ماذا لو كان «كورونا» في بلدٍ عربي؟!
 

راسل القرشي

راسل القرشي  / #لا_ميديا -

لو أن دولة عربية واحدة ظهر فيها فيروس كورونا، ماذا كانت ستفعل؟! وما الذي سيقدمه أشقاء هذا البلد لمساعدتها في احتواء الفيروس والبحث عن لقاح سريع يوقف تمدده ونشاطه؟!...
وماذا عن الدول الصديقة الأخرى؟!
الإجابة بوضوح: سيتم مقاطعتها وهجرها من كل بلدان العالم، وستذهب التحليلات إلى أن العرب والمسلمين يرهبون العالم بـ"كورونا"، وسيربطون هذا الفيروس بالإرهاب، وهات يا تهم وإساءات للإسلام والمسلمين وللدول الإسلامية!
ولا أستبعد أن يتم إعلان هذه الدولة دولة إرهابية والقول بأنه لا يأتي من العرب والمسلمين سوى الأمراض والكوارث والأوبئة، ويمنع كل مواطنيها من دخول دول العالم، وستذهب بعض الدول العربية صوب المنحى الغربي وتفرض حصارا ومقاطعة لهذه الدولة المنكوبة!!
هذه هي الحقيقة الواقعة والمتوقعة ولا شيء غيرها. ونكذب على أنفسنا إن قلنا غير ذلك. ونحمد الله أن ما أقوله ليس سوى افتراضات!
نعم، لن تدعو أي دولة عربية إلى عقد اجتماعات لوزراء الصحة العرب على وجه السرعة واستدعاء المراكز البحثية الطبية للعمل على إرسال بعثات طبية إلى هذه الدولة الشقيقة التي انتشر فيها الفيروس والبدء بالبحث عن ماهيته والسعي لإيجاد لقاح ينقذ حياة الملايين من مواطني تلك الدولة.
ولن تلجأ البلدان العربية لفعل أي شيء، كونها أولا لا تمتلك تلك الإمكانات التي تدفعها لإنجاز مثل هذا العمل، وثانيا لأن روح التعاون العربي والعمل المشترك في الجانب الصحي وغيره منعدم كلياً وليس موجوداً، ويحل بدلاً عنه العمل العدائي المشترك!
قد تبادر بعض المنظمات الدولية المعنية لإعلان الدولة المصابة دولة منكوبة وتحذر من السفر إليها أو مغادرة أحد أفرادها أراضيها حتى لا يتم نقل الفيروس وانتشاره، وتبدأ هذه المنظمة بالدعوة إلى عقد مؤتمرات طبية وفتح باب الكارثة الإنسانية، ثم البدء بالمتاجرة بقضية أبنائها الذين يتألمون ويتوجعون ومعنوياتهم منهارة ويتساقطون موتى نتيجة هذا الفيروس اللعين!
لنسأل أنفسنا هنا: ماذا فعلت الصين لمواجهة هذه الجائحة الخطيرة؟! وهل استدعت العالم للمساعدة في تطويق الفيروس ومنع انتشاره والبحث عن لقاح يوقف هذا الموت اليومي الذي يصيب أبناءها؟!
لم تفعل الصين شيئاً من هذا، وإنما ذهبت لتطويق الجائحة وإغلاق مدنها وموانئها ومطاراتها، وتوجيه السكان الذين يعيشون في المدن المصابة بلزوم منازلهم وتوفير كل احتياجاتهم. ومن جانب آخر بدأت ببناء المستشفيات الخاصة لاستقبال ومعالجة المصابين بهذا الفيروس القاتل، واستدعاء كل علماء البلد لدراسة الفيروس والبحث عن لقاح يقضي عليه. 
نعم، في الصين فقط يحدث هذا. خوف ورعب وموت، وعمل جاد ومسؤول لاحتواء الكارثة، دون الالتفات لما يقوله العالم عن هذا الوباء القاتل أو مناشدة أنظمة العالم وسؤالها: ماذا فعلتم من أجلنا؟! وهل تشاركوننا الآلام والأوجاع التي نحن فيها؟!
إنها الصين، التي يوجد بها ثلث سكان العالم، نجدها خلية نحل من أجل إنقاذ الملايين من الشعب الصيني، والعمل المسؤول لإيقاف هذا الوباء ووضع المعالجات الحقيقية له.
الإنسان في الصين، ورغم أن تعداد السكان فيها وصل إلى مليار ونصف المليار، إلا أن الإنسان يشكل أهمية بالغة.. فالإنسان هناك محترم وله حقوقه وكرامته مصانة، وهو أساس بناء الصين ونموها وتطورها في كافة ميادين المعرفة والعلم والعمل.
هذا هو الإنسان في الصين. وبهذا الإنسان تواجه كل الأوبئة والكوارث التي تتعرض لها، وتفاجئ العالم بأنها الأقوى وستبقى الأقوى، ولا حياة للآخرين الذين دفعهم هذا الفيروس لإعادة مواطنيهم من هذا البلد العريق الذي لا يعرف شيئا اسمه المستحيل، وذهب صوب إيقاف رحلاتهم الجوية إلى الصين وتعطيل كل أوجه الحياة معها.
إنها الصين يا عالم، وليست بلداً عربياً أو نامياً. ومهما كان أصل هذا الفيروس، سواء أكان وباء حقيقياً أم مفتعلاً، فإن ما يهم الصين الآن هو مواجهته، وفيما بعد سيكون الحديث الآخر، وخاصة إن ثبت أن هذا الفيروس الذي أدى لهذا الوباء مفتعل!!
أنظمتنا العربية هشة كلياً، ولن تستطيع مواجهة مثل هذه الأوبئة. والشيء الوحيد الذي تجيده هو التآمر على بعضها فحسب!

أترك تعليقاً

التعليقات