تواطؤ دولي مفضوح
 

راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا -

في جلسة مجلس الأمن المنعقدة الجمعة 22 نوفمبر، كنت مستمعاً إلى مداخلات عدد من ممثلي أعضاء بعض الدول الذين ذكروا في سياق احاديثهم الخطر الذي يشكله بقاء أكثر من مليون برميل نفط في خزان صافر النفطي العائم بميناء رأس عيسى وبلا صيانة، وهو ما ينذر بتسرب للخزان أو انفجاره، وما يشكله ذلك من تهديد لبيئة البحر الأحمر.
تلك الدول طالبت بضرورة إجراء صيانة عاجلة للخزان العائم وتلافي أي أخطار وعواقب بيئية واقتصادية كارثية على البحر الأحمر والدول المطلة عليه.
لم يشر أعضاء تلك الدول في سياق أحاديثهم إلى المتسبب في عدم تفريغ النفط الموجود بالخزان منذ العام 2015، وإلى من رفض ومانع طيلة الفترة الماضية من وصول أي فرق فنية لإجراء الصيانة المطلوبة للخزان وتلافي كل هذه التهديدات التي تحدث عنها هؤلاء.
منذ أكثر من 3 سنوات، حذر المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الأمم المتحدة من بقاء النفط الموجود داخل الخزان، وطالباها بالعمل من أجل إيصال مادة المازوت لتشغيل مولدات غلايات ومبردات منشأة الخزان العائم أو وصول فرق صيانة تمنع خطر انفجاره أو تسرب نفطه كون ذلك سيؤدي إلى كارثة حقيقية على كل الدول المطلة على البحر الأحمر.
فكيف قابلت الأمم المتحدة تلك التحذيرات؟ وهل تفاعلت وناقشت موضوع الخزان العائم مع اعضاء مجلس الأمن لاتخاذ قرار سريع قبل أن تحل الكارثة؟
الجواب: بقيت الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص يستمعون إلى تلك التحذيرات طيلة السنوات السابقة بأذن من طين وأخرى من عجين، حتى سمعنا اليوم من يتحدث من أعضاء مجلس الأمن حول الخزان العائم ويحذر من المخاطر التي سيخلفها إن تعرض للتسرب أو انفجر نتيجة الغازات المتراكمة بداخله.
أكثر من مليون برميل من النفط بداخل خزان صافر منذ العام 2015م، رفض العدوان السماح بتصدير تلك الكمية، وظل الوضع على ما هو عليه. حتى بدأنا نسمع بعد 4 سنوات من العدوان والحصار صراخ حكومة الفنادق من الرياض تحذر من الكارثة التي سيتسبب بها الخزان إثر بقاء النفط بداخله وعدم صيانته. وكل ذلك الصراخ لا هدف منه غير المزايدة وإظهار أنها مهتمة بهذا الأمر؛ فيما هي لا تعي ولا تدرك ماذا يعني تسرب الخزان أو تعرضه للانفجار!
بقيت حكومة صنعاء طيلة السنوات الماضية -وكما قلت سابقاً- تطالب الأمم المتحدة بإيجاد حل لخزان صافر والضغط على تحالف العدوان للسماح بإيصال فنيين يضمن عدم تسرب المخزون النفطي. ولكن كل هذا قوبل بالرفض تارة واللامبالاة تارة أخرى، حتى وصلت الأمور إلى حالة خطرة وبات احتمال تسرب النفط الخام في هذا الخزان وارداً، ولكي تخلي الأمم المتحدة ومجلس أمنها مسؤولياتها التي بأي حال من الأحوال ليست مرتبطة بموافقة أو رفض حكومة صنعاء، بل باستشعارها بجدية لمسؤولياتها التي لم تقم بها تلبية لرغبة تحالف العدوان، كما هو حالها في كل جرائم العدوان على الشعب اليمني مع استثناءات قليلة تأتي من باب رفع العتب أو ذر الرماد في عيون الرأي العام الدولي.
ولا شك أيضا أن في الإحاطة التي قدمها المبعوث الأممي غريفيتث والمتحدثون في المجلس حول الخزان العائم والقضايا الأخرى تحدث البعض منهم عن موضوع المساعدات الإنسانية التي جرى تحميل اعاقة وصولها للمستفيدين حكومة صنعاء مع أنه لم يحصل أي حادث أو منع لإيصال هذه المساعدات، وإن حدثت فهي حوادث فردية وسرعان ما يتم تلافيها.. بل على العكس لم نسمع في جلسات مجلس الأمن السابقة المخصصة حول اليمن أي حديث حول ما تعرضت له قوافل المساعدات في بعض المناطق التي يسمونها محررةً، إضافة إلى ما تعرضت له أطقم الصليب الأحمر من تهديدات واستهدافات وصلت إلى قتل أحد العاملين في منطقة الضباب بمدينة تعز، ناهيك عن الاستهدافات المباشرة للمستشفيات الميدانية لأطباء بلا حدود بقصف طيران العدوان في تعز وحرض وصعدة وغيرها، وكل هذا لم يكن محل اهتمام لا المبعوث الأممي ولا المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ولا أعضاء مجلس الأمن الدائمين والمؤقتين.
الحديث يطول عن ازدواجية المعايير والتواطؤ المفضوح للمبعوث الأممي وأعضاء مجلس الأمن، وسبق أن كتبنا وأشرنا إلى تلك الازدواجية أكثر من مرة. 
أخيراً، ما نريد لفت الانتباه إليه أن هذه الإحاطات لم تتحدث عن الانتهاكات التي جرت وتجري في المحافظات الجنوبية المحتلة وتعز من قبل قيادات تحالف العدوان، مع أن السجون والتعذيب والمصير المجهول لمن يتعرضون للاختطافات جرائم ضد الإنسانية، ومع ذلك لا يتم التنويه أو الإشارة إليها.
وهكذا تكون الأمم المتحدة ومبعوثها وأعضاء مجلس أمنها جزءاً من العدوان، وينبغي على الطرف الوطني أن يقف بجدية أمام هذا النهج العدائي للمنظمة الدولية.

أترك تعليقاً

التعليقات