رئيس التحرير - صلاح الدكاك

سبع سماوات فوق «الفصل السابع»

صلاح الدكاك / لا ميديا -
تبدو العلاقة عكسية بين رؤية الأحداث والموقف منها بالنسبة لقوى العمالة والخيانة والنفاق في المنعطف الراهن من الصراع في اليمن والمنطقة، فكلما ازدادت الأحداث وضوحاً وتمايزت ضفة الحق عن ضفة الباطل حد انتفاء اللبس كلياً، ازدادت تلك القوى بالمقابل عماءً وتمادياً في الانحياز للباطل حد المباهاة به.
كيمنيين أحرار فإن لمقولة "البصيرة البصيرة ثم الجهاد" في واقع مواجهتنا مع العدوان الكوني طاقةَ استمرارية قرآنية مشهودة لا تبلى، وبالبناء عليها بدأ وتصاعد خطاب سيد الثورة السيد القائد عبدالملك بدر الدين، في ذكرى استشهاد حليف القرآن الإمام زيد عليه السلام صاحب هذه المقولة النهج والعنوان الذي وسم سيرته حياةً واستشهاداً.
يستهل سيد الثورة أبو جبريل خطاب الذكرى الحية برصد أوجه الشبه بين المنعطف الزمني الأموي الذي شهد ثورة الإمام زيد، وبين المنعطف الزمني الراهن الذي نواجه فيه تحالف عدوان كوني هو امتداد لعسف وجبروت بني أمية... فتتجلى الهوة الزمنية بين المنعطفين التاريخيين مجسورة بالبصيرة موقفاً وموقفاً نقيضاً وحقاً وباطلاً بما يتيح لنا مشاهدة نظائرنا من مستضعفي وأعلام الحقبة السالفة والتواشج معهم كظهير حيوي حاضر فكراً ونهجاً في مواجهتنا الراهنة مع نظائر بني أمية من قوى الاستكبار الأمريكي البريطاني و"من يدور في فلكهم من المحسوبين على الأمة الإسلامية". 
هذا الجلاء البصري الذي تشهده ضفتا المواجهة اليوم من دون لبس، لا يستتبع -بالضرورة- زيادة في أعداد المنحازين لضفة الحق أو نقصاناً في أعداد المحاربين على ضفة الباطل، فالرؤية المهتدية هي من مقتضيات البصيرة لا البصر، و"إنها لا تعمى الأبصار وإنما تعمى القلوب التي في الصدور"، في حين أنه لا بصيرة ترتجى خارج قرآن الله الذي هو "بصائر للناس".
إن كثيرين ممن انحازوا لتحالف العدوان بالأمس أو "حايدوا" يقرون اليوم بكونه عدواناً واحتلالاً، لكن قليلين فقط انحازوا للضفة المقابلة له وبمواقف كلامية في الأغلب، فالعارف بالباطل تلزمه البصيرة ليهتدي للحق، ولا غرابة أن قلة فقط ممن انحازوا للعدوان كانوا ضحية لالتباس الرؤية، بينما كان ولايزال الكثيرون يدركون منذ البدء أنهم يخونون بلدهم وشعبهم ويقفون في صف عدو مبين لا التباس في عدائه لليمن وللأمتين العربية والإسلامية، ولم يمنعهم هذا اليقين من الانحياز إليه بدءاً، ولا من الاستمرار تحت لوائه مهما تساقطت عناوين عدوانه البراقة وأقنعته الأليفة متكشفة عن مشروع احتلال وملامح أمريكية صهيونية مقيتة حاقدة على كل أبناء الأمة وجرائمها مشهودة من اليمن للعراق لسورية للبحرين للبنان... وفلسطين المحتلة أولاً وأخيراً.  
يستهدف سيد الثورة السيد القائد أبو جبريل بخطاب البصيرة الزيدية القرآنية؛ جمهور المواجهة مع العدوان... أي الواقفين على ضفة الحق في المقام الأول، فيضعهم ويضعنا في ظلمة الليلة الأولى من العدوان على اليمن، ثم يضيء بالبصيرة القرآنية موجبات اتخاذ موقف مناهض له ومشروعية وصوابية قرار المواجهة "ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم... ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل". ومئات الشواهد القرآنية والبصائر الفاصلة في أمر عدوان مشهود بصراً وسافر الجرم إلى الحد الذي أقر ببشاعة جرائمه بحق شعبنا حتى مديره التنفيذي الأمريكي والأوروبي، وأدرجته مضطرة الأمم المتحدة -المتواطئة معه- في قوائم سوداء مراراً.
هكذا يعيد سيد الثورة بناء وصياغة صحيفة قرار المواجهة القائمة فعلاً وصوابية الموقف المناهض للعدوان ببصيرة لا غنى عنها لـ جهاد لا خيار غيره...
وبلغة حادة ساطعة ينقل سيد الثورة المواجهة من طور حرب الدفاع الوطني إلى طور حرب التحرير والجهاد الأممي... "سنحرر كامل بلدنا... لن يبقى هذا البلد تحت الاحتلال والوصاية.. لن يبقى تحت الفصل السابع ولا التاسع ولا أي فصل تكتبه أقلام الجائرين"...
وبالبصيرة ذاتها التي يشرق منها خطاب ذكرى الإمام زيد وعداً لأصحاب الحق بالنصر الحتمي ووعيداً لباطل العدوان بالهزيمة والخزي... يقرر سيد الثورة من واقع المواجهة موقع اليمن المنتصر القائم على "التكامل مع أحرار الأمة"، وهو قادمٌ قائم بالفعل ومنذ اللحظة... ومعراج جهادي أممي يستميت المدير التنفيذي الأمريكي ليعدمه عبر "دعوات سلام" هي استسلام جوهراً يهدف العدو من خلالها لضمان "عودة اليمن إلى حظيرة الطاعة الخليجية المملوكة له"، وبالأقل للحيلولة "دون أن تتموضع اليمن في قلب معادلة ثورية تحررية إقليمياً في علاقاتها بقضايا الأمة المركزية من خلال التعاضد مع أحرار الأمة".
يقول سيد الثورة بنبرة ثورية تحمل حرارة وسطوع نبرة الإمام زيد في منعطف المواجهة السالف: "والله لا يدعني كتاب الله أن أسكت..".
خطاب يمزق بقسوة ما تبقى من خيوط رهان عنكبوتية أمريكية صهيونية على استفراغ شروط الزمن اليمني المنتصر لجهة نهاية تسووية منقوعة بزعاف البداية العسكرية العدوانية وغطرسة إملاءاتها.
إن الحق اليمني المنتصر يملك زمامه اليوم، وبصيرته وحدها هي كشاف زمنه القادم الموصول بالله والمعبر عن مصلحة شعبنا وأمتنا. وأما زبد الخيانة فذهب جفاءً ولا سبيل لأربابه الأمريكان بأن يجمعوا خواءه عوضاً عن أن يحلموا بمكوثه في يمن البصيرة... يمن زيد الذي وفَّى وأبي جبريل القائم بالقسط السابق بالخيرات حيث كتاب الحرية مكتمل الفصول تاريخياً ولا سلطان لمقص الجبروت وسواطيره على قرآن الثورة.
البصيرة البصيرة ثم الجهاد.

أترك تعليقاً

التعليقات