وعد الآخرة.. اليمن يُجدّد عهد الأنصار
- محمد العفاري الأحد , 26 يـنـاير , 2025 الساعة 12:03:45 AM
- 0 تعليقات
محمد العفاري / لا ميديا -
في خضمّ الأحداث المتسارعة التي تشهدها منطقتنا والعالم، يطلّ علينا نورٌ من كتاب الله العزيز، يُضيء لنا الدرب ويكشف لنا عن سنن الله في خلقه، ويُبشّر بنصرٍ قريب.
إنّ الآيات الكريمة من سورة الإسراء، التي تتحدّث عن وعدَي بني إسرائيل، تُشكّل نبراساً نهتدي به في فهم ما يجري، ونستلهم منها العبر والعظات.
نتأمل اليوم في قوله تعالى: «فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا».
هذا وعدٌ قديم، وقضاءٌ حكيم، تحقق في زمن النبي الكريم، حين أذل الله اليهود، وأخرجهم من ديارهم شر طريد.
ولكن، من هم هؤلاء «العباد أولي البأس الشديد»؟!
إنهم ليسوا مجرد قوة عسكرية، بل هم صفوة مختارة، اصطفاهم الله لنصرة دينه، وإعلاء كلمته.
إنهم المؤمنون المخلصون، الذين باعوا أنفسهم لله، فاستحقوا وصف «عباداً لنا».
وعند البحث في القرآن الكريم، فقد ورد وصف «أولي بأس شديد» في موضع آخر من القرآن الكريم، في سورة النمل، في قولة تعالى: «قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ»، ليصف أهل اليمن، الذين منهم الأنصار، الذين نصروا رسول الله وآووه، فكانوا بحق «أولي بأس شديد» في نصرة الحق ودحر الباطل.
ثم يعود السياق ليخبرنا عن عودة اليهود، واستعادة نفوذهم: «ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا». وكأنَّ الآية ترسم لنا واقعاً نعيشه اليوم، سيطرة مالية، وقوة إعلامية، وتأثير عالمي.
ولكن الله لا يتركهم في غيهم، بل يذكرهم بعاقبة بغيهم: «إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا».
فالحساب آتٍ، والجزاء واقع، لا يضيع عند الله مثقال ذرة. فمهما بلغت قوتهم، فلن يفلتوا من قبضة العدل الإلهي، فوعد الله قادمٌ لا محالة.
فهنا يأتي الوعد الآخر، الفصل الحاسم: «فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْـمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا». وعدٌ يلوح في الأفق، وبشائره قد صدقت.
فها نحن اليوم نشهد طلائع هذا الوعد الآخر، فقد بدأت بوادر النصر تلوح في الأفق، مع «طوفان الأقصى» الذي أساء وجوه اليهود، وكشف زيف قوتهم، وأظهر ضعفهم وهوانهم.
لقد رأينا كيف أثرت العمليات العسكرية المباركة، التي انطلقت من اليمن، بقيادة السيد القائد عبدالملك الحوثي، حفظه الله، على معنويات العدو، وأحدثت في صفوفهم رعباً وهلعاً.
فهنا، تحقق الشطر الاول من الوعد: «لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ»، وهذا هو نصر الجولة الأولى من «طوفان الأقصى».
«طوفان الأقصى»، الذي زلزل الكيان، وأظهر ضعف البنيان، كان بداية النهاية، ونذير الهزيمة والخيبة.
أيها الإخوة، أليس في هذا عبرة؟! أليس في هذا بصيرة؟! من هم اليوم الذين يقفون في وجه الطغيان؟! من هم الذين يرفعون راية الإيمان؟!
من هم الذين يسطرون أروع البطولات في ميادين النزال؟! أليسوا هم أحفاد الأنصار، وأبناء المهاجرين، الذين تربوا على نهج النبوة، وساروا على درب الولاية؟!
أجل، إنهم هم، أولئك الذين وصفهم الله بـ»عبادًا لنا أولي بأس شديد». هم اليوم، كما كانوا بالأمس، قوة الحق، وصوت العدل، وسيف الانتقام. وفي طليعتهم، قائدٌ رباني، وهب حياته لله، ووقف في وجه الظالمين. إنه السيد القائد عبد الملك الحوثي، حفظه الله ورعاه، وأيده بنصره وأعانه.
فلتستبشروا بنصر الله، ولتثقوا بوعده، فإن الفجر قريب، والنصر آتٍ، بإذن الله تعالى.
وسيعود المسجد الأقصى، وسيزول الباطل، ويزهق الكذب، ويبقى الحق، ويعلو صوت المؤمنين.
هذا وعد الله، ولن يخلف الله وعده.
المصدر محمد العفاري
زيارة جميع مقالات: محمد العفاري