راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا -

تم الاتفاق في جنيف، الأسبوع الماضي، على تبادل أكثر من 1000 أسير، وذلك في إطار المباحثات التي ترعاها الأمم المتحدة ومندوبها في اليمن مارتن غريفيتث بين حكومة الإنقاذ بصنعاء وطرف فنادق الرياض بقيادة تحالف العدوان. ويأتي هذا الاتفاق بعد مرور قرابة العامين على اتفاق ستوكهولم ونقاشاته، وأيضاً اجتماعات الأردن التي لم يتم فيها التوصل لأي تفاهم للإفراج عن الأسرى، نتيجة تعنت تحالف العدوان وأدواته وفشل الأمم المتحدة وممثلها باليمن في رعاية تلك الاجتماعات.
كلنا يعلم الأسباب التي أدت إلى فشل مباحثات ستوكهولم وما يخص اجتماعات الأردن حول الأسرى. وما يثير الانتباه أن كثيراً من المبادرات حول تحرير الأسرى جاءت من حكومة القوى الوطنية في صنعاء، التي أطلقت مئات الأسرى، وبينهم سعوديون، كبادرة لتأكيد حسن النوايا، ترافقت مع مبادرة وقف هجمات الطيران المسيّر والصواريخ على الأراضي السعودية، وردت السعودية بإطلاق 200 أسير وذلك بعد مرور حوالي العام على اتفاق ستوكهولم. وكل ذلك تم بعيداً عن المباحثات التي ترعاها الأمم المتحدة وممثلها في اليمن. كما أن هناك الكثير من عمليات تبادل الأسرى بين الطرف الوطني وما تسمى حكومة "الشرعية" تمت بنجاح بعيداً عن الأمم المتحدة. وهو ما يؤكد فشل الأمم المتحدة ومندوبها في هذا الملف، وإثبات أنها تمثل عامل إعاقة في إنجاح التوصل لأي اتفاق، أكان حول الأسرى أم غيره!
اتفاق جنيف الأخير، وإذا ما تم تنفيذه بمصداقية من قبل تحالف العدوان بقيادة النظام السعودي وأدواته المحلية بعيداً عن التذرع بأي حجج قد يكشفون عنها في قادم الأيام وحتى موعد التنفيذ، سيكون الاتفاق الوحيد الذي نجحت فيه الأمم المتحدة وممثلها مارتن غريفيتث فيما يخص هذا الملف وبعد قرابة العامين على اتفاق ستوكهولم.
ونحن عندما نتحدث عن هذا الملف في مرحلته الأولى المتفق عليها بجنيف نسترجع الأحداث السابقة التي شهدها ملف الأسرى، وكان من ضمنها قصف تحالف العدوان بقيادة النظام السعودي سجن الأسرى في ذمار!
في هذا القصف المتعمد قضى أكثر من 123 أسيراً نحبهم، إضافة إلى إصابة أكثر من 80 أسيراً. وبعض هؤلاء الأسرى كانوا ضمن صفقة التبادل بين الإصلاح وحكومة الإنقاذ بعيداً عن التحالف، ومن ضمنهم من كان سيجري تبادلهم في تعز قبل فترة من هذا القصف. وبسبب ضغط من التحالف تم إفشال صفقة التبادل، وبالتالي قصف السجن الذي يتواجدون فيه!
قصف الأسرى من قبل طيران العدوان السعودي لم يكن خطأً، وإنما كان متعمداً وهدفه عرقلة عملية تبادل أسرى بين الأطراف اليمنية. كما كان دليلا على أن النظام السعودي هو من يعرقل كل الاتفاقات التي يتم التوصل إليها بين الجانبين حول ملف الأسرى وأي ملفات أخرى، بالتعاون مع الأمم المتحدة التي لم تبدِ أي قلق كعادتها إزاء هذا العمل الإجرامي.
لقد أراد النظام السعودي من وراء قصفه سجن الأسرى بذمار إيصال رسالة للإصلاح مضمونها أن أي خروج عن إرادة التحالف وأجندته في اليمن سيتم التعامل معه بتلك الطريقة الوحشية، ولا يهتم هذا النظام بمصير الأسرى، حتى وإن أُسروا وهم يقاتلون عن الجيش السعودي في جبهات نجران وجيزان وعسير!
 اليوم يكون النظام السعودي طرفاً مباشراً في هذا الاتفاق، حيث هناك أكثر من 15 أسيراً سعودياً وغيرهم من الجنجويد السودانيين ضمن صفقة تبادل الأسرى التي تم تحديدها بـ1081 أسيراً من الجانبين.
ويبقى هنا السؤال الأهم: هل تنجح الأمم المتحدة وممثلها مارتن غريفيتث في اختراق هذا الملف والوصول إلى تنفيذه؟! أم أن هناك من سيتدخل لإفشاله كما حدث في المرات السابقة؟!
وهل لدى النظام السعودي نية حقيقية لإتمام تنفيذ تبادل الأسرى وفقاً لاتفاق جنيف بمرحلته الأولى؟!
تنفيذ هذه المرحلة من اتفاق جنيف بمصداقية حقيقية قد يكون البوابة لتنفيذ ما تبقى من مراحل أخرى بخصوص ملف الأسرى، وأيضاً قد يقود إلى حلحلة كل الإشكالات القائمة، وفي مقدمتها ما يتعلق بالملف السياسي.

أترك تعليقاً

التعليقات