وليمة قذرة
 

رئيس التحرير - صلاح الدكاك

صلاح الدكاك / لا ميديا -
شرعت عصابات ما يسمى «الثورة السورية» منذ 2011 باستهداف منظومات الدفاع الجوي السورية واغتيال كوادر الصناعة الصاروخية كترجمة لتوجه صهيوأمريكي مبكر. وبانكشاف السماء السورية باشر العدو الصهيوني بضرباته الجوية التي لم تتوقف. وما يحدث اليوم هو استمرار للمخطط ذاته، وهو الإجهاز على الدولة السورية كلياً وبكامل ما راكمته من قدرات عسكرية طيلة عقود.
إنه تقليم أظافر شامل تستلزمه مرحلة الدخول في التبعية والعبودية المطلقة للمعسكر الأمريكي، الذي تكتمل فصوله بوقوع سورية تحت سيطرة لفيف العصابات التنفيذية للمشروع الصهيوأمريكي.
لن يظل في سورية سلاح استراتيجي يهدد العدو. فقط سيظل ما يكفي من سلاح خفيف ومحدود يعاد تدويره لتغذية الاقتتال الداخلي البيني تحت يافطات طائفية وتمزيق وحدة سورية الديمغرافية والاجتماعية.
الذي استُهدف بالإسقاط ليس النظام، بل الدولة السورية. والفرصة اليوم سانحة أمام كيان العدو لقضم واحتلال المزيد من الأراضي السورية جنوباً، وأمام الخازوق العثماني لقضم واحتلال الأراضي السورية شمالاً بزعم «حماية الأمن القومي الإسرائيلي - التركي» في ظل «الفوضى الخلاقة» المخطط لها، والتي اكتملت حلقاتها اليوم. أما سورية فلا أمن قومياً لها، فقد باعها قومها وتواطأت عليها «بلاد العُرب أوطاني»!
بإسقاط الدولة السورية بات العدو في حِلٍّ من كل المكابح القانونية الدولية التي كانت تغل يديه وترغمه على تقنين عدوانه، وباتت سورية مشاعاً للجذام والبرص وللعثمنة والصهينة والسعودة...
إنها «سورية الحرة»، طبقاً للمفهوم الأمريكي، بلا أظافر ولا كرامة ولا مشروع كبير ولا ملامح ولا طلقة رصاص تحشوها في بندقية المقاومة في فلسطين، فضلاً عن صاروخ أو قاذف كورنيت!
إن صمود غزة لأكثر من عام، وصمود حزب الله، هو في بعض أبرز أسبابه حصيلة للدعم السوري اللا محدود.
إننا لا ننعى الأسد هنا؛ فهو اختار هذه النهاية بحساباته الخاصة، ولا أسف عليه؛ وإنما ننعى مشروعاً عربياً سامقاً جرى تقويضه، وبلداً ودولة كانت تناكب دول ما يسمى العالم الثاني - صناعة وفكراً وإنتاجاً ببصمة عربية خاصة ومائزة.
وإذا كان هناك من ينبغي أن نهنئه بهذه الكارثة والنكبة فهو كيان العدو ذاته؛ فهنيئاً مريئاً نتنياهو كل هذا النتن العربي الذي وسّد أندلس الشرق بين يديك تنهشها كما تشاء! وهنيئاً لخازوق التكايا العثمانية! ولا عزاء للعرب المهللين حول الوليمة القذرة!

أترك تعليقاً

التعليقات