رئيس التحرير - صلاح الدكاك

صلاح الدكاك / #لا_ميديا -

 إن السؤال في الراهن ليس: أين سنضرب؟ ومن سيضرب؟ 
فالأهداف المعادية من الوفرة بحيث تجعل من السؤال الذي يتحتم أن يُطرح: كيف سيتصرف العالم المنافق والمذعن للهيمنة الأمريكية إزاء الكلفة الباهظة التي تجرها عليه البلطجة الإمبريالية بذنب إذعانه ونفاقه؟
كنا سنتحسر ونقضي ندامةً لو أن اغتيال سليماني والمهندس وقبلهما الرئيس الصماد جرى ونحن نجلس القرفصاء على هامش الصراع، لكن رجال الله اليوم يلبدون بأقدامهم سماء ميادين الجهاد والكفاح والنضال بالغبار من «مران صعدة إلى معرة النعمان ومن الدريهمي إلى الموصل والبوكمال ومن وادي آل أبوجبارة إلى وادي الحجير ومثلث شبعا في جنوب لبنان»، والأيادي موصولة بالبنادق والأصابع على الزناد ولوحات مكابس الصواريخ والمُسَيّرات الجوية والبحرية... وهنا تحديداً، ومن هذا السياق الجيوسياسي، تتبدى حماقة المقامرة الصهيوأمريكية باغتيال سليماني والمهندس، وسخف ووهن حسابات مركز الإمبريالية التي راهنت بضربة الحظ الجبانة هذه على رصيد نسبي يعيد لها هيبتها المترنحة والآفلة في قلب الشرق، ويكبح جماح التصدعات الداخلية للبيت الأبيض، ويحقن المخاوف الوجودية المتنامية للكيان الصهيوني بدءاً مسكنات قوية بأمل تصفير عداد المتغيرات العاصفة في المنطقة بنقيض مشتهى هذه الغدة السرطانية المستزرعة في قلب الشرق.
هل هو خيار شمشون إذن؟ وقد لجأت إليه الولايات المتحدة كخيار انتحاري تدرك تداعياته على نفسها أولاً وعلى عموم المنطقة والعالم ثانياً!
لكن أمريكا لا تملك اليوم ذراع شمشون، ولا القوة الكافية لهدم المعبد على رأسها ورؤوس أعدائها بالسواء، فثمة محور مقاومة يحوز في الراهن على إمكانات ضمان أمن المنطقة بقدر مكافئ لإمكانات تهديد العدو الصهيوأمريكي في مفاصل تفوقه الوجودي الواقعة قيد قرار من دول محور المقاومة المديد دون الذهاب لرد يهدم المعبد كلياً، بل يكرس توازنات القوة الجديدة المتنامية بالنقيض للهيمنة الأمريكية المطلقة، فواشنطن لم تؤذ إيران بانتهاج سياسة مافوية إجرامية عُصابية عصاباتية في الاشتباك مع الخصوم، فالصين تستشعر عالياً ريوع الأذى التي يمكن أن تنالها من سياسة بلطجية كهذه، وهذا يجعل بون علاقتها شرقاً بإيران ومحور المقاومة يتقلص أكثر لجهة التمحور حول المخاوف المشتركة كناظم لا غنى عنه لضمان مصالح مشتركة آمنة ومستدامة في المنطقة وكبح البلطجة الدولية الأمريكية.
لسنا اليوم على شفا اشتباك عسكري مباشر مع العدو الصهيوأمريكي، فالاشتباك بات مباشراً منذ بدء العدوان الكوني على اليمن وتداعياته التي برهنت قيادتنا الثورية والسياسية خلالها على امتلاك حزمة خيارات تصعيد بلغت في ذروتها المتوسطة حد تقويض كعبة الاقتصاد العالمي وقلب دورته النفطية (أرامكو)، وهي خيارات دفاعية محضة تستهدف أولاً وأخيراً ردع العدوان الكوني عن شعبنا وترابنا وثرواتنا الوطنية، والإقرار بحقنا في السيادة الناجزة والحرية والاستقلال على أرضنا، غير أنها بالنتيجة خيارات هجومية من حيث نطاق تأثيرها الواسع ومداءاتها النارية، ومن حيث بُعدها الأيديولوجي العقائدي الذي يرى في الكيان الصهيوني العدو الأول للأمة، ويناهض الهيمنة الأمريكية ووصاية وكلائها في المنطقة، الأمر الذي يجعل التمحور إقليمياً مع إيران وسوريا وعراق ولبنان المقاومة تحصيل حاصل للتمحور الأيديولوجي العربي الإسلامي والإنساني حول ثوابت العداء للصهيوأمريكية ومركزية القضية الفلسطينية والتوجه الإنساني التحرري المشروع والمنفتح على تمحورات دولية أوسع مع شعوب وبلدان كفنزويللا وكوبا وكوريا الشمالية بناظم من ذات التوجه التحرري ومواجهة ذات المخاطر والتهديدات العاصفة من تلقاء الإمبريالية الأمريكية.
هذه هي حقائق الصراع المتخلقة اليوم، والتي لا تروق لأمريكا والكيان الصهيوني وعربانهما من دول الخليج والمنطقة، وكما لم يفلح اغتيال الرئيس الشهيد صالح الصماد في كسر إرادة الصمود والمواجهة لدى شعبنا، بل أمدها بوقود استمرار مضاعف، وأجج من اتقاد روح تضحيته وبذله وفدائيته على طريق الاستشهاد في سبيل حياة كريمة وجديرة بالدم المسفوح على مذبح تحقيقها، كذلك فإن ريوع وارتدادات الحصيلة المضادة لحسابات قتلة سليماني والمهندس هي نتاج مؤكد وحصاد مرير حتمي ستبوء به أمريكا ووكلاؤها وأدواتها العبرية والعربية من جريمة اغتيال الشهيدين.
 إن السؤال في الراهن ليس: أين سنضرب؟ ومن سيضرب؟ فالأهداف المعادية من الوفرة بحيث تجعل من السؤال الذي يتحتم أن يُطرح: كيف سيتصرف العالم المنافق والمذعن للهيمنة الأمريكية إزاء الكلفة الباهظة التي تجرها عليه البلطجة الإمبريالية بذنب إذعانه ونفاقه؟
إنه سؤال القرن الراهن الذي سيفرز توازناته الجديدة سلباً وإيجاباً على مستوى صراع أزلي تكون فيه الشعوب والأمم أو لا تكون... ويكون فيه العالم مستقراً آدمياً للبشرية أو حظيرة مملوكة لليانكي والكاو بوي الأمريكي يسوق كائناته بالعصا والمهماز ويدخن سجائر المارلبورو من حشيشة أرواحها ويطفئ عقبها في منافض مصنوعة من جماجم آدميتها الخانعة بلا حراك ولا مقاومة.

أترك تعليقاً

التعليقات