في اليمن، ليشعر المتابع مجدداً، أن الصين أو اليابان هي أحد أطراف النزاع في اليمن، وليست السعودية هي التي شنت العدوان واعتدت على الشعب اليمني وقتلت الآلاف من اليمنيين وما زالت تفعل.
لما تشوف تصريحات مسؤولي دول العدوان حول السلام، تحس أن في حاجة غلط بالموضوع! تخيلوا معي أن وزراء خارجية الإمارات والسعودية وبريطانيا وأمريكا يؤكدون التزامهم بإيجاد حل سياسي شامل للصراع في اليمن! الصراع بين من ومن؟! مدري! ويعلنون تأييدهم للاتفاقات التي توصلت إليها الأطراف اليمنية في السويد، وبكل بجاحة تؤكد المملكة السعودية دعمها لجهود الأمم المتحدة من أجل إنهاء الحرب في اليمن، حرب "الهنود الحمر" على اليمنيين المساكين!
لا يمكن للسعودية ولا الإمارات ولا بريطانيا ولا أمريكا أن تلعب دورين في وقت واحد، فالمجرم القاتل الذي يستهدف المدنيين من النساء والأطفال ويدمر المنشآت الحيوية والاقتصادية والبنى التحتية، لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يكون راعياً للسلام أو حتى متبنياً لمشروع الدعم والإغاثة! اسلمونا جرائمكم وإرهابكم وحصاركم واحنا نعرف كيف ندبر انفسنا ونخارج ارواحنا!

أترك تعليقاً

التعليقات