رئيس التحرير - صلاح الدكاك

صلاح الدكاك / لا ميديا -

بقراءة غير نهائية لـ«مراسيم الاستقبال الناسفة» في مطار عدن لا يعدم القارئ الموضوعي أبعاداً جلية في الواقعة التي قتلت وأصابت 150 مواطناً بريئاً وبسطت سجادة حمراء من أشلائهم ودمائهم عبر فوقها دمى تحالف العدوان الفندقية وصولاً إلى فندق محلي مؤقت اسمه «المعاشيق».
باشر معدو ومخرجو ومنفذو المجزرة تزويد حيرة الرأي العام المصدوم ببضع روايات تشير أصابع الاتهام فيها إلى كل اتجاه عدا تحالف الاحتلال الأمريكي السعودي الإماراتي كمدير تنفيذي لكل تفاصيل جحيم الخراب والدمار والانفلات الذي تعيشه الجغرافيا المحتلة.
هدف المخرج إلى تعميق الاقتتال عبر روايتين عن طبيعة القاتل المتهم خلف المجزرة؛ الأولى "الانتقالي فعلها" وهذا يعني تمزيق مجتمع عدن المحتلة الممزق بالمزيد من الاحتراب، والأخرى "الحوثي فعلها" توجيه السخط بعيداً عن الأدوات العميلة وتحالف أربابها.
وأما الهدف من الروايتين فهو إعدام الحراك الشعبي المتنامي على خلفية استعار جحيم الفوضى والانفلات الأمني والانهيار المعيشي الممنهجين، وتأمين مناخ مؤاتٍ لنشاط «أمريكا، بريطانيا والكيان الصهيوني» المثابر للتموقع على ضفاف العربي والمحيط الهندي من الجزر اليمنية المحتلة (سقطرى وميون تحديداً).
الحكومة الفندقية التي تعود إلى عدن بدعوى ضبط الوضع الأمني ومعالجة المشكلات المعيشية وانهيار العملة ودفع الرواتب بانتظام وتوفير الخدمات، ستعود إلى الفنادق متذرعة بالدعوى ذاتها باتجاه معاكس، وهي عدم استقرار الوضع الأمني، وهذا أحد الريوع المنظورة لمجزرة مفتعلة.
البعد غير المنظور في هذه المجريات كتكتيك مقصود للاحتلال، يبقى محاولة فرض حكومة الدمى هذه كطرف يمني مقابل للطرف الوطني في العملية التفاوضية الأممية المحتملة، بما يتيح لدول العدوان الخليجية وأمريكا وبريطانيا من ورائها التنصل من حقيقة كونها المدير التنفيذي للعدوان وصاحب القرار والمصلحة فيه، كما والاستمرار في حصار وتجويع جغرافيا السيادة الوطنية بغية انتزاع صك تنازلات مبدئية من صنعاء.
غير أن صنعاء العصية على التركيع توارب رداً عسكرياً رادعاً سيغير موازين الاشتباك في العام الجديد، على طريق الخيار الاستراتيجي المتمثل في قاعدة أن استعادة السيادة كاملة على التراب الوطني وتحقيق الاستقلال يمر عبر فوهة البندقية المقاومة التي تتجاوز البهلوانات المحلية في عمليات الردع وتضرب عُقر دول وممالك العدوان وشركائه واضعة الصراع في خندقه الحقيقي بمعزل عن الانزلاق إلى اقتتال أهلي يدفع المديرُ التنفيذي إليه بمثابرة.
في سياق لصيق تبدي صنعاء انفتاحا جدياً على دعوات الحوار بشرط إنهاء كامل الحصار القائم والمطبق على جغرافيا السيادة بحراً وجواً وبراً والوقف الفوري للعدوان ومن ثم الذهاب لتفاوض مباشر مع أصحاب القرار والمدير التنفيذي للعدوان لا مع بهلواناته الفندقية العاجزة عن مزاولة شرعيتها المزعومة على حيز ترابي يمني بمساحة متر في متر.
الجنوب وكامل الجغرافيا المحتلة موعودون بجحيم  حقيقي كتراب مجاني مستسلم يزاول عليه المدير التنفيذي تجاربه دون خشية من ردات فعل، وقد كان بروز الكيان الصهيوني إلى ضوء مشهد الاحتلال  والعدوان في اليمن عبر «التطبيع» أبرز اختبار للرأي العام العربي والإسلامي الذي استفرغ سخطه في بضع تظاهرات ثم عاد إلى مخدع الخنوع، وكذلك الحال بالنسبة لردة فعل شعبنا في الجنوب المحتل للأسف.
أمكن للمدير التنفيذي الأمريكي تأمين غطاء من الغيبوبة للكيان الصهيوني ونشاطه المباشر في واجهة المشهد، ويعمل اليوم على تقوية نسيج هذا الغطاء السادر بتعميق الفوضى في الجنوب، الأمر الذي يعني أن شعبنا في الأراضي المحتلة أمام خيارين وجوديين بلا ثالث: تفجير التراب تحت أقدام الاحتلال والنجاة من جحيمه المفتعل أو مواصلة البيات في مخدع الخنوع ودفع أثمان باهظة تصاعدية لن تقف عند حدود تفجير في صالة انتظار بمطار عدن، بل ستتعدى ذلك إلى الإجهاز على كامل الوجود الشعبي الخانع بلا رحمة صوب ضمان جغرافيا ميتة يعيد الكيان الصهيوني إحياء عوامل بقائه فيها على أنقاض مجاميع السذج.

أترك تعليقاً

التعليقات