عبد الحافظ معجب

عبدالحافظ معجب / لا ميديا -
يتشدق الكثير من المطبعين حول دور محور المقاومة في معركة طوفان الأقصى، وبتهكم يسألون ماذا فعل حزب الله للتخفيف عن أهل غزة، والحقيقة أن المقاومة فعلت الكثير حتى هذه اللحظة في الجبهة الشمالية من الناقورة في جنوب لبنان وحتى البصرة في العراق.
ولأن أصوات المطبعين تتعالى في محاولة منهم لتشويه صورة المقاومة خدمة للعدو «الإسرائيلي»، يجب أن نخاطبهم بلغة الأرقام والتفاصيل عن حجم الإنجاز الذي تحقق في الضربات التي وجهتها المقاومة في لبنان والعراق للعدو «الإسرائيلي» والأمريكي في هذه المعركة.
دخلت المقاومة اللبنانية على خط المواجهة مع العدو «الإسرائيلي» ضمن عملية طوفان الأقصى، مستهدفة مواقع العدو بالصواريخ والقذائف، لتؤكد أنها ليست على الحياد، والمقاومة الفلسطينية ليست لوحدها، مقاومة لبنان تسللت عبر الحدود، واشتبكت مع جيش العدو وأردت عددا من جنوده قتلى، بينهم نائب قائد اللواء الغربي في فرقة الجليل، ودمرت المقاومة على جبهة الشمال ما يزيد عن 12 دبابة «ميركافا» التي تعتبر فخر الصناعة العسكرية «الإسرائيلية» بصواريخ الكورنيت، كما استهدفت ناقلات جند «إسرائيلية» وأردت كل من بداخلها بين قتيل وجريح، ودمرت تجهيزات العدو التقنية والفنية التجسسية على طول الشريط الحدودي، لتسلب منه القدرة على التجسس أو الوصول إلى أي معلومات استخباراتية.
الضربات المتكررة للمقاومة اللبنانية على المواقع العسكرية للعدو في جبهة الشمال لم تشتت الجيش «الإسرائيلي» فقط، بل استنزفته عسكرياً، ما أدى إلى إجباره على سحب فرق عسكرية من غزة إلى الجليل لمواجهة حزب الله، وهذا خفف الضغط بشكل كبير على أهلنا في فلسطين، وتسببت الضربات على المستوطنات بإخلاء ما يقارب 50 مستوطنة على جبهة الشمال، وهذا عبء إضافي على جيش الاحتلال الذي يعجز عن مواجهة أزمة إخلاء المستوطنات، وتحمل الكلفة الباهظة بالإنفاق على ملايين المختبئين في الملاجئ، في ظل عدم القدرة على توفير أماكن إضافية للمستوطنين الهاربين من نيران المقاومة على المستوطنات والمستعمرات.
لم يجرؤ العدو «الإسرائيلي» على الإفصاح عن خسائره على الحدود مع لبنان، خوفاً من انهيار ما تبقى من جنوده، ولجأ إلى استهداف الصحفيين والطواقم الإعلامية، بغية إخفاء الحقيقة، حتى لا يعرف العالم ما الذي يجري في هذه الجبهة، ومؤخراً وجهت بعض وكالات الأخبار العالمية والقنوات الغربية مراسليها في لبنان بعدم النقل أو التغطية من جنوب لبنان بحجة الخوف على سلامتهم، والحقيقة أن الخوف هو على الصحة النفسية والعقلية لمن تبقى من جنود الاحتلال.
وإذا انتقلنا من لبنان إلى العراق فالواقع أن المقاومة في العراق نفذت عمليات لم تكن تخطر في بال العدو، والحديث هنا عن العدو «الإسرائيلي» أو الأمريكي لا يوجد فرق، تمكنت المقاومة العراقية من تنفيذ هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على قاعدة «عين الأسد» في الأنبار، ومطار «حرير» في أربيل، وقاعدة «فيكتوريا» بمحيط مطار العاصمة بغداد، وقاعدة «التنف» الأمريكية في جنوب سوريا، وقاعدتين عسكريتين للاحتلال الأمريكي في سوريا هما حقل «العمر والشدادي» بطائرات مسيرة أصابت أهدافها بشكل مباشر.
لدى الأمريكيين و»الإسرائيليين» رعب كبير من العراق، فالبعد الديني لبلاد ما بين النهرين عند اليهود له أهمية كبيرة، بحسب معتقداتهم أنها كانت السبب في تدمير مملكتهم الأولى وهيكلهم المزعوم، ويعتقدون أنها ستكون السبب بدمار كيانهم المؤقت، وفي توراتهم يصنفون «بابل» بأنها دولة معادية «لله» وذات سمعة سيئة، وخلال الغزو الأمريكي للعراق طلب الحاخامات من جنودهم اليهود في الجيش الأمريكي والجيش البريطاني الذين شاركوا بالغزو، أن يؤدوا الصلاة الخاصة في كل مكان يتواجدون فيه غرب نهر الفرات، وأفتى رجال دين يهود أنه من الواجب على كل يهودي يشاهد «بابل» أن يتلو صلاة توراتية يقول فيها «مبارك أنت ربنا ملك العالم، لأنك دمرت بابل المجرمة».
وبحسب الخبراء الصهاينة فإن من يحاول فهم الشرق الأوسط «يرتكب خطأ فادحاً» إذا تجاهل قصص التوراة التي تشير إلى بابل، وهذا يكشف الدور الإسرائيلي في غزو واحتلال العراق، وأن ما حدث للعراق حقق الهدف «الإسرائيلي» بتدمير قدرات الجيش العراقي، دون أي خسائر لـ»إسرائيل»، وهو ما أكده وزير الحرب الصهيوني آفي ديختر، الذي قال: «لقد حققنا في العراق أكثر مما خططنا وتوقعنا»، «تحييد العراق عن طريق تكريس أوضاعه الحالية ليس أقل أهمية وحيوية من تكريس وإدامة وتحييد مصر»، «تحييد مصر تحقق بوسائل دبلوماسية لكن تحييد العراق يتطلب استخدام الوسائل المتاحة وغير المتاحة كلها حتى يكون التحييد شاملاً كاملاً»، «إن العراق تلاشى كقوة عسكرية وكبلد متحد وخيارنا الاستراتيجي بقاؤه مقسماً».
جاءت عملية «طوفان الأقصى» لتعيد الروح القتالية والجهادية في صفوف المقاومة، وما يجري اليوم في الجبهة الشمالية من لبنان إلى العراق يثبت للصهاينة أن كيانهم المؤقت هو من سيتلاشى وينتهي على أيدي الأبطال الذين أقسموا على ألا يتركوا هذا العدو يستفرد بغزة وأن المقاومة الفلسطينية ليست وحدها، ولتخرس أصوات المطبعين والمزايدين.

أترك تعليقاً

التعليقات