جرائم العدوان ورفد الجبهات
 

عبد الحافظ معجب

(شنت مقاتلات التحالف العربي سلسلة غارات على مواقع الانقلابيين ومخازن السلاح السرية، ما أدى الى مقتل العشرات من عناصر المليشيا)، هكذا تضلل (مذيعات) (الحدث) المتابعين، وتصرفن أنظارهم عن مجازر بشعة ترتكبها طائرات الحقد السعودي في عطان ونقم وأرحب وميدي ومستبأ وذمار وإب، عندما تستهدف الأحياء السكنية وتقتل المدنيين الآمنين، و(بشخطة) قلم يتحول العشرات من المدنيين الى مليشيا ومخازن أسلحة.
في فج عطان كانت العائلات نائمة في بيوتها وطائرات العدوان تصب عليها صواريخ الموت لتهد البيوت على رؤوس ساكنيها وتقتل كل من فيها بحقد دفين وأسلوب انتقامي من صنعاء وأهلها الذين رفضوا أن يسمحوا باستباحة مدينتهم وصمدوا فيها رغم الحرب والحصار.
قد تبدو أخبار المجازر عادية للبعض بسبب كثرتها، ولأننا اعتدنا عليها، ولكن عندما نفتش في التفاصيل نشعر بالوجع الحقيقي في هذا الحي السكني الذي يقطنه نازحون هربوا الى صنعاء من نيران الدواعش بتعز، كم طفلة كانت تتطلع الى يوم جديد ستلعب فيه مع أقرانها في الحي، وكم طفل كان فرحاً ببدلة العيد التي تخضبت بدمه قبل أن يرتديها، وكم غائب عن الحي سيعود ليرى بيته أكواماً من الأنقاض وأهله ومحبيه مدفونين تحت التراب.
عطان كغيرها من مناطق اليمن التي تقصف للمرة الألف، وكغيرها من الأحياء السكنية التي طالتها غارات بني سعود وعيال (ناقص)، وارتقى فيها عشرات الشهداء ومئات الجرحى.
قبل يومين فقط من مجزرة عطان، ارتكب طيران العدوان مجزرة مماثلة، شباب في عمر الزهور وآخرون في سن الشيخوخة تركوا مساكنهم ومناطقهم وشدوا الرحال الى (أرحب) للبحث عن عمل يكتسبون من ورائه قليلاً من المال الشريف لجلب الطعام لأهاليهم، والبعض منهم كان ينتظر أن يجمع المبلغ المطلوب ليعود بما يسد به رمق أولاده أو كسوة العيد لأطفاله أو ثمن الدواء لأمه المريضة أو إيجار البيت، قبل أن تأتي طائرات تحالف القتل وتخطف أرواحهم وتمزق أشلاءهم وهم نائمون في إحدى اللوكندات الشعبية.
العدوان يقتل و(الحدث الأصغر) وقنوات العدوان الأخرى تضلل وتكذب، واحنا ننشر صور المجزرة بالفيسبوك وخلاص، يجي ثاني يوم وقد نسينا والتهينا بشيء ثاني، وننتظر مجزرة جديدة، والدنيا عوافي.
والمفروض أن هذه المجازر لا تمر مروراً طبيعياً، ولا بأي شكل من الأشكال، وهناك 3 أمور يجب أن نقوم بها إزاء هذه الجرائم بشكل منهجي ودائم:
أولاً: كشف كذب إعلام العدوان وفضحهم، ونشر الحقيقة المدعمة بالصور والفيديوهات على كل الوسائل الإعلامية والمنصات الاجتماعية المتاحة، والتذكير بالمجازر السابقة حتى يتشكل رأي عام عربي ودولي وإقليمي بضرورة وقف هذه الحرب ومحاسبة القتلة وملاحقتهم أمام القضاء وكشف كل الخونة والمتواطئين معهم في الداخل.
ثانياً: استخدام ما بحوزتنا من وثائق (صور وفيديوهات وشهادات الشهود) لإطلاع المجتمع اليمني على ما يرتكبه العدوان بحق أهالينا، ونشر الوعي في أوساط المجتمع بخطورة من يتعاونون مع العدوان من الخونة والمرتزقة، ونتحول جميعاً الى أمنيين نتساعد مع الأجهزة الأمنية واللجان الشعبية ونرصد التحركات المشبوهة للخلايا الإرهابية وأصحاب الشرائح والعملاء.
ثالثاً: العمل على رفد الجبهات بالمقاتلين والمال والسلاح للأخذ بثأر هؤلاء الأبرياء، من جنود ومرتزقة العدوان في جبهات الداخل والحدود، حتى لا تتكرر هذه المجازر، ولا بد من استيعاب أن صمتنا إزاء مجزرة واحدة دون رد سيجعل العدوان وأدواته يتمادون في ارتكاب المزيد من الجرائم التي لا تستثني أحداً، ولن توفر أحداً داخل الأراضي اليمنية.
طبعاً، أنتم عارفين أن جريمة أرحب ليست أول ولا آخر مجزرة يرتكبها العدوان في أرحب، (وماهيش) أول مجزرة تحصل بصنعاء، ولا أول جريمة يرتكبها بني سعود وعيال زايد في اليمن، (ومابتكونش) الأخيرة، واحنا (حانبين) (بالبعسسة)، ونسينا أن أولويتنا هي العدوان والجبهات.
الصف يتشطط ولا يترقع، مش مشكلة، والخلافات الداخلية طبيعية، والتباينات واردة، وكل الاحتمالات متوقعة حول مصير الشراكة أو الاستمرار فيها، لكن المشكلة الكبيرة هي انشغالنا عن العدوان والجبهات بأمور أخرى ليست (صدفة)، وإنما هي جزء من سيناريوهات العدوان، وفصل من فصول المؤامرة على صمودنا وتضحياتنا، واحنا على نياتنا نتوجه مع التيار كيفما توجه، وننسى أن بوصلتنا هي كسر قرن الشيطان، وطبعاً على الماشي (بنكسر) أي قرن يطلع بطريقنا ليعرقل معركتنا الأساسية في استعادة وبناء دولتنا المدنية الحديثة التي قدمنا من أجلها قوافل من الشهداء وتضحيات لا تقدر بثمن.

أترك تعليقاً

التعليقات