البومة لن تكون حمامة سلام!!
 

راسل القرشي

راسل القرشي / لا ميديا -

من يشاهد السفيرين الأمريكي والبريطاني لدى اليمن، في اللقطات التليفزيونية، يشاهد مصاصي دماء، دراكولات حقيقية، فما بالنا إذا سمعنا مقابله تليفزيونية شاملة لأحدهما وهو يتحدث ببرود إنجليزي وخبث استعماري؟! حينها سندرك أننا لسنا أمام دبلوماسي في القرن الواحد والعشرين، إنما أمام أحد موظفي واجهة الاستعمار البريطاني بالقرنين الـ18 والـ19، شركة الهند الشرقية.
قناة "الجزيرة" كعهدها استضافت، ليلة الأربعاء الماضي، لما يقارب الساعة، السفير البريطاني مايكل آرون، في برنامج "بلا حدود". ونحن نعرف ما الذي تريده "الجزيرة" وإلى ماذا تهدف، ولكن المشاهد البسيط تتجسد أمامه البراءة وحب السلام ووقف العدوان على اليمن وإدانة ضرب المباني المدنية، حتى ليبدو وكأن هذا السفير "الدراكولا" ملاك!!
ولفهم هذا الخبث البريطاني علينا إعادة قراءة التاريخ الاستعماري لبريطانيا العظمى. والاستخلاص الأهم من كل هذا اللقاء يبرز السؤال: ماذا يريد البريطانيون من اليمن؟!
بريطانيا منذ ثلاثينيات القرن الماضي خططت لتحويل عدن إلى مستعمرة طويلة الأمد، وتكون بديلة عن هونج كونج، ويكون خليج عدن ومضيق باب المندب والساحل اليمني على البحرين العربي والأحمر تحت سيطرتها الكاملة.
وفي هذا السياق كانت معاهدات الحماية مع المشيخات والإمارات والسلطنات من أجل هذه الغاية، لتشهد عدن ازدهاراً غير مسبوق من بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. لكن من مساوئ بريطانيا أن هذه الخطط والتوجهات جاءت في زمن حركة التحرر العالمية من الاستعمار، ولم تخرج بريطانيا من اليمن إلا بعد كفاح طويل مدني ثم مسلح، وكان ذلك امتداداً لحركة التحرر العربية والعالمية.
انتصرت ثورة الـ14 من أكتوبر اليمنية وأسقط العلم البريطاني من السارية ليرفع علم اليمن. غادرت وهي تحلم بالعودة، مطمئنة إلى ما تركته من عملاء داخل سلطة ما بعد الـ30 من نوفمبر 1967، ولفهم الصراعات التي شهدتها عدن قبل الوحدة اليمنية ينبغي البحث عن المال السعودي والتخطيط البريطاني.
اليوم لا تريد بريطانيا تشطير اليمن فحسب، بل تشظية اليمن وإنهاك الجميع في صراع لا ينتهي بين كانتونات، وجعلت واجهتها في هذه الحرب العدوانية القذرة النظام السعودي. 
بريطانيا، بسفيرها لدى اليمن وحكومتها، لا تريد أي سلام يتحقق في اليمن. ومواقفها من قضية إيقاف مبيعات الأسلحة لدول العدوان وفي مقدمتها النظام السعودي واضحة ولا تحتاج إلى شرح وتوضيح.
لهذا ظهر السفير البريطاني في لقائه المذكور يؤدي دور راعي السلام، رغم أنه لا يريد هذا السلام، ومساعيه ليست سوى ظاهرة صوتية، وسبق أن فضح نفسه كما فضحت حكومته نفسها مراراً طيلة السنوات الماضية من عمر العدوان.
فلا تنتظروا من هؤلاء أي سعي لإيقاف العدوان، أو حتى تقريب وجهات النظر بين الفرقاء والخصوم وتحقيق السلام. ويبقى السؤال هنا: هل يمكن أن تكون البومة حمامة سلام؟! فقد فشل السفير البريطاني في أن يكون كذلك!!

أترك تعليقاً

التعليقات