رئيس التحرير - صلاح الدكاك

في ذكرى عاشوراء وفي رأس السنة الهجرية وفي ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي، كما في ذكرى 21 أيلول و 14 أكتوبر وجملة التواريخ الفارقة لشعبنا اليمني وأمتينا العربية والإسلامية، تعيد خطابات السيد عبدالملك الحوثي، اللُّحمة لسياقات تاريخية أرادت لها الدوائر المعرفية لمركز الهيمنة العالمية أن تبقى مبتورة ومجزأة ومفصومة العُرى بما يجعل من نضالات شعوب المنطقة تجديفاً خارج نطاق الواقع الموضوعي وخارج مجراه فتصب تلك النضالات والجهود والدماء - ختاماً- في الوجهة المضادة لمصالح الشعوب ولجهة تأبيد الهيمنة عليها من قبل قوى الاستكبار التي تتولى حصرياً صياغة التاريخ وإنتاج روايتها الخاصة عنه..
لا تعود اللحظة الراهنة زمنياً مقطوعة الصلة بلحظة خروج الإمام "الحسين" والإمام "زيد بن علي" على حظائر تعبيد البشر للبشر واستئصال ذواتهم الحية وألسنتهم تحت رهاب السيف والنطع..
ولا يعود نضالنا كشعوب في مواجهة الاستكبار ذاته غريباً ونشازاً على سياق واقعنا الموضوعي والذاتي، بل استمرارٌ إيجابيٌ لمحطاته المشرقة ورصيده الإنساني الثوري، إذ أن أي تحول نوعي ننشده في واقعنا الراهن يستحيل تحققه إلا بالمراكمة على ذلك الرصيد وتلك المحطات.
إن "العدل حاجة إنسانية وفريضة إلهية" يقول السيد عبدالملك الحوثي، وهكذا فإن التفريط في هذه الحاجة والفريضة هو تفريط في "الكرامة" التي خص بها الخالق بني آدم، وهو عبودية لقوى الظلم والاستبداد والاستكبار والفساد، يتذرع البشر في رضوخهم لها بخوفهم من عواقب رفضها، مصداقاً لمقولة "الإمام زيد": من أحب الحياة عاش ذليلاً..
يأتي خطاب السيد عبدالملك بصدقيَّته وعمق استشرافه لتخوم اللحظة البعيدة، مسنوداً بوقائع اللحظة الراهنة الساطعة والجلية من حيث دلالتها على صورة المستقبل، في حال تنصل شعبنا اليمني وشعوب العالمين العربي والإسلامي عن مسؤولياتهم الإنسانية والوطنية والدينية في مجابهة مساوئها..
إنها لحظة راهنة مثخنة بعدوان صارخ وصفيق لا يستهدف مكوناً دون آخر ولا قُطراً عربياً أو إسلامياً دون قُطر.. عدوان صهيوني أمريكي بلبوس عربية إسلامية ودعاوى تجعل من الاحتلال "تحريراً" ومن قوى الارتزاق والعمالة له "قوى مقاومة".
وهي وقائع من السفور بحيث لا تحتمل التأويلات المخاتلة لطبيعتها ولا النكران.
خطاب سيد الثورة لا يستنهض همم النائمين والمنوَّمين على تماس الكارثة فحسب، وإنما يرسم خارطة المهام والأدوار للقوى المرابطة في خنادق مجابهة "تشابالا العدوان السعودي الصهيوأمريكي"، من "باب المندب" إلى "عسير ونجران وجيزان" ومن "الوازعية" إلى "صحن الجن"، علاوةً على إشراقاته الكاشفة لتماس المجابهة المديد عربياً وإسلامياً.
إن اليد المبسوطة لسِلم يحقق إرادة شعبنا اليمني في حرية واستقلال كاملين، تقابلها يدٌ فولاذية تحفر حروف صك الحرية والاستقلال على الصخر ولا تتسول نهاية ذليلة للحرب على عتبات مجتمع دولي منافق.
إن غصن الزيتون يبرعم من فوهات بنادق الرجال في ميدان الجهاد والبذل، وينبت من طينة خنادق الشرف زاكياً مخضلاً ومروياً بدم أنبل البشر، لا بمداد تلافي المجابهة بقبول الذل والدنيَّة.
 كل أيامنا أيلول.. وكل تواريخنا ثورة.
تلك هي رسالة سيد الثورة في ذكرى استشهاد الإمام زيد.

أترك تعليقاً

التعليقات