مارتن غريفيث..هل أعلن فشله قبل أن يبدأ؟!
 

راسل القرشي

تسلم المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن مارتن غريفيث، الأسبوع الماضي، الملف اليمني من سلفه إسماعيل ولد الشيخ. وفي أول تصريح له قال غريفيث إن الحل السياسي في اليمن غير وارد..!
تصريح غريفيث جاء مخيباً للآمال، لاسيما بعد أن مثل تعيينه خلفاً لولد الشيخ بادرة أمل جديدة في إنهاء العدوان، والتوصل إلى حل سياسي يضع حداً للصراع القائم منذ 3 سنوات، ويزيح شبح المعاناة المتزايدة عن اليمنيين، ويحقق لليمن السلام.. إضافة إلى خبرته الواسعة في حل النزاعات والتفاوض والشؤون الإنسانية. 
أغلق غريفيث بوادر الأمل الموضوعة، وخيب آمال ليس اليمنيين فقط، وإنما كل من يشعر بآلامهم وأوجاعهم ومعاناتهم..
جميعنا كنا نتوقع أن ينجح مارتن غريفيث في صناعة شيء يعيد الأمل لليمنيين، ولو حتى في رفع الحصار، وإقناع من يسمونها (الشرعية) بالكف عن استخدام المرتبات ورقة حرب، والإيفاء بالتزاماتها التي قطعتها على نفسها بعد أن تمكنت من نقل البنك المركزي إلى عدن..
انزاحت تلك الآمال، وذهبت أدراج الرياح مع أول تصريح مخيب للمبعوث غريفيث.. ورغم ذلك لازال البعض يتساءل: مارتن غريفيث.. هل ينجح في ما أخفق فيه ولد الشيخ؟!
تصريح المبعوث الأممي الجديد بأن الحل السياسي في اليمن غير وارد، يؤكد ما قالته وحدة الاستخبارات التابعة لمجموعة الإيكونومست البريطانية، في أحدث تقاريرها، من أن الحرب في اليمن من المتوقع استمرارها حتى 2022م.
غريفيث، وقبل أشهر عدة من تعيينه كمبعوث أممي، كان يقول بإمكانية الوصول لحل سياسي في اليمن.. وفي الإطار نفسه كان يوجه انتقاداته لتحالف العدوان، ويحمله مسؤولية استهداف المدنيين والمنشآت المدنية، وتفاقم معاناة اليمنيين.. كما قال في إحدى محاضراته إن (الأزمة في اليمن استثنائية ويمكن حلها).. فما الذي حدث ودفع غريفيث إلى القول مؤخراً إن (الحل السياسي في اليمن غير وارد)؟!
لن نقول إن غريفيث قال عبارته تلك عن يأس من منطلق أن الأزمة اليمنية وصلت إلى مرحلة من الانسداد والتعقيد، والتي لا يمكن معها إقناع كل الأطراف بإمكانية العودة للمفاوضات، وإيقاف الأعمال العسكرية وخاصة العدوانية ورفع الحصار.. وإنما سنعتبر ما قاله حافزاً لكل الأطراف للعمل على استشعار المسؤولية والخطورة الواقعة والمتوقعة على اليمن واليمنيين من استمرار الحرب حتى العام 2022م، كما قالت وحدة الاستخبارات التابعة لمجموعة الإيكونومست البريطانية.. 
كما لن نقول إن غريفيث قال عبارته تلك رغبة أو ترجمة لما يريده ويتمناه التحالف بقيادة النظامين السعودي والإماراتي، من خلال إغلاق كل منافذ الحل، والاستمرار في العمل العسكري، وتكرار نفس الأخطاء التي وقع فيها المبعوث الأممي السابق إسماعيل ولد الشيخ.. بل سنرجع ما قاله إلى حرصه الكبير على ترجمة ما كان يقوله في محاضراته السابقة التي قدمها حول الأزمة اليمنية الشائكة، بوصفه مديراً تنفيذياً في المعهد الأوروبي للسلام، ومقره بروكسل، وأكد خلالها على إمكانية الحل..
لن نزيح الأمل أو نرمي به بعيداً لمجرد تلك العبارة التي قالها مارتن غريفيث، وسنظل نؤكد على أن الأزمة اليمنية لن تحل بالعمل العسكري، وإنما بالحوار الجاد والمسؤول، والعودة إلى طاولة المفاوضات، ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم السياسية والدينية والأخلاقية في ما يتعرض له اليمنيون من معاناة تزداد حدة يوماً بعد آخر..
نعم.. لم ولن نغلق أبواب الأمل عن إمكانية الحل السياسي، وسنرمي كل الاحتمالات الأخرى بعيداً، وسنضع تساؤلنا الأهم: مارتن غريفيث.. هل ينجح في ما أخفق فيه ولد الشيخ؟ أم أراد من خلال تصريحه هذا أن يعلن فشله قبل أن يبدأ؟!

أترك تعليقاً

التعليقات