خيَّلت (صمَّاداً) لَمَع
 

رئيس التحرير - صلاح الدكاك

لا يعول الشعب اليمني الصامد والصابر تحت قصف طائرات العدوان والحصار والتجويع، على (خطة ولد الشيخ ـ كيري)، فتعويله بالأساس ـ بعد الله ـ على سواعد أبطال الجيش واللجان الشعبية، و.. إيفاء المجلس السياسي الأعلى وعده بتشكيل حكومة إنقاذ وطني كالتزام قطعه على نفسه أمام بحر الجماهير التي سربلته رداء الشرعية في ملايينية السبعين المشهودة.
لا ذريعة تسوِّغ للمجلس الأعلى، اليوم، التسويف بشأن إعلان الحكومة، لا سيما وقد تكشَّفت تفاهمات مسقط (الأمريكية السعودية ـ اليمنية) عن فخ بذيء ومبتذل وقع فيه المفاوض الوطني، وعوضاً عن أن يتخذ (الضامن العماني)، موقفاً منحازاً لنهر الدم اليمني المسفوك على خلفية خدعة التحكيم تلك، لا تزال طائرات تحالف العدوان السعودي الأمريكي تمتهن لعبة القتل اليومي في اليمن، بدم بارد، ولا يزال وفدنا الوطني يوزع ابتسامات النفاق الديبلوماسي على سفراء الـ18 الرعاة في مسقط، كما لا يزال المجلس الأعلى بالتوازي يُدير رحى وعده بتشكيل حكومة، فنسمع جعجعة ولا نرى طحيناً.
مشكلة ساستنا في المجلس والوفد، تكمن في طيبتهم، فهم مستعدون لأن يقاتلوا حتى عشية القيامة، رفضاً لوصاية العدو، إلا أنهم آيلون تماماً ـ وبكل سذاجة ـ للوقوع في وصاية الصديق، والركون لحسن نواياه، حد التفريط في وعودهم لشعبهم خشية خسارة قفص الوصاية الإيجابية الدافئ، في كنف (مسقط).
ثمة من يحاول أن يتسلق دمنا باسم الصداقة والأخوة، لحوافز غير مبدئية، ليست الإنسانية ولا مظلومية قضيتنا بعضها، والأنكى أن ثمة من لا يرى ضيراً في ذلك بين ساستنا الوطنيين، وهكذا فإن من وضعهم الشعب نصب عينيه تعويلاً عليهم، يصوبون اليوم عيونهم تلقاء (عمان) أو تلقاء (الإمارات)، معوِّلين على سراب الأماني!
حتى اللحظة لم يقل أي من مكوِّني الاتفاق السياسي مثنى أو فرادى، إن تفاهمات مسقط انهارت، على الرغم من أنها كانت منذ البدء مولوداً بلا ساقين، وعدا جرأتها في تسمية أطراف الاشتباك العسكري الحقيقيين بمنأى عن اليافطات، لم تأتِ بجديد لجهة وقف العدوان ورفع الحصار كمتلازمة لا غنى عنها للشروع في مشاورات التسوية السياسية المفترضة!
أشبه بلاعب مركون في دكة الاحتياط طيلة موسم كامل، يبدو حال مجلسنا السياسي الأعلى اليوم، وسيبقى بلا قيمة ولا وزن ولا مسوِّغ لوجوده، ما لم ينجز حكومة الإنقاذ ويسلمها دفة إدارة مؤسسات البلد بغطاء برلماني؛ وإلا فإن من الأسلم إعادة دفة الإدارة لـ(الثورية العليا)، تلافياً لحالة الفُصام السياسي القائمة والمشينة اليوم!
في سياق غير بعيد عن تداعيات الركون لوصاية الصديق التي سجنت حركتنا السياسية العصامية قُدُماً في خانة المراوحة واللافعل، أعلن القائمون على حملة تبرعات دعم البنك المركزي، الأسبوع الفائت، انتهاء الحملة، واعدين بعقد مؤتمر صحفي يدلي من خلاله البريد العام بحجم المبالغ المتحصلة، ومن ثم يحيلها إلى حساب البنك؛ غير أن المؤتمر لم يعقد، واكتفى المعنيون به بتسريب معلومات وأرقام اعتباطية لمواقع إخبارية إلكترونية، حول حصيلة الحملة ومجرياتها.. الأمر الذي يراه مراقبون مؤشراً على الرضوخ لضغوط صديقة تربط الانفراج المالي بتسوية ذات سقف تنازلات أعلى، ويتعين كبح حالة الدفق الشعبي في صورة إنهاء حملة التبرعات دون الإجابة على السؤال: (وماذا بعد؟!)!
إن بوصلة المجابهة السياسية الوطنية لم تكن مضببة وغائمة كما هو حالها اليوم؛ على نحو بدا معه الرئيس صالح الصماد مثل (مخيِّل برقٍ) دعيٍّ، وهو يدلي بأكثر من تصريح لوسائل الإعلام حول أزوف موعد الإعلان عن الحكومة، ضارباً مواعيد تراوحت بين (خلال يومين، في غضون أسبوع، في الأسابيع القليلة القادمة).. ومن ثم لا مطر ولا زخة مطر، ولا اعتذار عن راعد الوعد!
لعل الأجدى لنا كإعلاميين يجدون أنفسهم مرغمين على نثر جراب الودع شروعاً في لعبة تخمين البخوت، أن ندير للجبهة الإعلامية ظهورنا، وننصرف تلقاء هيجاء ملاحم النار والبارود في (نجران وجيزان وعسير وكهبوب ونهم وصرواح)، حتى يأذن الله بالفتح أو أمرٍ من عنده!

أترك تعليقاً

التعليقات