القدس بلا عاصفة حزم
 

عبد الحافظ معجب

عقب ثورة الـ21 من أيلول 2014، ادعت وسائل إعلام بني سعود أن العاصمة صنعاء أصبحت رابع عاصمة عربية تقع تحت الوصاية الإيرانية، مستندين بادعاءاتهم الى تصريح صحفي لأحد المحللين السياسيين الإيرانيين.
لم ينتهِ الأمر حينها عند الادعاءات، واستمرت الإرهاصات حتى وصلت الى ما تسمى (عاصفة الحزم) بدعوى إنقاذ العاصمة العربية (صنعاء) من المد الفارسي، ومنذ ذلك الحين وهم ينقذون صنعاء بحسب ادعاءاتهم.
اليوم (القدس) عاصمة (فلسطين العربية) تسقط في دهاليز المشروع الأمريكي الصهيوني، وأعلنها دونالد ترامب عاصمة (للكيان الصهيوني)، بنقل السفارة الأمريكية إليها، لكن صهاينة العرب من بني سعود لم يتحركوا لنجدتها أو إنقاذها بعاصفة حزم، لأن إسرائيل العدو الأول للعرب والمسلمين صديقة بني سعود، وليست مثل إيران الداعمة لحركات المقاومة من سوريا الى لبنان وفلسطين عدواً لبني سعود.
عيني عينك يعلن ترامب أن القدس عاصمة للكيان الصهيوني، بعد أن كان هذا الأمر حلماً بالنسبة للصهاينة، ولولا الهرولة الرسمية العربية والخليجية للتحالف مع الكيان الإسرائيلي، لما كان لهذا الأمر أن يتحقق.
لو شعرت واشنطن، ومعها تل أبيب، أن (حلفاءها) في المنطقة العربية غير مباركين لهذه الخطوة، لما استخفت وتجرأت على إعلان قرار بهذا الحجم.
لو أحست واشنطن أن خطوة كهذه ستدفع بالعرب لقطع العلاقات مع إسرائيل، أو دعم المقاومة الفلسطينية بالسلاح، وفتح ابواب الجهاد لتحرير فلسطين، لما أقدمت على هذه الخطوة، بل إن تل أبيب كانت سترفض ذلك رفضاً قاطعاً. 
لكن قدهم أخبر وداريين بالبير وغطاه، لدرجة أن رئيس معهد أبحاث الأمن القومي، اللواء عاموس يادلين، قال (إن الفلسطينيين والعرب والأتراك، يهددون بمسدس فارغ، وأن الشعوب في العالم العربي بمن فيها الفلسطينيون، لن تخرج إلى الشوارع، لأنها منهمكة في قضايا أخرى)، يعني شغلونا في أرواحنا لأجل هذه اللحظات.
الراعي الرسمي للمخططات الصهيونية في إشغال العرب بسوريا والعراق ومصر وليبيا واليمن، هم بنو سعود، صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية كشفت في وقت سابق أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اقترح على الرئيس محمود عباس أن تكون بلدة أبو ديس عاصمة لفلسطين، بدلاً عن مدينة القدس الشريف.
بن سلمان عقب المفاوضات التي عقدت بينه وبين عباس وراء الأبواب المغلقة بالرياض، في نوفمبر الماضي، أعطى الرئيس الفلسطيني مهلة شهرين للقبول بالصفقة، وإلا سيكون مجبراً على الاستقالة.
واقترح بن سلمان على الرئيس الفلسطيني تعويضاً عن هذه التنازلات، وخاصة تقديم مساعدات مالية إلى الفلسطينيين وعباس شخصياً، وتخصيص أراضٍ إضافية للدولة الفلسطينية المستقبلية في شبه جزيرة سيناء بدلاً عن تلك التي ستخسرها بموجب الخطة.
كل هذا (العهر والتعريص) لن يتوقف إلا على أيدي الشرفاء الأبطال الذين عرفوا بوصلتهم منذ وقت مبكر، وأطلقوا صرختهم في وجه ترامب وإدارته وأسياده، والقرار الأمريكي اليوم، جاء كدليل إضافي على أن أمريكا هي الداعم الأول لهذا الكيان الإرهابي، ولا حل إلا بدعم المقاومة، فالعدو لا يفهم سوى لغة المقاومة.

أترك تعليقاً

التعليقات