رئيس التحرير - صلاح الدكاك

في الساعة الثانية عشرة من نهار يوم الاثنين طلبت إلى السيد عبدالله الدهمشي أن يسهم في الكتابة للعدد الثاني من صحيفة (لا)، وفي الساعة الثانية والنصف من ذات النهار وصلتني مقالة من صفحتين مدونة بخطه الجميل المعهود. 
بالطبع أنا مدين له بالشكر الجزيل على أسرع تلبية دعوة كتابة صحفية في تاريخ السلطة الرابعة، فقد وضعني زمن إجابته الوجيزة على طلبي موضع الملك سليمان، ووضعه موضع (الذي عنده علم من الكتاب) وهو يجلب للملك "عرش بلقيس" قبل أن يرتد إليه طَرْفُه.
الحقيقة أن مقالته المعنونة "الحوثي.. من حركة واعدة إلى سلطة فاسدة" حاذقة في شقلبة عناوين وأولويات الصراع في اللحظة الراهنة على نحو يتراجع معه العدوان الكوني والحصار الهمجي المفروض على شعبنا إلى أقاصي الهامش، يتقدم (الحوثي) ليحتل متن المشهد بوصفه خطر الأخطار وصانع الشرور التي أحاقت بالبلد والدولة والشعب جميعها. 
مقالة تتسربل الثورية لغةً وتنتهج (الدونكشوتية) مضموناً وفكراً، ففي الخلفية البعيدة والباهتة المسكوت عنها من المشهد الذي ترسمه، تبدو طائرات العدوان السعودي الأمريكي مجرد مجاميع نحل تمطر ترابنا عسلاً، في مقابل اللجان الثورية والشعبية التي تتعملق أنياباً ومخالب وقفير دبابير لتستحوذ على عسل السلطة. 
بالنسبة لجندي متذمِّر وكسول وجبان ويفتقر لحوافز الانخراط في ملحمة الدفاع عن الأرض، فإن مقالة (الدهمشي) هي فتوى مقدسة بجواز الانكفاء من نسق مجابهة الاحتلال الأجنبي المباشر، إلى الانهماك في مجابهة طواحين الهواء التي جلبت بكتيريا الاحتلال والغزو والعدوان....
يؤسفني أن أقول إنك لا تسبح في (نهر الدهمشي مرتين) ليس لأنه يتجدد باستمرار، بل لأنه يتعدد فيفقد ثبات جوهر مقارباته للصراع. 
إنه لا يرى في اليمن ما يراه في سوريا من مؤامرة إمبريالية تستهدف تقطيع اوصال شعبه وتقويض وجوده، وإذ يترحم على "الشهيد القذافي" فإنه يبارك سواطير قتلته التي تحصد عشرات آلاف الأرواح في اليمن بذريعة (شرعية هادي) اللائذ بأربابه الإقليميين والدوليين في مواجهة (ثورة شعبية) يقر بها (الدهمشي) بمستوى جيد، وإزاء القبول بتداعياتها الطبيعية..
لا خير في توجيه النقد للجان الثورية والشعبية.. بل إن ذلك محبذ ومطلوب ما دام يستهدف تصويب مسارها في سياق المجابهة التي يخوضها شعبنا اليمني وقواه الوطنية الثورية والسياسية ضد العدوان، إلا أن (السيد الدهمشي) لا يستظل بعنوان (المجابهة) الناظم لمواقف الوطنيين في اللحظة الراهنة، وإنما ينطلق في مقاربته من نفسية راثية "لشرعية هادي" ونزعة شوفينية تعمد إلى تجريد حركة "أنصار الله" من الصفة الرسمية التي اختارتها لمكونها، فتصبح في تسميته لها مجرد (الحوثي والحوثيين) ويلجأ لمخاطبة (عبدالملك الحوثي) بـ(الأخ) إمعاناً في تحقيق (مساواة) لا تتحقق في قاموسه إلاَّ بتجريد (الحوثي) من صفة (السيد) أو لعل صفة كهذه تنكأ في دخائله جرح إحساس غائر بالعبودية.. 
صديقي الكاتب والمفكر عبدالله الدهمشي، لن أمنحك دليلا يعوز وعيك التجريدي لإثبات هواجسه وتوجساته العصابية.. اقرأ مقالتك كما وردت بخط يمينـ(ك) هنيئاً مريئاً. 

أترك تعليقاً

التعليقات