حتى لا نقع في شِرك قضية «الإويجور»
 

راسل القرشي

راسل القرشي / #لا_ميديا -

لا أدري إلى متى ستظل العاطفة تتحكم بنا كشعوب مسلمة، وتدفعنا للسقوط في مهاوي الأخبار الكاذبة عن بعض القضايا التي يروج لها أصحاب المصالح مع بعض الدول الغربية، والتماهي وراء ما يروجون له من أخبار "كاذبة" تستهدف هذا البلد أو ذاك؟!
ومن هذه القضايا قضية الإويجور في الصين التي بدأت بترويجها الولايات المتحدة الأمريكية عبر اتهام الصين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان بحق المسلمين في الإويجور، ومن ثم تركيا التي تسبّح بحمدها ليلاً ونهاراً.
الولايات المتحدة أرادت من وراء اتهام الصين بهذه التخريجات استغلال قضية التمرد الانفصالي في الإويجور للنيل من الصين تجاريا واقتصادياً، كما فعلت سابقا في قضية التبت وحركة الدلاي لاما الزعيم الروحي للتبت، وكانت هذه القضية أحد أسباب التوتر في العلاقات الصينية الأمريكية.
الصين تعد حاليا الدولة الأولى اقتصاديا في العالم، وهذا الأمر أقلق الولايات المتحدة وحلفاءها كثيراً، ما دفعها لاستغلال بعض القوميات المتواجدة في الصين وتحريضها على إثارة القلاقل والفوضى تحت عناوين النزعات الانفصالية التي تهدد بتمزيق جغرافية الدولة.
الإعلامي المصري أحمد السيد النجار، وبعد أن قام في ديسمبر الماضي بزيارة إلى الصين لمعرفة حقيقة ما يحدث في الإويجور، كتب قائلاً: "تعد الصين من أكثر الدول التي تضم قوميات، إذ فيها 56 قومية، منها عدد من القوميات غالبيتها من المسلمين.. ولا يوجد أي تمييز قائم على الأصل العرقي أو الديني، فالدين شأن خاص لا علاقة للدولة في الصين به..".
وأضاف النجار أن إقليم سنكيانج لا يسكنه الإويجور وحدهم، فثلث سكان الإقليم من قوميات أخرى، وفي هذا الإقليم هناك حركة انفصالية عنيفة صنفتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة نفسها منذ عام 2002 كحركة إرهابية (الحزب الإسلامي التركستاني)، وتنفذ الكثير من أعمال العنف والإرهاب ضد الدولة والشعب، وهي تتكون من الإويجور، وتعطي لحركتها الانفصالية بعدا دينيا إسلاميا كآلية للحشد ولتعبئة التأييد من الدول التي توجد بها أغلبيات إسلامية ومن الدول المعادية للصين والتي ترغب في عرقلة التقدم الصيني الكاسح عالميا على جبهة الاقتصاد.
ما قاله النجار كفيل بمعرفة حقيقة ما يحدث في الصين، وينبغي على المتحمسين والمنساقين وراء ما يقوله أردوغان وإعلامه ألا يكونوا مسيّرين أو مخدوعين بمثل تلك الأخبار المعروف هدفها وغايتها ولمصلحة من تصب.. ويجب أن يعرفوا حقيقة ما يحدث وأسبابه ودوافعه.
وتابع النجار: "منطقة سنكيانج هي بوابة الصين إلى آسيا الوسطى، كما أن تلك المنطقة هي ممر طريق الحرير الجديد الذي يشكل البنية الأساسية الرئيسية لربط الصين بدول آسيا الوسطى لتسهيل التجارة السلعية والخدمة بين الطرفين في إطار مبادرة "الحزام والطريق" التي تهدف لتكثيف العلاقات الاقتصادية الصينية مع دول وسط آسيا وصولا لجنوب وغرب آسيا والمنطقة العربية وأوروبا.. وهذه المبادرة أثارت استياء واشنطن، ولم تجد واشنطن موضوعا أكثر إثارة لعرقلة التقدم في إنجاز طريق الحرير الجديد، من قضية مسلمي الإويجور".
وبالتالي فإن مسألة "الإويجور" يجري استغلالها بشكل سياسي واقتصادي لعرقلة الصين وتعويق مبادرتها "الحزام والطريق" التي تطرح تصورا للنظام الاقتصادي الدولي القائم على التراضي والتوافق والتعاون السلمي، مقابل نموذج الاستحواذ والهيمنة وآليات الضغط والعقوبات والإجبار الأمريكية.
كما أن علينا أن نتذكر أن الصين دولة صديقة حقيقية، وصوتها في الأمم المتحدة ومجلس الأمن كان دائما مع الحقوق العربية، ولم تصوت مرة واحدة ضد تلك الحقوق، وبالمقابل فإن الولايات المتحدة كانت ومازالت وعلى طول الخط معادية للحقوق العربية والفلسطينية.
وهنا أؤكد أن مشكلتنا كشعوب عربية أننا لا نكلف أنفسنا البحث عن حقيقة ما يحدث هنا أو هناك.. وكل ما نقوم به هو التفاعل مع تخريجات مطابخ إعلام دول الهيمنة والاستكبار، وتصديق ذلك دون أي تحرٍّ، ومن ثم الترويج لما يقال بجهل وتجهيل لا حدود لهما..!
لذلك يجب معرفة الحقيقة قبل الانسياق للترويج للشائعات التي تصنعها وتهندسها مطابخ الدول الكبرى من أجل مصالحها، وليس من أجل الانتصار لهذه القومية أو ذاك الشعب.. ولكم في ما يحدث في اليمن خير دليل.. فهل السعودية والإمارات ومن يوجههما يعملون في اليمن من أجل عيون من يسمونها الشرعية، أو من أجل الديمقراطية التي قالوا إنهم جاؤوا لنقلها إلى اليمن!

أترك تعليقاً

التعليقات