رئيس التحرير - صلاح الدكاك

صلاح الدكاك / لا ميديا -
لم يعد شعبنا الشريف في ريب من صوابية خيار الوقوف بوجه العدوان ومواجهته، ولم يكن في ريب منها عشية دشَّن تحالف العدوان الأمريكي الكوني عاصفة مذابحه بأشلاء أسرة كاملة في بني حوات بصنعاء، لكن هذا الوثوق بصوابية خيار المواجهة بعد سبعة أعوام مثخنة بالآلام والأشلاء وجراحات التجويع والحصار والحرب الاقتصادية، بات عُرضة لاحتمالات أن يرتد في نحر الصبر، وتنقلب نِصال وأظافر السخط من الجلاد في صدور ضحاياه وظهور أبناء الأرض المرابطين على حدودها ذوداً عن كرامتها واستقلالها وشرف شعبها وعظمة تاريخها.
هذا ما يود العدو ويستميت في أن يحصل ويعتقد أن الظروف باتت مواتية لحصوله: أن ينكفئ الشعب في مواجهة الشعب تحت وطأة الوجع والمعاناة.. وهذا ما يعيد سيد الثورة والجهاد تحذير فرائس اليأس من النكوص في درك باطله، معتمداً في هذا التحذير على تظهير مشهد البدايات السافرة للعدوان بصورة مفصلة، ومن زاوية وجهة الآلة العسكرية والحربية العدوانية، لا من زاوية صوابية قرار مواجهتها المفروغ منه.
يسرد سيد الثورة والجهاد تفصيلاً سلسلة من مجازر العدوان الأولى بحق شعبنا وطبيعة ضحاياها وشهدائها من أطفال ونساء وعمال ومدنيين بالعموم، ثم يستعرض بشاعة الحصار والحرب الاقتصادية وتبعاتها الثقيلة على شعبنا بلا استثناء، وينطلق من هذه الصور المركزة والواضحة ليحذر من أحابيل العدو التي يسعى من خلالها ليجعل من حربه وبشاعة رصيده في الذاكرة الجمعية، رصيداً مضاداً في وجه المدافعين عن عموم أرضنا وشعبنا باعتبارهم المسؤولين عن استمرار جرائم العدوان العسكرية والاقتصادية بحق الشعب، وأنهم العائق أمام حلول السلام في اليمن لرفضهم الاستسلام والخنوع أمام آلة عدوانه والامتثال لأصفاد غاياته القذرة.
وبلهجة مباشرة يحذر القائد أبو جبريل من مغبة الانحراف ببوصلة الاتهام نحو الجيش واللجان والقيادة السياسية في صنعاء والحكومة.
إن تضحيات رجال الرجال في جبهات المواجهة والتطوير والتصنيع الحربي جلية ومشهودة، وهي موضع إقرار الجميع وعرفان الشرفاء والأحرار، وليس بإمكان أحد نكرانها غير أن قصور الجانب الحكومي لا يجب أن يكون بوابة مُشرَّعة يعبرها العدو إلى النيل من فدائية وعرق ودماء رجال الرجال.
وفي هذا السياق، فإن سيد الثورة والجهاد يضبط البوصلة بناظم الجعل من التحديات فُرصاً للنهوض وتلافي القصور والتجاوزات، وبذلك يدفع أبو جبريل بعجلة المواجهة -التي يعمل العدو على نكوصها وراءً- إلى طور متقدم من أطوار المواجهة باعتبارها سبيل الخلاص الوحيد والحتمي ذي الكلفة الكبيرة والأقل بكثير من كلفة التخلي عن المقاومة والجنوح للاستسلام.
حديث يخاطب به السيد القائد شعبه ويستحث به جهود الراكنين إلى هجعة الكراسي الحكومية، واعداً بالمضي في تقويم الاعوجاج وإصلاح مسار العمل في مؤسسات الدولة.
إن السيد القائد لا يُعفي الحكومة هنا من واجباتها المفروضة عليها تجاه الشعب من خلال العمل الجاد بالسقف الأعلى الممكن للحد من تبعات العدوان والحصار على شعبنا وتسيير شؤونه على النحو الذي يتضافر مع بطولات رجال الرجال المشهودة لجهة صناعة مشهدية النصر اليماني الكاملة في مختلف نواحي المواجهة، دون اتكاء سلبي متطامن على العمود الفقري لحفاة يسندون سماء الوطن بكواهلهم دون شكوى أو سأم أو ركون إلى أحد سوى الله ووعده النافذ بالنصر.
إن اليد التي يفترض أن تبني ينبغي أن تكون بعظمة وإيثار اليد التي تحمي وتذود في معادلة النصر المنشود، وقائد الثورة لا يقف في سياق خطابه مع أحد ضد أحد ضمن سفينة المواجهة بل يعيد رص الصفوف ويستحث الجهود مستشرفاً التحديات وثمار الصبر المقرون بالحركة والعمل التي ينبغي أن يتشاطر الجميع شعباً وحكومة مُرَّها وحلوها بمنأى عن النكوص وتحريف بوصلة الوجهة الكلية الصائبة التي تشير إلى العدو الحقيقي، والانكفاء إلى لعبة تدمير الذات والتآكل الداخلي لقوى المواجهة مع العدوان.
يرسل سيد الثورة والجهاد في محور حديثه الموجه إلى العدو رسائل غير بعيدة عن مسار هذا التصويب الداخلي، فيعيد تحذير دول تحالف العدوان والحصار من فداحة استمرارها في الرهان على يأس الشعب واستسلامه، وهي فداحة باتت هذه الدول تعيش قسوة فصولها منذ الآن ومع التطور المتنامي لقدرات الرد والردع اليمنية، بحيث أصبح اصطياد الأهداف المعادية براً وبحراً وفي عمق العدو ميسوراً من أي نقطة في جغرافيا السيادة بامتدادها، وعليه فإن من العبث أن يعتقد العدو أو يُروّج لأكاذيب استخدام المنشآت المدنية في اليمن كمنصات جوصاروخية، ليس –فقط- دحضاً لتلك الأكاذيب، بل وتأكيد لحقيقة أنها لن تدفع عن العدو مراوح الأعاصير التي تهب عليه من كل صوب ومن حيث لا يحتسب.
قادمون -إذن- ككل عام، في عام أكثر لحمةً وتماسكاً وطنياً شعبياً وأكثر ضراوةً عسكرية وحربية في مواجهة العدوان بمنظومات جوصاروخية وبحرية لا تمر ثانية دون أن تتطور زمناً في منحنى ردع واقتدار صاعد وقلب حاضنة شعبية صامدة عصية على عواصف الأحابيل.
قادمون في عام ثامن بثوابتنا المبدئية الراسخة تجاه قضايا شعبنا وأمتنا، لا نبدل تبديلا.
قادمون.. لا نلتفت إلى الوراء لنحصي كم شوطاً قطعنا في درب الحرية والاستقلال ولا نستثقل طول الدرب مهما امتد.
يمتد الدرب فنمتد ويتطاول فتشرئب أعناقنا ونشرِّع أهدابنا في مداه مستشرفين كينونة لائقة بنا لا مرفأ للهجوع ولا قيلولة محارب.
إن سقف صبرنا القيامة والحشر ونحن نفخة روح الكينونة وصور البعث وقيامة كل طاغوت ومستكبر.
الخلود لشهدائنا.. الشفاء لجرحانا.. الحرية والاستقلال لشعبنا الصامد المجاهد.

أترك تعليقاً

التعليقات