الذخيرة العنقودية
 

عبد الحافظ معجب

بعد 40 يوماً من انطلاق ما سميت عاصفة الحزم، التي استهدفت المطارات والقواعد العسكرية والمقرات الحكومية والأحياء السكنية، قررت القبائل اليمنية التحرك صوب الحدود مع المملكة السعودية.
حمل رجال القبائل سلاحهم الشخصي، وتوجهوا الى المواقع العسكرية السعودية، ومن هنا بدأت الحكاية، حيث حشدت المملكة إمكانياتها وطاقاتها وحلفاءها وشركاءها من الشرق والغرب، للرد على المعتدين كما سمتهم.
حرب غير متكافئة البتة، حيث كان يحمل المقاتل اليمني سلاحه الكلاشنكوف على كتفه، وطائرات التحالف تقصفه بأحدث الصواريخ، وفي الوقت الذي يُخِرج فيه المقاتل الأشعث الأغبر (فاكهة الرمان) من جيب قميصه ليتناولها بدل وجبة الإفطار، تباشره قوات التحالف بقنابل عنقودية وانشطارية تحمل الآلاف من الشظايا، وأمام (حُقة) صغيرة من البردقان يحملها اليمني بيده، ترمي عليه السعودية أطناناً من البارود والمتفجرات، لتمنعه من الوصول الى هدفه داخل العمق السعودي، غير أنه لا يأبه بشيء من هذا، ويواصل طريقه مرفوع الرأس منتصب القامة.
قبل أن يصل المقاتل اليمني الى المواقع العسكرية السعودية، تكون أرتال الآليات قد اصطدمت ببعضها، وراحت كتائب الحدود ضحايا لتدهور آلياتهم العسكرية، فيما يقضي من تبقى من جيش الكبسة بحالات الإسهال الحاد، وهم يبحثون عن طريقة للفرار قبل وصول المارد اليمني.
ولأن السعودية تمضي في حربها على خطى المدرسة الصهيونية، تلجأ في كل مرة لتعويض خسارتها في الحدود، بقتل المدنيين بالصواريخ والقنابل المحرمة دولياً، من بين هذه الذخائر المحرمة دولياً استخدمت المملكة القنابل العنقودية بريطانية الصنع نوع (بي إل 75)، والتي يحظر بيعها واستخدامها منذ العام 2010م، نتيجة لخطرها على المدنيين، وما تسببه من أضرار كارثية على الضحايا.
منظمة هيومن رايتس ووتش وثقت استخدام هذا النوع من الذخائر المحظورة في 7 مناطق يمنية بمحافظتي صعدة وحجة. ولخطورة هذا النوع من السلاح، لم يستخدم كثيراً، حيث استخدمه الأمريكان في حربهم ضد العراق، وأيضاً جرى استخدام هذه الذخيرة في حرب الخليج الأولى، وفي كوسوفو، واستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حرب تموز بلبنان.
وبعد مغالطات وإنكار استمر ما يقارب العامين، اعترف مؤخراً البغل الأسمر أفيخاي عسيري، ولأول مرة، أن بلاده استخدمت هذه الذخائر، طبعاً بعدما قد قتلوا الآلاف من المدنيين، وبالرغم من المغالطات التي ساقها عسيري في تصريحه الأخير، وادعائه استخدام هذه القنابل في ضرب أهداف عسكرية، كان إقراره باستخدام بلاده لهذا النوع من الذخائر تأكيداً واضحاً للبيانات التي وثقتها المنظمات الدولية، وعلى رأسها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش.
اعتراف السعودية هذه المرة زاد من الضغوط على الحكومة البريطانية التي ظلت تراوغ وتكذب منذ بداية العدوان حول بيعها هذا النوع من السلاح للسعودية، حزب العمال البريطاني المعارض ندد ببيع الحكومة هذا السلاح للمملكة، واعتبر استخدامها مثيراً للقلق العميق.
أما وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، فقد استمر بالمغالطات قائلاً إن المملكة اشترت هذه القنابل في الثمانينيات من القرن العشرين.
حتى البرلمان اليمني تحرك ووجه رسالة الى حكومة رئيسة الوزراء البريطانية (تيريزا ماي) وأعضاء مجلس العموم، طالبهم فيها باتخاذ موقف حازم وقوي إزاء استمرار الحكومة البريطانية في بيع الأسلحة، بما فيها المحرمة دولياً، للسعودية، ويا خوفي يكون الدكتور يحيى الراعي هو اللي كتب الرسالة بخطه، إن شاء الله يكون بلغهم (مشفرياً) أحسن من الكتابة.
المهم في الموضوع أن السعودية (ساع) كل مرة حملت حكومة الدنبوع وقياداته العسكرية المسؤولية، وبحسب ما نشرته (الجارديان) فإن الرياض أبلغت لندن أن قرار استخدام هذه الذخائر صدر من قائد عسكري في قوات هادي، (وعليها) كلما حنبوا وتورطوا رجموها فوق القيادات العسكرية التابعة لهادي.

أترك تعليقاً

التعليقات