رئيس التحرير - صلاح الدكاك

صلاح الدكاك / لا ميديا -

إن كان لا بد من استقبال هذا الثعلب البريطاني الأممي مارتن غريفيتث، فاستقبلوه في الهواء غير الطلق لمسرح مجزرة أربابه بحق تلميذات وأهالي سعوان.. صافحوه بــ"جوانتيات" المسعفين والأطباء والممرضين المنقوعة بنجيع وأشلاء فلذات أكبادنا الطازجة... مُدُّوا له بساطاً من قماش حقائب الـ"يونيسف" المدرسية الزرقاء المصبوغة بأحمر مهج أطفال ضحيان الخضر التي سفحها غولُ الصناعات الحربية الأمريكية والأوروبية والروسية والصينية الراعية لـ"السلام"، على مرأى من عينيه المنافقتين، فلم يطرف له رمش..! 
إن كان لا بد من أن تتبادلوا الأحاديث مع هذا الزومبي المقيت، فتبادلوها على خشبة مجازر أربابه في "سعوان، وسنبان، وضحيان، ومستبأ، والحوك"، لا في غرف الدبلوماسية المكيفة، وفوق بقايا كراسي وطاولات شهيدات مدرسة "الشهيد الراعي"، لا فوق مقاعد وحشايا الخارجية الوثيرة المنجورة من الخشب الكريم والمنتفخة بريش الطواويس والنعام... ولتكن منفضة سجائره جمجمة غازٍ من مواطنيه التسعة البريطانيين الذين نفقوا على أيدي رجالنا في حدود مملكة داعش، وليكن كأس شرابه حذاء الطفلة الشهيدة "إشراق المعافى"، مترعاً بحشوات بقايا قنابل "مانشيستر" العنقودية المبثوثة في كل شبر من تراب أرضنا المكلومة الصابرة على نفاق العالم.
مقابل كل رحلة طيران أممية "إنسانية" تحمل الإسبرين التالف إلى صنعاء، ألف غارة لـ"الإف 16، والدرون الأمريكية والصينية"، تحمل الموت بالجملة، وتوزعه بعدالة مفرطة بامتداد الأرض اليمنية، وعلى أسقف الأكواخ والمشافي والمصانع والمدارس. ومقابل كل خطوة يخطوها هذا الزومبي نحو "سلامه المزعوم"، ألف قتيل وجريح من أبناء شعبنا تنثر طائرات وبوارج تحالف المسوخ أشلاءهم قرباناً على طريق "مشاورات الحل السياسي" الموعود... ومقابل كل حقيبة مدرسية زرقاء تهديها الـ"يونيسف" لأطفالنا، ألف قنبلة ذكية فسفورية وعنقودية وفراغية تتخم بها عواصم وحكومات العالم الحر، كرش ترسانة العدوان الحربية، وتتملق بها احتكارات القتل المعولم شهوة مشيخات البترودولار وشيكاتها البيضاء الموقعة سلفاً والمفتوحة على عدَّاد شبق السوق.. ومقابل كل "ساعة عدوان"، على شعبنا ألف رُزمة دولارات وازنة تدفئ جيب جاكتة مارتن غريفيتث وجيوب سكرتيراته الحسناوات وكتيبة موظفيه الأمميين؛ فما حاجته لسلام يكبح أرقام حساباته البنكية؟! ولماذا قد يأبه لمرضانا ومشردينا وموتنا ووجعنا ودمنا المسفوك وجوعنا وحصارنا ودموع نسائنا وأطفالنا وبؤس عمالنا وعوز موظفينا واحتضار جرحانا على عتبات المنافذ والمطارات والموانئ المختومة بشمع القرصنة الغربية والتواطؤ الأممي؟!
إن كان لا بد من أن نشرع مطارنا المغلق أمام هذا الزائر ثقيل الظل، فليكن مضافه ومقر إقامته طواريد المشافي المكتظة بمرضى الكوليرا والدفتيريا وإنفلونزا الخنازير والفشل الكلوي، وضحايا غارات تحالف العدوان الجوية والبحرية، وثلاجات الجثامين التي تحولت إلى أفران بانتظار الإفراج عن سفن المشتقات النفطية العالقة بين مخالب التحالف ورباط عنق المبعوث الأممي!
فليتحاور غريفيتث مع أمهات تلميذات وتلاميذ "سعوان وضحيان" الثكالى.. مع الأطفال ذوي الأطراف المبتورة الواقفين في طوابير طويلة منذ أشهر على بوابة ورشة الأطراف الصناعية الوحيدة في العاصمة!
فليتحاور مع "بثينة وسميح" وصيادي "محوات الحديدة" وبدو "حيران" الرُّحَّل، ونساء "بني حسن" النازحات، ومئات الآلاف ممن أجهز تحالف العدوان على قراهم وذويهم وأملاكهم ووسائل عيشهم ومواشيهم وشباك وقوارب صيدهم وحوانيتهم وأمنهم وأمانيهم وحاضرهم وماضيهم!
فليتحاور "غريفيتث" وأربابه الأمميون والدوليون مع هؤلاء المكلومين المعذبين بعدوان العالم ونفاقه، أما قيادتنا ورجال جيشنا ولجاننا، فمشغولون منذ اليوم بحوار آخر.. حوار ناجع وحاسم، جولاته مفتوحة على هلاك الطواغيت والقتلة، وطرفاه ولاعاتنا وبنادقنا ومسيَّراتنا وصواريخنا من جهة، وبحيرات النفط وموانئ ومطارات وقصور ومضاجع ملوك البترودولار من جهة مقابلة... ولا غالب إلَّا الله!

أترك تعليقاً

التعليقات