قراصنة الكمامات
 

راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا - 

كشف وباء كورونا الذي يجتاح العالم منذ أكثر من 3 أشهر، عن هشاشة القطاع الصحي في عموم بلدان العالم، وفي مقدمتها الدول الكبرى المهيمنة على سلطة القرار العالمي، والتي لم تستطع تغطية احتياجاتها المحلية من الكمامات والأدوات الطبية وأجهزة التنفس الصناعي لمواجهة هذا الوباء القاتل الذي يصيب الجهاز التنفسي، ويؤدي بالكثير من المصابين إلى الوفاة.
هذه الأدوات الطبية ذات الاحتياج الأول عالمياً لمواجهة هذا الوباء، دفعت الكثير من البلدان إلى تقديمها لدول أخرى في إطار مساعدات إنقاذية، وكانت كل من الصين وروسيا الدولتين المبادرتين إلى تقديمها للدول التي اجتاحها الوباء وعجزت عن مواجهته، ومنها الولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا التي تعد من الدول الأكثر وباء وإصابة ووفاة بين مواطنيها.
ولا شك أن من يتابع أخبار هذا الوباء والحالة الصحية التي وصلت إليها تلك البلدان، سيجد حالة العجز الكبيرة التي وصلت إليها المؤسسات الطبية نتيجة عدم قدرتها على توفير الكمامات الطبية وأجهزة التنفس الصناعي، وعدم قدرة غرف الإنعاش المزودة بتلك الأجهزة على استيعاب الكم الكبير من المصابين، ما سبب وفاة الكثير منهم دون حول منهم ولا قوة.
لقد كشف هذا الوباء المخيف عن ضعف تلك الدول بمؤسساتها الطبية على اختلاف مسمياتها، ما دفعها إلى اللجوء للدول الصناعية الكبرى لطلب تلك الأدوات، والتي بادرت بالتجاوب وتلبية تلك الدعوات باعتبار أن هذا الوباء أصاب بلدان العالم ككل، وأن العالم شريك في مواجهته.
كما سارعت تلك البلدان إلى إرسال كوادر طبية إلى إيطاليا وإسبانيا وغيرهما.. وكل هذه المبادرات تأتي كما قلنا من منطلق إحساس تلك البلدان بشراكتها مع مختلف بلدان العالم في مواجهة ومكافحة هذا الوباء القاتل.
والغريب والمعيب في آن في إطار هذه المبادرات، أن تلجأ بعض البلدان إلى الاستيلاء على تلك المساعدات المتوجهة إلى بلدان أخرى، ليكشف هذا الوباء عن قراصنة جدد تمثلها بعض الأنظمة..!
وفي هذا الإطار، واجهت الولايات المتحدة الأمريكية اتهامات بالقرصنة وسرقة شحنة من الأقنعة الطبية كانت موجهة للشرطة الألمانية، فضلاً عن مزايدتها على دول أخرى في السوق العالمية لمنعها من شراء معدات الحماية من الفيروس التاجي.
وذكر تقرير نشرته صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، السبت قبل الماضي، أنه تم تحويل نحو 200 ألف قناع من نوع N95 إلى الولايات المتحدة أثناء عملية نقلها بين الطائرات في تايلاند، كانت موجهة في الأساس إلى العاصمة الألمانية برلين، وفقاً لادعاء السلطات الألمانية التي كشفت أن شحنة الأقنعة الطبية تم شراؤها لتزويد رجال الشرطة في برلين بها للحماية من خطر الفيروس التاجي.
ووصف وزير داخلية ولاية برلين ما قامت به الولايات المتحدة بأنه "عمل من أعمال القرصنة الحديثة"، وناشد الحكومة الألمانية مطالبة واشنطن بالامتثال لقواعد التجارة الدولية.
وسط هذه الأزمة العالمية كشفت الإدارة الأمريكية عن توحشها، وأكدت أن لا شراكة عالمية في مواجهة هذا الوباء الذي يعصف بالولايات المتحدة، كما يعصف ببقية بلدان العالم، وفي مقدمتها الأوروبية.
وفي الاتجاه الآخر، أكدت إسبانيا أن تركيا استولت على طائرة قادمة من الصين محملة بمعدات طبية قامت بشرائها.
ووجهت وزيرة الخارجية الإسبانية اتهامات مباشرة إلى تركيا بالاستيلاء على طائرة قادمة من الصين محملة بالعشرات من أجهزة التنفس لعلاج المصابين بفيروس كورونا.
ونقلت صحيفة "ألموندو" الإسبانية، الجمعة الماضية، عن الوزيرة أن الطائرة لاتزال تحتجزها أنقرة التي قررت الاستيلاء على المعدات التي تحويها، مؤكدة أن المعدات التي كانت متوجهة لبلادها قادمة من الصين، لا علاقة لها بالمعدات الطبية لتركيا، ومع ذلك استولت عليها أنقرة منذ أكثر من أسبوعين.
وأفادت الوزيرة الإسبانية في تصريحاتها التي نقلتها وكالات أنباء ومواقع صحفية، بأنها تحدثت مع نظيرها في تركيا لمرات عدة للإفراج عن الطائرة، ولكن دون جدوى.
على ضوء هذه القرصنة التي تقوم بها بعض البلدان في إطار هذه الأزمة العالمية الكارثية والاجتياح المرعب لهذا الفيروس، نؤكد أن قادم الأيام سيكون مؤلماً وكارثيا أيضاً، وأن الأسوأ لم يأتِ بعد.
نسأل الله السلامة.

أترك تعليقاً

التعليقات