يوم القدس العالمي
 

عبد الحافظ معجب

عبد الحافظ معجب / لا ميديا -

يشكل إحياء يوم القدس العالمي تأكيداً على مواصلة التحرك في سبيل تحرير القدس وكلّ الأراضي الفلسطينية من الاحتلال الصهيوني، وإصراراً عربياً وإسلامياً للتمسك بالقضية المركزية لكل العرب والمسلمين (القدس). كما أنه رسالة لكل المتصهينين والمطبعين أن بوصلة الاهتمام لاتزال في مكانها الصحيح، وإحياء هذه المناسبة السنوية التي حددها الإمام الخميني في آخر جمعة من رمضان يأتي في إطار الالتزام بدعم قضية فلسطين قولاً وفعلاً.
خلال العامين الماضيين تزامن إحياء يوم القدس مع الانتصارات الكبيرة التي حققها محور المقاومة، ابتداءً من سورية التي انتصرت على الحرب الكونية والإرهاب الصهيوخليجي، وصولاً إلى تطهير العراق من الجماعات التكفيرية التي ثبت للجميع ارتباطها بالصهيونية، وليس انتهاءً بالصمود اليمني في وجه العدوان الأمريكي... كل هذه الانتصارات وغيرها من الإنجازات التي حققها المحور المقاوم أدّت إلى إحباط مخطط تصفية القضية الفلسطينية، وإلى خيبة أمل وهزيمة استراتيجية للمشروع الأمريكي الصهيوني الرجعي.
أما هذا العام فستحل علينا مناسبة يوم القدس بالتزامن مع السباق الخليجي العربي المحموم للتطبيع مع الصهاينة وانطلاق خطة الإملاءات الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلاميًا بصفقة القرن، من العاصمة البحرينية (المنامة) على شكل ورشة اقتصادية دولية هدفها تشجيع الاستثمار في الأراضي الفلسطينية المحتلة...
 وكان جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب ومستشاره السياسي، قد أعلن أنه سيكشف عن خطته المنتظرة للسلام في الشرق الأوسط المعروفة باسم "صفقة القرن"، بعد انتهاء شهر رمضان. وقال كوشنر إنه كان يأمل بطرح الخطة أواخر العام الماضي، إلا أن رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو أعلن إجراء انتخابات ولا يزال يحتاج إلى الوقت لتشكيل ائتلاف، ولذلك سينتظر إلى ما بعد انتهاء رمضان، وبعد ذلك سيكشف عن خطته.
وفي المقابل يأتي يوم القدس هذا العام في ظل انتصار المقاومة وصواريخها في غزة على الكيان الصهيوني، وتحرك الشارع الفلسطيني من خلال مسيرات العودة الكبرى التي تقطع الطريق على صفقة القرن التي لا يمكن أن ترى النور طالما هناك مقاومة فلسطينية وشعب يملك إرادة المواجهة وتقديم التضحيات الكبيرة في سبيل التمسك بحقوقه واستعادة هذه الحقوق ورفض أيّ مساومة أو تفريط بها. كما أن التحرك الشعبي الفلسطيني يستنهض شعوب المنطقة الذين سيخرجون في عدد من الدول العربية والإسلامية والعالمية لتأكيد أنّ القضية الفلسطينية قضية عربية وإسلامية وأممية، قضية تحرّر تحظى بدعم شعوب العالم، مما يشكل هزيمة لمشاريع الاحتلال والتطبيع، ويجعل من كيان الاحتلال في حالة من القلق، لأنه لم يستطع انتزاع اعتراف الشعب الفلسطيني بوجوده، ولم يستطع أن يجعل شعوب العالم تنسى قضية فلسطين، فضلاً عن انهيار الردع "الإسرائيلي" والقباب الحديدية وهروب مئات الآلاف من "الإسرائيليين" الى الشمال.
ومع اقتراب يوم القدس هذا العام عمَّم الديوان الملكي السعودي اليومين الماضيين تعليمات لممثلي السعودية وسفرائها في الدول الإسلامية للعمل لدى هذه الدول على منع أي مظاهر لإحياء هذا اليوم، مقابل زيادة نسبة الحجاج لكل بلد يلتزم بالطلب السعودي. كما تنفذ الرياض حملة اعتقالات وملاحقات بدأتها السلطات في الآونة الأخيرة ضد المقيمين الفلسطينيين على الأراضي السعودية طالت عشرات الفلسطينيين من "حركة حماس" وغيرها، لترهيب الفلسطينيين تخوّفاً من قيامهم بتحرّك مربك ومحرج على الأراضي السعودية إثر الإعلان الأمريكي عن بنود صفقة القرن.
أما بالنسبة لليمن واليمنيين بقيادة سيد الثورة اليمانية وقائدها السيد عبد الملك الحوثي فهم الجبهة الأولى والمتقدمة في التصدي لصفقة القرن، وهم من يقاتل في خطوط النار مع مهندسي ومنفذي الصفقة. وبات واضحاً أن العدوان على الشعب اليمني ما هو الا عقاب صريح على عدم تخليهم عن القضية المركزية (فلسطين)، وتمسكهم بقرار مواجهة الصهاينة والمتصهينين، برغم أوجاعهم وجراحاتهم. كما أن من المتوقع أن يكون الخروج هذا العام لإحياء المناسبة مختلفاً عن كل عام، لاسيما مع الانتصارات الكبيرة التي تحققها القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير على السعودية والإمارات، وهما الدولتان المتزعمتان لصفقة القرن، وانكسار هاتين الدولتين في العدوان على اليمن انكسار للصفقة وتعثرها في منتصف الطريق.

أترك تعليقاً

التعليقات