رئيس التحرير - صلاح الدكاك

صلاح الدكاك / لا ميديا -
حين توجهنا بالسؤال لعميد كلية الإعلام عن خلفيات اتخاذ الجامعة قرارها الجائر وغير المسبوق بفرض موضوعات إجبارية ملزمة لطلبة السنة النهائية صحافة وإعلام في مشاريع تخرجهم,  كنا نعتقد أن المسؤول معني بحكم موقعه بإدارة كلية للإعلام، والرد على سؤال هو في صلب عمله بوصفه عميداً لها، لكننا تفاجأنا بأن تخصص الدكتور عمر داعر هو "التصنيع الحربي وتقنية صواريخ وطائرات درون"، وأن أي أسئلة تتعلق بمشكلات طلبة الكلية تنقلها الصحيفة إليه هي خارج تخصصه ومجرد "بعاسس" -طبقاً لرده المسجل على سؤالنا..
القرار الأخرق واللئيم الذي اتخذته قيادة الجامعة يحوِّل مشاريع التخرج إلى ريبورتاجات تجارية مبتذلة غير مدفوعة الثمن، تخصف على سوآت الجامعة من ورق التوت، كما ويحول طلبة الصحافة والإعلام إلى جوقات من حملة المباخر وماسحي الأجواخ الحكومية المنتنة... إنها عملية خِصاء مبكر لجيل من الصحفيين والإعلاميين الذين يفترض أن يكونوا قادة رأي عام وسلطة رابعة رقابية تتمتع بحرية النبش والتنقيب والتمحيص في كواليس العمل الحكومي بما يكفل ردع الاختلالات والانحرافات ونزعات الفساد، وضمان أن يصب مجمل العمل الحكومي في مصلحة الشعب والمصلحة العامة للبلد... سلطة رابعة تراقب الحكومة ومجمل المؤسسات العامة والخاصة، بناظم وطني قوامه الحرص على ضمان مستوى عالٍ من الأداء والفاعلية ونظافة اليد الرسمية، في خدمة هذا الشعب الصامد الصابر المجاهد، لا جوقة من البهلوانات والمهرجين في بلاط "صاحب الجلالة"، يغسلون الأيدي الوسخة بمداد الكلمة ويحولون عدسات الكاميرا من كواليس الفساد ليصوبوها على تورتة "إنجازات" الفاسدين ومراسيم وضع حجر الأساس وقص الأشرطة، مركزين على الأيدي الملتهبة بالتصفيق لـ"بُناة نهضة اليمن الجديد" اجتراراً لعقود ما قبل الثورة ورقصاً على ذات الحبال المبتذلة وصخب النحنحات والشعارات المخصوفة على عورات الحكم!
قال داعر "اكبروا على هذه البعاسس"، وطلب إلينا بمنخار الاستعلاء الفاضح أن نسأل جنابه عن "فلسطين والعمليات الصاروخية اليمنية".. هكذا تتحول اليوم القضية المركزية الكبرى مغتسلاً ومتطهراً لحكومة مزرية، وستارة سميكة يغزلها معظم المزريين -بحسب وصف السيد القائد لهم- بدموع التماسيح والزعيق الأجوف على منابر المليونيات الشعبية والفعاليات والأنشطة الموجهة لإسناد غزة وفلسطين، ليواربوا خلفها غسيلهم المزري!
لفلسطين رجالها يا داعر، ولو كانت تعنيك لاتخذ قرار الجامعة منحى آخر ووجه مشاريع الطلبة لتظهير وتوثيق تاريخ الكفاح الفلسطيني ومراحل الصراع العربي -الصهيوني، والمواقف المشرفة لأحرار الأمة إزاء فلسطين بامتداد مسار الصراع، كما وتعرية المنبطحين لكيان العدو الصهيوني وخونة القضية و"المطبعين" القدامى والجدد.
ولكن قيادة جامعة صنعاء تغرد في وادٍ بعيد عن فلسطين، وقرارها التعسفي غير المسبوق بفرض مشاريع تخرج تلميعية لكلياتها و"إنجازاتها" هو قُدسُها الأكبر وحرمها "الشريف" مجازاً.
إننا كبيرون يا داعر ونعرف كيف نترجم مقولة الشهيد العظيم صالح الصماد "يد تحمي ويد تبني"، ونعرف كيف نحمي ظهور رجال الرجال من خناجر المكر الحكومي وغير الحكومي وألغام الفساد التي يفخخ بها المزريون الحواضن الشعبية لجبهات العزة والشرف بغية نسف بطولات رجال الرجال وتمزيق اللُّحمة الشعبية حولهم..
إننا كبيرون يا داعر، وليتكم عملتم بما تنصحوننا به فكبرتم وجعلتم فلسطين محوراً لمشاريع التخرج، لا كلياتكم التي تصبح يوماً فيوماً سوقاً خاصة للتعليم باهظ الكلفة على جيل الثورة المثخن بالعدوان والحصار والتجويع وحكومة مزرية.

أترك تعليقاً

التعليقات