حرب طويلة الأمد
 

عبد الحافظ معجب

مرحلة جديدة من الحرب طويلة الأمد في اليمن دشنها الشيطان الأكبر (أمريكا) لتدمير ما لم يتم تدميره في المرحلة الأولى المتمثلة بـ(عاصفة الحزم)، والوصول إلى مناطق جديدة، وقتل المزيد من المدنيين الأبرياء تحت غطاء محاربة الإرهاب هذه المرة.
بعد أن وصل العدوان إلى طريق مسدودة، وتحرك المجتمع الدولي بضغط كبير إلى ضرورة وقف الحرب التي أوكلت لقرن الشيطان (مملكة بني سعود) على مدى الأعوام الثلاثة، قرر المخطط والموجه الانتقال إلى خطة جديدة تنقذ تحالف العدوان وتخرجه من الورطة التي وقع فيها، مع ضمان استمرار الحرب بمسارين متناغمين.
المسار الأول الحرب الداخلية (الأهلية) التي هيأ لها العدوان الكثير من الظروف شمالاً وجنوباً، بعد أن دعم الجماعات والأفراد بالمال والسلاح، وأوجد أسباب الاختلاف، ومهد الطريق للصراع بين المكونات الجنوبية والأحزاب السياسية التي أصبح حمل السلاح والقتل بالنسبة لها أمراً عادياً، باستثناء صنعاء التي لم يستطع العدوان بكل إمكانياته وقدراته ومخططاته، اختراقها.
وهنا نستطيع أن نستدل بالنموذج السوري، فبعد أن دخل المال والسلاح الأمريكي والتركي والقطري والسعودي، وعندما انتهى دور هذه الجماعات في تخريب بلاد الشام، تخلص منها الممول بالحرب الداخلية التي انفجرت في العام الثالث من الحرب الكونية على سوريا، ودخلت الجماعات المسلحة في دوامة التصفيات، وتخلصت كل مجموعة من الأخرى ذبحاً وسحلاً.
المسار الثاني، وهو ما يجري تدشينه حالياً في اليمن، وسبق أن تم استخدامه في سوريا والعراق وليبيا، الحرب ضد الإرهاب، وهذا هو السيناريو القادم بعد إعلان القوائم الأمريكية السعودية الإماراتية للجماعات التي قاتلت في صفوف التحالف، وكان اسمها يوماً ما (مقاومة) شعبية، وجاء الوقت لتنال جزاء ما اقترفته بحق الشعب على أيدي من قاتلت معهم، وهذا هو الجزاء المعروف لدينا سلفاً.
مثلما وضعت أمريكا ربيبتها السعودية في واجهة عاصفة الحزم، ستعيدها اليوم للواجهة في الحرب المزعومة ضد الإرهاب وجماعات داعش والقاعدة، وسبق أن نفذت واشنطن عمليات إنزال وهجوم في مناطق مختلفة من محافظتي (شبوة) و(البيضاء)، وقريباً سيأتي الدور على (تعز) ومحافظات أخرى في القائمة الأمريكية.
من أجل أن يتم إعلان الحل السياسي في اليمن وتوقف عمليات عاصفة الحزم، لا بد من تهيئة الظروف لاستمرار الحرب تحت عناوين جديدة تبقي واشنطن والرياض وأبوظبي في الواجهة كمنقذين ومخلصين للشعب اليمني من الجماعات الإرهابية، التي جلبوها هم ومولوها وسلحوها، وجاء الوقت لاستخدامها (شماعة) لاستمرار الحرب، وبغطاء ومباركة دولية من جديدة.
أبو الحريوة في المرحلة الجديدة لن يكون (الدنبوع)، وإنما (الدب الداشر) محمد بن سلمان الذي يروج أن بلاده شاركت بفاعلية في التحالف الدولي لمحاربة (داعش)، وشكلت التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، وشاركت في الرئاسة المشتركة لمنع التمويل عن (داعش)، ودعمت مركز الأمم المتحدة لمحاربة الإرهاب بأكثر من 100 مليون دولار أميركي، وفرضت عقوبات على الأفراد والمنظمات التي تمول الإرهاب، وأطلقت المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)، بمشاركة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ماكينة الإعلام السعودي اتجهت بالأشهر القليلة الماضية لإبراز محمد بن سلمان كرجل سلام واعتدال محارب للجماعات الإرهابية، من خلال تغطيتها لسلسلة لقاءات واتصالات أجراها (الداشر) مع كل من وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية ريكس تيلرسون، ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، كلها تحدثت عن بحث بن سلمان للجهود المشتركة في مكافحة الإرهاب.
طبعاً محمد بن سلمان نسي أن الحرب بالأساس كانت لاستعادة ما سموها الشرعية وإعادة (الدنبوع) وحكومته إلى صنعاء، وأصبح اليوم حديثه عن استمرار الحرب حتى لا يكون هناك (حزب الله) جديد على حدود المملكة، ليقول للعالم إنه حريص على أمن إسرائيل، ورجال الرجال في اليمن هم مقاومة حقيقية بوصلتها فلسطين.
ولأن اليمنيين يمشون على المثل القائل (اللي لاقته أم الشعر بتلاقيه القرعا)، ما (بيخرجش) أحد من اليمن منتصراً غير الشعب الصابر الصامد، والأيام بيننا.

أترك تعليقاً

التعليقات