لماذا صمتت الأمم المتحدة؟!
 

راسل القرشي

لم تعد الأمم المتحدة وبعد ما يزيد عن ألف يوم من عمر العدوان الإجرامي على اليمن، تعبر عن قلقها البالغ إزاء الاستهداف المتواصل للمدنيين، واختارت الصمت حتى تتحاشى إغضاب قيادات النظام السعودي..
سابقاً كان مسؤولو هذه المنظمة، وبعد كل جريمة يرتكبها التحالف بقيادة النظام السعودي، يسارعون الى التعبير عن بالغ القلق الذي يعتريهم من استهداف المدنيين..
اليوم اختار مسؤولو هذه المنظمة الصمت، ولم يعد يعنيهم ما يحدث في اليمن، كما لا يهمهم سقوط المزيد من القتلى والجرحى أو حتى إبادة اليمنيين جميعاً..!
هذا هو الدور الذي كانت تقوم به الأمم المتحدة إزاء الجرائم والمجازر التي يواصل النظام السعودي وحلفاؤه ارتكابها منذ أكثر من ألف يوم من العدوان.. ورغم تعبيرها المتواصل عن القلق، إلا أنها كانت تتوخى الحذر عند إطلاق مثل تلك العبارات، وتطالب جميع الأطراف بالابتعاد عن استهداف المدنيين، دون تسمية التحالف الذي ارتكب هذه الجريمة أو تلك، خشية إغضاب النظام السعودي الذي سيلجأ إلى ممارسة ضغوطه لدى شركائه الكبار لتغيير هذا المسؤول الأممي الذي تجرأ واتهم نظام بني سعود بارتكاب هذه الجريمة أو تلك، وسبق أن مارس مثل هذه الضغوط لتغيير أكثر من مسؤول أممي اتهم النظام السعودي باستهداف المدنيين والأحياء السكنية، وأن حصاره الظالم تسبب بتجويع اليمنيين وانعدام الغذاء والدواء وزيادة معاناة الشعب اليمني على كافة المستويات..
أكثر من 70 ألف شهيد وجريح من المدنيين سقطوا بهجمات تحالف النظام السعودي منذ بدء عدوانه.. وعقب كل جريمة تبادر الأمم المتحدة إلى التعبير عن (قلقها البالغ)، وسرد الكثير من العبارات الإنشائية في بياناتها الصادرة أو تصريحات مسؤوليها..!
ورغم معرفة أبناء الشعب اليمني من يستهدفهم عن قصد وتعمد، إلا أن قول مسؤولي الأمم المتحدة بأن (جميع الأطراف مستمرة في تجاهلها حماية المدنيين ومبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين خلال العمليات القتالية)، فيه تهرب واضح من عدم تسمية الطرف الحقيقي مرتكب تلك الجرائم المستمرة والمتواصلة..؛ كما كشف هذا القول عن مهادنة العدوان وتمييع كل الجرائم المرتكبة من قبل التحالف السعودي.. وكل ذلك اتضح بجلاء في القرارات التي خرج بها مجلس حقوق الإنسان، والتي عكست رضوخه لمطالب النظام السعودي ودفعته للاستمرار في ارتكاب جرائمه ومواصلة استعراض عضلات قياداته على المدنيين..
هكذا استمرت الأمم المتحدة تؤدي دور (شاهد ما شفش حاجة) عند إصدار مسؤوليها بياناتهم وتصريحاتهم حول الجرائم المرتكبة من قبل تحالف العدوان ومجمل الأحداث الحاصلة.. 
ومع كل ذلك هناك الكثير من مسؤولي الأمم المتحدة الذين نخلع لهم قبعاتنا احتراماً وتقديراً لرفضهم الرضوخ للإملاءات السعودية وقوى العدوان وبيع ضمائرهم ومسؤولياتهم، ومن هؤلاء وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية السيد ستيفن أوبراين الذي قدم لمرات عدة إحاطات توضح حقيقة الوضع الإنساني في اليمن، وتنبه إلى اتخاذ إجراءات حازمة وحاسمة لرفع الحصار المفروض من تحالف العدوان بقيادة السعودية، ومحاسبته على الانتهاكات الإنسانية المستمرة التي تسببت بقتل المدنيين وزيادة معاناتهم على المستويات كافة.. إضافة إلى الممثل المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن جيمي ماكغولدريك.. بعكس البعض الآخر الذين سقطوا بكل أسف أمام إغراءات المال السعودي والخليجي، وكشفوا عن فساد المنظمة الأممية وانحيازها للأقوياء تجار الحروب؛ وأن كل مبادئها وقيمها ليست أكثر من شعارات لا تجد موقعها من التطبيق على الواقع..!
إن الشعب اليمني يستحق العيش بسلام كما كان يردد جيمي ماكغولدريك.. ولكن لن يتحقق له ذلك إلا إذا تكشفت الحقائق التي يعمل الكبار على التغطية عليها.. وتحملت الأمم المتحدة مسؤولياتها بكل الصدق والمسؤولية، وتحولت من (التعبير عن القلق البالغ) كما كانت سابقاً قبل أن تختار الصمت، إلى التأكيد على محاسبة منتهكي القانون الإنساني الدولي، والتحقيق الجاد والمسؤول وبحيادية وشفافية مطلقة في تلك الجرائم، وتقديم مرتكبيها للعدالة.. والسعي الحقيقي لوقف العدوان والعمليات القتالية في اليمن، وتحقيق السلام..

أترك تعليقاً

التعليقات